رفض أمريكي لطلب إسرائيلي بالإبقاء على عقوبات سوريا: خسارة ورقة تفاوضية وتعهد بتعويض


هذا الخبر بعنوان "إسرائيل تخسر ورقة العقوبات الأمريكية في الملف السوري" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
كشفت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن جانب جديد من التدخلات الحكومية الإسرائيلية في الشأن السوري، والتي لا تقتصر على التوغلات العسكرية اليومية في الجنوب السوري، من اقتحام قرى وبلدات في محافظة القنيطرة ومناطق من الريف الغربي لمحافظة درعا، مرورًا بحملات التفتيش وإقامة الحواجز وقطع الطرقات وعمليات اعتقال الشبان. هذا الجانب الجديد يتمثل في محاولة التأثير على القرار الأمريكي المتعلق برفع العقوبات عن سوريا. وقد أوضحت الهيئة أن الإدارة الأمريكية رفضت طلبًا إسرائيليًا بالإبقاء على جزء من العقوبات المفروضة على سوريا.
ونقلت هيئة البث عن مصدرين إسرائيليين، بتاريخ 20 من كانون الأول الحالي، أن إسرائيل سعت لدى مقربين من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإبقاء جزء من العقوبات كورقة تفاوضية مستقبلية. إلا أن الإدارة الأمريكية رفضت هذا الطلب، متعهدة بتقديم تعويض مقابل الرفض، دون الكشف عن طبيعة التعويض أو مجالاته، سواء كانت سياسية أو أمنية. وأشارت هيئة البث إلى أن الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قبل مقربين من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على الرغم من الجهود التي بذلتها أطراف مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتأثير على القرار.
جاء الكشف عن هذا الطلب الإسرائيلي بعد أيام قليلة من توقيع الرئيس الأمريكي على موازنة الدفاع الأمريكية في 19 من كانون الأول، والتي نصت على إلغاء قانون "قيصر"، وبالتالي رفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا. هذا التوقيع جاء بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي في 17 من كانون الأول لصالح المشروع النهائي لقانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026، المتضمن إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون "قيصر"، وذلك بعد أيام من تصويت مجلس النواب على المشروع في 10 من الشهر ذاته.
يسعى "عنب بلدي" لاستقراء أبعاد الطلب الإسرائيلي وأهدافه، وأبرز الاستنتاجات من الرفض الأمريكي، والسيناريوهات المتوقعة للتعويض الأمريكي الموعود، بالإضافة إلى الخطوات المطلوبة من الحكومة السورية لمواجهة مخططات إسرائيلية مشابهة مستقبلًا.
الهدف من الطلب وأسباب الرفض
يرى الكاتب الصحفي فراس علاوي أن إسرائيل تهدف من محاولتها الإبقاء على العقوبات ضد سوريا إلى إبقاء الحكومة السورية ضعيفة ومرتهنة اقتصاديًا وسياسيًا للجهات الخارجية، مما يجعلها عاجزة عن امتلاك أوراق قوة في مفاوضاتها مع إسرائيل. ويضيف علاوي أن بقاء العقوبات الأمريكية سيمنع الحكومة السورية من بناء وتطوير جيشها، وهو ما يمثل هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل. من جانبه، يعتقد الباحث في مركز "جسور" وائل علوان أن إسرائيل تسعى لاستمرار العقوبات الأمريكية على سوريا لإبقائها مفككة وضعيفة ومنهارة تمامًا، وحرمانها من فرصة البناء والنهوض مجددًا.
ويعزو الباحث وائل علوان أسباب الرفض الأمريكي للطلب الإسرائيلي إلى إدراك الولايات المتحدة الأمريكية لخطورة إبقاء سوريا ضعيفة أو مفككة بفعل العقوبات. هذا الإدراك دفع واشنطن نحو ترسيخ الاستقرار السوري، بهدف منع أي محاولات إيرانية للتغلغل مجددًا في سوريا عبر أذرعها الإقليمية، وهو ما قد يؤدي إلى عودة الفوضى ويشكل خطرًا على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وأوضح علوان أن هذا يمثل محور الخلاف الأمريكي-الإسرائيلي في الملف السوري، مشيرًا إلى ثقة الولايات المتحدة الكبيرة بتوجهات وسياسات الحكومة السورية، بينما تكمن المشكلة في إسرائيل وحكومة نتنياهو تحديدًا، التي تمثل اليمين المتطرف. وأضاف علوان أن الحكومة الإسرائيلية لا تفتقر إلى الثقة بالحكومة السورية فحسب، بل تتبع سياسات لا تتوافق مع مصالحها ومصالح الولايات المتحدة وحلفائها في استقرار المنطقة. ونتيجة لهذه السياسة الإسرائيلية، يرى علوان أن حكومة نتنياهو ساهمت في زيادة الفوضى في سوريا بعد سقوط النظام، وعملت على إغراق المنطقة بالفوضى والمواجهات والتجاذبات الكبرى، مما يضر بمصلحة سوريا والمنطقة بأكملها ويشكل تهديدًا لدولها كافة.
