أزمة المعتقلين السوريين في لبنان: محادثات دبلوماسية وكارثة إنسانية بسجن رومية


هذا الخبر بعنوان "محادثات لبنانية – سورية حول ملف المعتقلين السوريين" نشر أولاً على موقع halabtodaytv وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في خضم محادثات مكثفة بين بيروت ودمشق حول ملف السجناء السوريين في لبنان، تتكشف أزمة إنسانية صامتة داخل السجون اللبنانية، لا سيما في سجن رومية المركزي. فبحسب شهادات نزلاء وتقارير حقوقية، تتحول ظروف الاحتجاز هناك إلى ما يشبه "قنبلة موقوتة" صحية.
على الصعيد الدبلوماسي، أكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، سعي بلاده لنقل "أكبر عدد ممكن" من السجناء السوريين إلى سوريا. ويجري العمل بالتوازي على إعداد إطار قانوني يمنح هذه العملية غطاءً تشريعيًا. وأوضح متري أن هذا التوجه خضع لنقاشات مطولة في مجلس الوزراء وعُرض على خبراء قانونيين، على الرغم من تسجيل اعتراضات تعكس "حساسية الملف". وأشار متري إلى أن القيادة السورية الجديدة تبدي انفتاحًا على التعاون، معتبرًا أن المرحلة الراهنة تتيح بناء علاقة متوازنة بين البلدين. تأتي هذه الجهود المشتركة في إطار مساعٍ مستمرة منذ سقوط نظام الأسد، حيث يُقدر عدد السجناء السوريين في لبنان بنحو 2300 شخص، وتعمل لجان مشتركة على تدقيق أوضاعهم.
بينما تدور هذه المحادثات السياسية رفيعة المستوى، يرسم الواقع داخل سجن رومية – الأكبر في لبنان – صورة قاتمة. فقد سُجلت 44 حالة وفاة بين النزلاء خلال عام 2025 وحده، معظمها نتيجة سوء الرعاية الصحية وغياب العلاج، وفقًا لما صرح به نزيل لقناة "حلب اليوم". وتتصاعد المخاوف من تفشٍ وبائي حقيقي، مع تسجيل 12 إصابة بمرض السل الخطير، بالإضافة إلى عشرات الإصابات بأمراض جلدية في ظروف صحية بالغة السوء. وتتفاقم هذه الأوضاع بسبب اكتظاظ مهول، حيث يقبع نحو 4000 سجين في مبنى صُمم أصلاً لاستيعاب 1200 شخص فقط، أي بأكثر من ثلاثة أضعاف طاقته الاستيعابية.
ولا تقتصر المعاناة على الجانب الصحي، إذ تشير مقاطع فيديو حصلت عليها قناة "حلب اليوم" إلى تدهور شامل في الظروف المعيشية، مع نقص حاد في الغذاء وجودته، حيث وصفه بعض السجناء بأنه "غير صالح حتى للحيوانات"، وسط انتشار الحشرات وانعدام النظافة.
الأزمة القانونية لا تقل خطورة، فتشير تقديرات منظمات حقوقية إلى أن نحو 80% من السجناء السوريين لم تُعرض قضاياهم بعد على القضاء، مما يعني أنهم قابعون في احتجاز احترازي مطول، قد يمتد لعشر سنوات في بعض الحالات. وغالبًا ما تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية اللبنانية بتهم مرتبطة بدعم الثورة السورية.
على الصعيد الرسمي، يبدو أن هناك إرادة من الجانبين لتحقيق تقدم. فبعد زيارة تاريخية لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى دمشق في نيسان الماضي، ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، جرى التركيز على ملف السجناء كبند رئيسي. كما أعلنت دمشق عن اتفاق مبدئي لتسليم السجناء السوريين غير المدانين بجرائم قتل. وقد وصف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سابقًا المرحلة بـ "الفرصة التاريخية" لتحويل العلاقة من حالة أمنية متوترة إلى شراكة سياسية واقتصادية.
ومع ذلك، يبقى الطريق إلى حل كامل وشامل محفوفًا بالعقبات، بعد عقود من العلاقة المضطربة. ويبدو أن ملف السجناء، برغم تعقيداته الإنسانية والقانونية، أصبح المدخل العملي الرئيسي لتخفيف الاحتقان وبناء جسور الثقة بين بيروت ودمشق، وفقًا لمراقبين، في ظل وجود العديد من القضايا العالقة بين البلدين.
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد