غزة تحت حصار إعلامي ممنهج: إسرائيل تستهدف الصحفيين وتطمس الحقائق في انتهاك صارخ للقانون الدولي


هذا الخبر بعنوان "غزة تحت الحصار الإعلامي.. سياسة إسرائيلية ممنهجة لإسكات الشهود وطمس الحقيقة" نشر أولاً على موقع sana.sy وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
لم تكتفِ إسرائيل بتحويل قطاع غزة إلى منطقة منكوبة وساحة حرب مفتوحة للموت والدمار والنزوح، بل تجاوزت ذلك بفرض تعتيم إعلامي ممنهج. هذا التعتيم، الذي يُعد خرقاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، يهدف إلى عزل القطاع عن أعين العالم، جاعلاً الحقيقة ضحية إضافية في سياق حرب الإبادة المستمرة.
منذ بدء التوغل البري الواسع فجر السابع والعشرين من تشرين الأول، قبل أكثر من عامين، أصبح العمل الصحفي هدفاً مباشراً لإجراءات منظمة. هذه الإجراءات تنتهك التزامات سلطات الاحتلال بموجب اتفاقيات جنيف، خصوصاً ما يتعلق بحماية المدنيين والصحفيين.
في ظل تصاعد التقارير الدولية التي توثق حجم الدمار والخسائر البشرية في صفوف المدنيين، شددت سلطات الاحتلال قيودها على التغطية الإعلامية. لقد منعت الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة، بهدف عرقلة التوثيق المستقل للانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أكدت جودي جينسبيرغ، رئيسة لجنة حماية الصحفيين، أن إسرائيل اعتمدت خلال العامين الماضيين إجراءات غير مسبوقة للسيطرة على السرد الإعلامي في غزة. شملت هذه الإجراءات اغتيال الصحفيين الفلسطينيين، واستهداف المؤسسات الإعلامية، وفرض الحظر على التغطية المستقلة. وتُصنف هذه الممارسات، وفق القانون الدولي الإنساني، كانتهاكات جسيمة، حيث يتمتع الصحفيون بوضع المدنيين ويجب أن يحظوا بحماية كاملة أثناء النزاعات المسلحة.
وفقاً لتوثيق مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين، قُتل أكثر من 60 صحفياً وعاملاً في المجال الإعلامي منذ مطلع عام 2025. وقد ارتفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ بدء حرب الإبادة في السابع من تشرين الأول 2023 إلى 257 صحفياً، وذلك رغم سريان وقف إطلاق النار الحالي، مما يشير إلى استمرارية سياسة الاستهداف المنهجي الخطيرة. علاوة على ذلك، دمّر الاحتلال أكثر من 250 مؤسسة إعلامية، في انتهاك واضح لحظر استهداف المؤسسات والهياكل المدنية. وتوسعت دائرة الاستهداف لتطال عائلات الصحفيين، حيث قُتل أكثر من 650 من أقاربهم، وهو ما يُعد عقاباً جماعياً محظوراً بموجب القانون الدولي الإنساني.
إلى جانب الاستهداف الميداني، تتبع حكومة الاحتلال سياسة تعطيل قانوني ممنهج. يتجلى ذلك في تأجيل الرد على الالتماسات التي تقدمت بها رابطة الصحفيين الأجانب للسماح بدخول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة. هذه المماطلة تهدف إلى عرقلة آليات المساءلة ومنع جمع الأدلة التي قد تُستخدم في التحقيقات الدولية بشأن الجرائم المرتكبة. وتؤكد التقارير أن هذه التأجيلات المتكررة، التي تتم دون مبررات قانونية جدية، تسهم في تكريس الإفلات من العقاب وتقويض حق الضحايا في الحقيقة والعدالة.
في ظل هذا الحصار الإعلامي، أصبح الصحفيون الفلسطينيون المصدر الأساسي لنقل ما يجري داخل قطاع غزة، وفقاً لما أكده المركز الفلسطيني للإعلام في غزة. ومع ذلك، يتم هذا العمل في ظروف تشكل انتهاكاً صارخاً لضمان حماية المدنيين، حيث يواجه الصحفيون مخاطر جسيمة تشمل القصف المباشر وإطلاق النار وتدمير المنازل ومقار العمل، بالإضافة إلى الخسائر التي طالت عائلاتهم. يشير هذا السياق إلى استهداف مباشر وغير مباشر للعمل الإعلامي، يرقى إلى مستوى الجريمة بموجب القانون الدولي.
طالب اتحاد البث الأوروبي السلطات الإسرائيلية بالسماح الفوري للصحفيين الأجانب بالوصول الحر والكامل إلى قطاع غزة، خاصة بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في العاشر من تشرين الأول الجاري. وأكد الاتحاد أن القيود المفروضة تقوّض مبادئ حرية الإعلام والشفافية والمساءلة العامة، وهي مبادئ محمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وشدد الاتحاد على أن التذرع بالأسباب الأمنية لم يعد مبرراً قانونياً، إذ يؤدي الصحفيون دوراً أساسياً في نقل الحقيقة والتحقق من المعلومات وتوثيق الأوضاع الإنسانية.
من جهته، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تمكين الصحفيين ووسائل الإعلام الدولية، ولجان تقصي الحقائق والتحقيق الدولية، من الوصول الحر وغير المشروط إلى قطاع غزة، معتبراً ذلك شرطاً أساسياً لتوثيق جرائم الإبادة وضمان محاسبة المسؤولين عنها. وكانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين قد أكدت في بيان لها أن العام الجاري شهد ذروة الاستهداف الدموي الممنهج بحق الصحفيين في فلسطين. وأظهرت بيانات الرصد والتوثيق التي جمعتها اللجنة أن قطاع غزة يُعد الأخطر عالمياً على الصحفيين، خصوصاً في مناطق غزة وخان يونس ودير البلح والنصيرات وجباليا ورفح، حيث تركزت اعتداءات قوات الاحتلال على خيم الصحفيين وأماكن تجمعاتهم.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة