سوريا تدشن مرحلة اقتصادية جديدة بإطلاق عملتها الوطنية: الرئيس الشرع وحاكم المصرف المركزي يوضحان الأهداف والآفاق


هذا الخبر بعنوان "الرئيس الشرع يطلق العملة السورية الجديدة" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
أطلق الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية العملة السورية الجديدة، وذلك خلال حفل رسمي أُقيم مساء اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق، بمشاركة وفود رسمية وشعبية. تضمنت العملة الجديدة ست فئات مصممة لتعكس الهوية الوطنية والطبيعة السورية، وهي: فئة الـ 10 ليرات سورية مزينة بوردة شامية وفراشة، وفئة الـ 25 ليرة تحمل صورة لشجر التوت الشامي وطائر السنونو، وفئة الـ 50 ليرة ترمز إلى الحمضيات، وفئة الـ 100 ليرة تحمل وردة القطن وغزال الريم، وفئة الـ 200 ليرة تتجلى فيها بركة شجر الزيتون وأصالة الحصان العربي، وفئة الـ 500 ليرة تحمل صورة عصفور الدوري مع سنابل القمح.
الرئيس الشرع: استبدال العملة عنوان لمرحلة جديدة واستعادة الثقة
خلال جلسة حوارية ضمن حفل الإطلاق، أكد الرئيس الشرع أن إطلاق العملة السورية الجديدة يمثل إقفالاً لمرحلة سابقة وفتح آفاق لمرحلة وطنية جديدة يطمح لها كل الشعب السوري. وشدد على أن عملية التحول النقدي تُدار بهدوء ومسؤولية للحفاظ على الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني. وأوضح أن موضوع استبدال العملة خضع لنقاشات طويلة، واصفاً العملية بأنها "جراحة دقيقة" في بنية النظام النقدي تتطلب إدارة حذرة وتدرجاً مدروساً، مستشهداً بتجارب عالمية متباينة النجاح في حذف الأصفار.
وبيّن الرئيس الشرع أن حذف صفرين من العملة لا يعني تحسناً اقتصادياً أو في سعر الصرف بحد ذاته، بل يهدف إلى تسهيل التعاملات اليومية للمواطنين في ظل صعوبات حقيقية كانت تواجه عمليات البيع والشراء نتيجة انخفاض قيمة الفئات النقدية. وأشار إلى أن تحسين الاقتصاد يرتكز أساساً على زيادة الإنتاج وخفض معدلات البطالة، وأن تطوير القطاع المصرفي يُعد شرطاً جوهرياً للنمو، مؤكداً أن نجاح التحول النقدي مرتبط بسياسات مصرفية مدروسة تضبط آليات الطرح والسحب والتداول.
وشدد الرئيس الشرع على حساسية مرحلة التحول النقدي، داعياً إلى منع أي حالة فزع مجتمعي قد تضر بسعر الصرف. وأوضح أن مصرف سوريا المركزي سيعلن جدولاً زمنياً واضحاً لعملية الاستبدال، مع فترة تعايش بين العملتين القديمة والجديدة، وحث المواطنين على الهدوء وعدم الانجرار وراء الإشاعات.
الثقة: الركيزة الأساسية لأي اقتصاد
تطرق الرئيس الشرع إلى مسألة الثقة بالاقتصاد السوري، مؤكداً أنها الركيزة الأساسية لأي اقتصاد. واعتبر أن حمل العملة الوطنية الجديدة يعزز شعور الانتماء ويقوي الثقة بالتداول النقدي، مشيراً إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد السوري خلال الـ 60 سنة الماضية، خاصة في الـ 14 سنة الأخيرة، وما رافقها من عقوبات وانهيار في القطاع المصرفي أدى إلى تراجع الإيداع وانتشار الاكتناز النقدي.
وأوضح أن السياسات الاقتصادية الجديدة، وتحديث قوانين الاستثمار، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، وابتعاد الدولة عن مزاحمة السوق، كلها خطوات تعزز الثقة تدريجياً، لافتاً إلى أن العملة الجديدة تعبّر أيضاً عن هوية وطنية متجددة. وفي سياق متصل، لفت إلى الابتعاد عن تقديس الأشخاص ووضع صورهم على العملة، والتركيز بدلاً من ذلك على رموز طبيعية واقتصادية تعبّر عن الجغرافيا السورية، مثل القمح والزيتون والقطن والحمضيات والورد الجوري، إضافة إلى طيور مثل السنونو والدوري، وزخارف مستوحاة من الفن الإسلامي الدمشقي.
واختتم الرئيس الشرع حواره بالتأكيد على أن سوريا مقبلة على مرحلة واعدة، مستندة إلى موقعها الجغرافي وأهميتها الجيوسياسية، مع تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي، داعياً إلى عدم الانجرار وراء الشائعات، ومؤكداً أن المصدر الرسمي للمعلومات هو مصرف سوريا المركزي.
حاكم مصرف سوريا المركزي: استبدال العملة محطة وطنية مفصلية
من جانبه، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن إطلاق واستبدال العملة السورية يشكل يوماً تاريخياً وخطوة سيادية تهدف إلى إرساء الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة بالليرة والقطاع المصرفي. وأوضح أن رؤية المصرف تقوم على أن يكون الركيزة الوطنية للاستقرار والثقة، مشيراً إلى أن عملية استبدال العملة هي عملية تقنية بحتة تعتمد على حذف صفرين من القيمة الاسمية دون أي تغيير في القيمة الحقيقية للعملة أو تأثير مباشر على سعر الصرف ولا تحمل أي أثر تضخمي، بهدف تبسيط المعاملات المالية وتسهيل حياة المواطنين، إلى جانب القطيعة مع رموز وصور الماضي.
وبيّن الحصرية أن من الأهداف الأساسية لاستبدال العملة تبسيط العمليات الحسابية والمالية والسياسة النقدية، وضبط الكتلة النقدية ومعرفة حجمها الحقيقي، موضحاً أن سوريا كانت تمتلك كتلة نقدية ضخمة دون معرفة الكمية المتداولة فعلياً، ما أسهم في أزمات السيولة والتضخم. وأكد أن قرار تغيير العملة قرار سيادي، مستفيداً من تجارب دولية ناجحة كالتجربتين الفرنسية والألمانية بعد حروب أو تحولات سياسية كبرى.
وأوضح الحصرية أن الاستقرار النقدي كان المعيار الأول في اتخاذ قرار حذف الأصفار، خاصة بعد تحسن الليرة السورية بنحو 30 بالمئة خلال عام 2025 منذ التحرير واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى جاهزية المصرف المركزي والقطاع المصرفي والصرافة، وإقرار التعديلات التشريعية اللازمة. واستعرض الاستراتيجية النقدية القائمة على خمسة مرتكزات رئيسية: الاستقرار النقدي واستقرار المستوى العام للأسعار، وسعر صرف متوازن وشفاف، ونظام مصرفي مركزي سليم، ونظام مدفوعات رقمي وآمن وشامل، فضلاً عن التكامل مع النظام المالي العالمي.
وأشار الحصرية إلى أن المرحلة المقبلة ستركز على إدارة الكتلة النقدية بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمار الخارجي، وأن المرحلة الثانية بعد الاستبدال ستكون استعادة الثقة بالقطاع المصرفي. وبيّن أن فترة الاستبدال تمتد 90 يوماً قابلة للتمديد، مع إلزامية التسعير بالعملتين في المحال التجارية ومكاتب الصرافة، داعياً المواطنين إلى الاطمئنان وعدم الخوف على مدخراتهم، ومشدداً على أن العملية لا تحمل أي مخاطر تضخمية أو ارتفاع في الأسعار. كما دعا التجار والفعاليات الاقتصادية إلى الالتزام بالتسعير وعدم استغلال الظرف، وحث مكاتب الصرافة على العمل ضمن القوانين ومنع المضاربة.
الشماع: استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية
من جهته، أوضح المستشار عبد الله الشماع أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية تبديل العملة على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي. وبيّن أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، وسوق صرف متوازن وشفاف، وقطاع مصرفي سليم، ومدفوعات رقمية آمنة، والتكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.
يأتي هذا الإطلاق بعد أن كان حاكم مصرف سوريا المركزي قد أعلن أمس في مؤتمر صحفي بدمشق عن التعليمات التنفيذية للعملة السورية الجديدة، في إطار استراتيجية اقتصادية وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار النقدي، وترسيخ الثقة بالاقتصاد الوطني، ودعم مسار التعافي الاقتصادي المستدام.
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد