كتاب "روايات نساء عربيات من جيل السبعينيات": تحليل معمق لكسر الهيمنة السردية في سياق مضطرب


هذا الخبر بعنوان "“روائيات عربيات من جيل السبعينيات”.. كسر الهيمنة في سياق مضطرب" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
صدر عن المجلس العربي للعلوم النقدية عام 2025 كتاب "روايات نساء عربيات من جيل السبعينيات"، الذي يقدم قراءة معمقة لإحدى أهم المراحل المحورية في مسيرة الرواية العربية. شهدت هذه المرحلة بروز أصوات نسائية تمكنت من فرض حضورها السردي بقوة، وذلك في خضم سياق ثقافي وسياسي مضطرب. يشارك في إعداد هذا الكتاب عدد من النساء العربيات، وهو لا يهدف إلى مجرد الاحتفاء الخطابي بالكتابة النسائية، بل يسعى إلى مساءلة جادة لدورها الحقيقي، وحدود تأثيرها، وإسهامها الفعلي في إعادة تشكيل بنية الرواية العربية الحديثة.
يركز الكتاب بشكل خاص على جيل السبعينيات، الذي تشكل وعيه في ظل تحولات كبرى أعقبت هزيمة عام 1967. انعكس الإحباط السياسي والانكسار الجمعي لتلك الفترة على المشهد الأدبي برمته، وعلى الرواية النسائية تحديدًا. لم تكن الكاتبات العربيات في هذه المرحلة بمعزل عن السياق العام، بل عبّرن عنه من منظور مختلف، محوّلات التجربة الفردية والأنثوية إلى بوابة لفهم الواقع العربي الأوسع.
من المحاور الأساسية التي يتناولها الكتاب تحليل السياق التاريخي والثقافي الذي نشأت فيه هذه الروايات. يؤكد الكتاب أن ظهور الصوت النسائي لم يكن حدثًا معزولًا، بل كان نتيجة تراكمية لتحولات اجتماعية وتعليمية مهدت الطريق للمرأة لدخول فضاء الكتابة والنشر. في هذا الإطار، يناقش الكتاب تقاطع الكتابة السردية مع الأسئلة الكبرى المتعلقة بالهوية، والحرية، والانتماء.
كما يولي الكتاب اهتمامًا خاصًا بتشكل الصوت السردي النسائي، معتبرًا أن جيل السبعينيات قدم سردًا كسر هيمنة الصوت الواحد. اعتمد هذا السرد على ضمير المتكلم وتعدد وجهات النظر، بوصفها أدوات فنية تعبر عن رغبة في استعادة الحكاية من مركز السلطة الذكورية. لم يكن هذا التحول في الصوت تقنيًا فحسب، بل حمل موقفًا فكريًا عميقًا من العالم ومن بنية المجتمع.
يبرز محور الجسد والذات كأحد أكثر المحاور حساسية، حيث يناقش الكتاب كيف تحول الجسد الأنثوي إلى مساحة رمزية للصراع مع القمع الاجتماعي، وحدود الحرية، والتقاليد الصارمة. فالكتابة عن الجسد هنا لا تمثل وصفًا مباشرًا، بل أداة لكشف البنى الخفية للهيمنة. ويتوقف الكتاب أيضًا عند حضور المدينة والفضاء الاجتماعي في هذه الروايات، حيث تظهر المدينة كمكان قلق ومتناقض، يجمع بين الوعد والخذلان، ويؤثر بعمق في تشكيل وعي الشخصيات ومساراتها.
على المستوى الفني، يناقش الكتاب التجريب السردي لدى كاتبات السبعينيات، من خلال تفكيك الزمن الخطي، واستخدام الاسترجاع، واليوميات، والرسائل، في محاولة لكسر القوالب الروائية التقليدية التي لم تعد قادرة على احتواء التجربة الجديدة. ويختتم الكتاب بمناقشة التلقي النقدي لهذه الأعمال، مشيرًا إلى أن اختزالها في خانة "الأدب النسوي" أسهم في تهميش قيمتها الجمالية والفكرية. يدعو الكتاب إلى إعادة قراءة هذه الروايات بوصفها جزءًا أصيلًا من تطور الرواية العربية، لا هامشًا عليها. يشكل هذا الكتاب محاولة جادة لإعادة الاعتبار لجيل روائي نسائي أسهم بعمق في توسيع أفق السرد العربي، وفتح مسارات جديدة للكتابة والرواية.
ثقافة
ثقافة
ثقافة
ثقافة