السوريون في السودان: رحلة "العودة الطوعية" بين معاناة الانتظار وتسهيلات الإعفاء من الغرامات


هذا الخبر بعنوان "ما تفاصيل برنامج “العودة الطوعية” للسوريين في السودان" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
بدأت دفعات من السوريين رحلة العودة من السودان، في خطوة جاءت تتويجًا لمعاناة طويلة فرضتها الحرب المستمرة هناك منذ نيسان 2023. هذه الحرب أدت إلى تعطل المؤسسات وصعوبات قانونية واقتصادية دفعت آلاف السوريين إلى ترقب فرصة للعودة أو البحث عن بدائل أخرى.
من المتوقع أن تصل الدفعة الثانية من السوريين العائدين من السودان اليوم، الاثنين 29 من كانون الأول، وذلك بعد إعلان وزارة الخارجية والمغتربين السورية في 22 من كانون الأول الحالي، عن وصول الدفعة الأولى إلى مطار “دمشق” الدولي. هذه العملية تتم بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية (IOM)، وقد أشارت الوزارة عبر حسابها على منصة “إكس” إلى أن عملية الإجلاء شملت سوريين عاشوا ظروفًا إنسانية صعبة. ضمت الدفعة الأولى 32 سوريًا، عادوا إلى سوريا بعد فترات إقامة متفاوتة في السودان، تخللتها تحديات معيشية وقانونية.
حاولت عنب بلدي التواصل مع وزارة الخارجية والمغتربين للحصول على تفاصيل وآلية العودة وعدد السوريين المشمولين، لكنها لم تتلق أي رد حتى الآن.
تأتي هذه العودة في ظل أوضاع إنسانية معقدة واجهها السوريون في السودان، شملت صعوبة تجديد الإقامات، وتراكم الغرامات المالية، بالإضافة إلى توقف مصادر الدخل وتراجع القدرة على متابعة المعاملات الرسمية.
أوضح وجد غنايمي، مدير مركز إيواء “بيت الشباب” في بورتسودان والمتطوع لتسيير شؤون السوريين في السودان، لعنب بلدي، أن عودة السوريين من السودان لا تندرج ضمن عمليات الإجلاء التقليدية، بل هي جزء من برنامج “العودة الطوعية” الذي تنفذه منظمة الهجرة الدولية (IOM).
وبيّن غنايمي أن المنظمة تتكفل بجميع إجراءات العودة للمستفيدين، بما في ذلك معاملات الهجرة والجوازات، وتسجيل الخروج، وتسوية الأوضاع القانونية، خاصة للحالات التي يفتقر فيها بعض السوريين إلى جوازات سفر أو وثائق رسمية مكتملة. وأضاف أن المنظمة تؤمّن المواصلات داخل السودان حتى المطار، وتغطي تكاليف النقل وجميع نفقات السفر، وتوفر كادرًا طبيًا مرافقًا خلال الرحلة.
تتم الرحلة جوًا عبر مسار ترانزيت يبدأ من بورتسودان إلى الدوحة، ثم من الدوحة إلى دمشق، برفقة مرافقين من منظمة الهجرة الدولية فرع السودان، حتى تسليم المسافرين إلى فرع المنظمة في سوريا. وأكد غنايمي أن برنامج “العودة الطوعية” يقوم على مبدأ الرغبة الشخصية، حيث يوقع المستفيدون على وثيقة تفيد بعودتهم بكامل إرادتهم. وأشار إلى أن رحلة جديدة ضمن البرنامج ستنفذ اليوم، الاثنين 29 من كانون الأول، ومن المتوقع أن تضم 41 مسافرًا.
من جانبه، وصف أحمد بالطو، وهو سوري مقيم في مركز إيواء “بيت الشباب” في بورتسودان، طول انتظار العودة بأنه يفوق قدرته على الاحتمال، خاصة مع تأجيل شمول فئات واسعة من المقيمين ضمن برنامج “العودة الطوعية”.
وفقًا لأحمد، تُمنح الأولوية حاليًا للحالات الأشد صعوبة، على أن يأتي دور الشباب لاحقًا. وقد راجع مكتب منظمة الهجرة الدولية مؤخرًا، حيث أُبلغ بأن ملفه لا يزال مؤجلًا، معربًا عن إحباطه “الشديد” نتيجة طول الانتظار وعدم وضوح الموعد. وقد فاقم الغياب الطويل والعيش في ظروف قاسية داخل مركز الإيواء شعور أحمد بالقلق والتعب النفسي، مضيفًا أن أكثر ما يثقله هو عدم معرفته متى سيتمكن من العودة ولم شمله مع أسرته.
تشهد الأوضاع الصحية والمعيشية داخل المركز تدهورًا متزايدًا، مع انتشار الأمراض بين المقيمين وضعف القدرة على الحصول على الرعاية اللازمة. وقال أحمد إن معظم القاطنين يعانون أوضاعًا صحية صعبة، وبات تأمين الغذاء اليومي تحديًا بحد ذاته، إذ إن ما يحصل عليه الفرد بالكاد يكفي لسد الحاجة، في ظل شح الموارد وغياب مصادر دخل ثابتة. هذه الظروف فاقمت الضغط النفسي على المقيمين، خصوصًا مع طول فترة الانتظار وعدم وضوح مواعيد العودة، معتبرًا أن الواقع الصحي والمعيشي الحالي يجعل البقاء في المركز أكثر قسوة يومًا بعد آخر.
في مقابل برنامج “العودة الطوعية” الذي تنفذه منظمة الهجرة الدولية، اختار بعض السوريين العودة على نفقتهم الخاصة بعد استكمال أوراقهم، دون انتظار مواعيد الدفعات المنظمة.
روى مهند الحمصي، سوري كان مقيمًا في السودان، أنه حجز تذكرة سفر إلى سوريا على نفقته الخاصة عبر رحلة ترانزيت على متن الخطوط الجوية السعودية، انطلقت من بورتسودان إلى جدة، ومنها إلى سوريا. وأضاف لعنب بلدي أن تكلفة الرحلة بلغت نحو 480 دولارًا أمريكيًا، مشيرًا إلى أن قراره بالعودة جاء رغبة في “العودة الفورية” بعد الانتهاء من الإجراءات المطلوبة.
وكان مئات السوريين المقيمين في السودان قد واجهوا صعوبات في تسوية أوضاعهم القانونية، نتيجة تراكم الغرامات وتعطل المؤسسات الرسمية، مما دفع بعضهم إلى محاولة المغادرة بطرق غير نظامية إلى مصر، بينما انتظر آخرون تدخلًا رسميًا أو دعمًا من الجهات المعنية.
وفي خطوة لتخفيف الأعباء، أعلنت وزارة الداخلية السودانية في 3 من كانون الأول الحالي، بدء تنفيذ قرار يقضي بإعفاء أفراد الجالية السورية من جميع مخالفات وغرامات الإقامة. وقالت إن الخطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء الإجرائية عن السوريين المقيمين في البلاد. وبحسب ما نقلته وسائل إعلام سودانية، دخل القرار حيز التنفيذ اعتبارًا من 25 من تشرين الثاني الماضي، ولمدة 50 يومًا، بما يتيح للسوريين تسوية أوضاعهم القانونية دون دفع الغرامات المتراكمة. وشمل الإعفاء السوريين الذين دخلوا السودان أو أقاموا فيه قبل 15 من نيسان 2023، وهو تاريخ بدء الحرب في البلاد. وقد أقر القرار رسميًا، وفق ما أعلنته سفارة السودان في دمشق، مع توجيه الجهات المختصة في السودان إلى تسهيل تطبيقه وضمان تنفيذ إجراءاته خلال المدة المحددة.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة