مسرحية "عرس مطنطن" تعيد البيئة الشامية الأصيلة إلى خشبة مسرح موسم الرياض بمشاركة سورية أولى

شهدت فعاليات موسم الرياض أول مشاركة لمسرح سوري من خلال مسرحية "عرس مطنطن"، التي أعادت البيئة الشامية إلى خشبة المسرح بوصفها مادة فنية غنية قابلة لإعادة القراءة. تنطلق المسرحية من حدث اجتماعي بسيط، وهو عرس يقام في أحد أحياء دمشق القديمة، لتبني عليه شبكة معقدة من العلاقات والتفاصيل اليومية التي تكشف عن بنية المجتمع المحلي وقيمه التقليدية المتجذرة في التكافل والكرم والشهامة. يتجاوز العرس في المسرحية كونه مجرد احتفال، ليصبح حدثًا رمزيًا يفتح المجال أمام كشف عمق الشخصيات وتحولاتها، حيث تتشكل ملامحها بين الفرح والتوتر، والرغبة والخوف، مقدمةً شخصيات نابضة بالحياة، لكل منها حكايتها الخاصة التي تندمج في السرد الأكبر. يقدم العرض استحضارًا للذاكرة الجمعية ويعيد تقديمها برؤية مسرحية معاصرة، مخاطبًا الجمهور بلغة قريبة تعيد الحنين لأجواء دمشق التراثية ورمزيتها البصرية اللافتة، على خشبة مسرح حملت الكثير من روح الشام وتفاصيلها الأصيلة.

يؤدي الفنان قصي خولي دور "أبو صخر"، الشخصية المحورية التي تدور حولها الأحداث، ممثلًا لسلطة اجتماعية غير رسمية داخل الحارة. وقد أكد خولي أن المسرحية قُدمت بروح البيئة الشامية وقيمها وتراثها، معتبرًا ذلك مسؤولية كبيرة للحفاظ على هذا الإرث وتقديمه للمتلقي بذات العمق والصدق. وأوضح أن فكرة المسرحية تعود إلى أكثر من عامين، وتهدف إلى تقديم عمل شامي يحاكي التراث الدمشقي الأصيل. من جانبها، أشارت الفنانة نور علي إلى أن المسرحية تستلهم البيئة الشامية "من دون الوقوع في الاستنساخ"، موضحة أن التقاطعات مع الدراما الشامية التلفزيونية مقصودة، لكنها تأتي في سياق محاولة لتقديم صيغة مسرحية مختلفة. وأضافت أن تفاعل الجمهور، وخاصة الجمهور السعودي، يعكس "ذائقة فنية عالية واستقبالًا إيجابيًا للأعمال القادمة من سوريا". يشارك في العمل نخبة من نجوم الدراما السورية، منهم: نور علي، وفاء موصللي، نادين تحسين بيك، محمد خير الجراح، وجمال العلي، ضمن فريق تمثيلي يعتمد على الأداء الجماعي أكثر من البطولة الفردية.

يعتمد العرض على صيغة "الميوزيكال"، موظفًا الموسيقا الحية، والأغاني، والاستعراضات الراقصة كعناصر بنائية متكاملة في السرد المسرحي، وليست مجرد مقاطع منفصلة. وعلى المستوى البصري، يستند العرض إلى ديكورات وأزياء تحاكي البيئة الدمشقية التقليدية، مع سعي لخلق توازن بين الطابع التراثي ومتطلبات العرض المسرحي الحديث. كما تُستخدم الإضاءة كأداة درامية مكملة، لتحديد التحولات الزمنية والمزاجية داخل المشاهد بفاعلية.

مسرحية "عرس مطنطن"، من تأليف سيف رضا حامد وإخراج عروة العربي، عُرضت ضمن فعاليات "موسم الرياض 6" في الفترة من 19 إلى 25 من كانون الأول الحالي، على مسرح "محمد العلي" في "بوليفارد رياض سيتي". ويشهد موسم الرياض، بالإضافة إلى "عرس مطنطن"، تقديم مسرحيتين سوريتين أخريين هما "ولادة مبكرة" بطولة أيمن زيدان وسوزان نجم الدين، و"سمن على عسل" بطولة أيمن رضا وشكران مرتجى وهيا مرعشلي، في خطوة تهدف إلى استعادة المسرح السوري لدوره الثقافي بعد سنوات من التراجع في الإنتاج وتقلص مساحات العرض.