في المقابل، يرى فراس علاوي أن رفض الولايات المتحدة للطلب الإسرائيلي يأتي ترسيخًا لسياسة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في المنطقة، والتي تركز على دعم الاستقرار، بما في ذلك سوريا كإحدى ركائزه. ويشير علاوي أيضًا إلى أن الرفض الأمريكي يعكس تراجعًا في السياسة الأمريكية السابقة التي كانت تدعم فكرة سيطرة القوة الأحادية المطلقة لإسرائيل في الشرق الأوسط.
السيناريوهات المطروحة للتعويض
يعتقد الباحث وائل علوان أن التعويض الذي وعدت الإدارة الأمريكية بتقديمه للحكومة الإسرائيلية، بعد رفض طلبها بالإبقاء على العقوبات ضد سوريا، يتمثل في معالجة السياسة الإسرائيلية القائمة على السعي لتفكيك سوريا، وذلك بسبب مخاوفها من أي تهديد سوري مستقبلي لإسرائيل. ويرى علوان أن معالجة الولايات المتحدة لهذه المخاوف الإسرائيلية تتضمن تقديم ضمانات أمريكية بعدم وجود أي خطر على إسرائيل أو مصالحها من جانب الحكومة السورية، بالإضافة إلى تعهد أمريكي بمواجهة أي تهديد محتمل لإسرائيل ينطلق من الأراضي السورية. وأشار علوان إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لتحقيق توازن بين رغبتها في رؤية سوريا قوية بالقدر الذي يمكنها من منع المخططات الإيرانية للعودة إلى الساحة السورية، وفي الوقت نفسه ضعيفة بالقدر الذي يمنعها من تشكيل أي تهديد لإسرائيل مستقبلًا، موضحًا أن هذه المقاربة قد تكون أحد أشكال التعويض الأمريكي.
من جانبه، ذكر الكاتب الصحفي فراس علاوي أن التعويض الأمريكي سيكون على جانبين: الأول اقتصادي، يشمل دعمًا ماديًا وعسكريًا ولوجستيًا للحكومة والجيش الإسرائيلي. أما الجانب الثاني، فسيركز على منح الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو لمواصلة استراتيجيتها في محاربة أذرع إيران في المنطقة.
ما المطلوب سوريًا؟
لمواجهة أي مخطط إسرائيلي مستقبلي من هذا النوع، يرى الكاتب الصحفي فراس علاوي أن المطلوب من الحكومة السورية هو توسيع آفاق علاقاتها وترسيخها مع الأطراف الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية. هذا من شأنه أن يضمن لها قوة المشاركة في القرار والاستقرار الإقليمي، ويفرض نفسها كطرف مؤثر لا يمكن تجاوزه في السياسة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط.
بدوره، يرى الباحث في مركز "جسور" وائل علوان أن المطلوب من الحكومة السورية لمواجهة المخططات الإسرائيلية يتمثل في تقديم ضمانات كافية للسلم والاستقرار الأهلي، ومنع عودة إيران إلى الساحة السورية. كما يؤكد على ضرورة تقديم دمشق ضمانات إضافية بعدم انطلاق أي تهديد من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل. ونوه علوان إلى أن الحكومة السورية تدرك اليوم أهمية هذه المقاربة وضرورتها، مشيرًا إلى جديتها في العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار وعدم الاشتباك، لأنها لا ترغب في العودة إلى المواجهات والحروب على المدى المنظور والمتوسط والبعيد. ويعزو علوان هذا الرأي إلى الإرهاق الذي أصاب الشعب والحكومة السورية جراء سنوات الحرب الماضية، فالحكومة السورية، بحسب علوان، تسعى إلى مسار مختلف عن المواجهات والحروب، من خلال التنمية وتطوير سوريا وازدهارها، وتحويل البلاد إلى ممر للتجارة والطاقة العالمية. ويضيف أن الحكومة السورية لا تطرح هذا الأمر كشعارات إعلامية، بل من منطلق مصلحتها ومصلحة الشعب السوري.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة