الليرة السورية الجديدة: إعادة تسمية العملة وتحديات إزاحة الليرة التركية في الشمال


هذا الخبر بعنوان "العملة السورية الجديدة.. هل تلغي وجود الليرة التركية في الشمال؟" نشر أولاً على موقع halabtodaytv وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
أعلنت الحكومة السورية عن إطلاق مرحلة اقتصادية جديدة تتمثل في إصدار الليرة السورية الجديدة، في خطوة تُوصف بأنها رمزية وتقنية تهدف إلى تبسيط التعاملات المالية اليومية. ترتكز هذه العملية على مبدأ إعادة التسمية النقدية، حيث سيتم حذف صفرين من الفئات القديمة. وبموجب هذا الإجراء، ستصبح كل مئة ليرة سورية قديمة معادلة لليرة سورية جديدة واحدة. يهدف هذا التغيير المعلن إلى تخفيف التعقيد في المعاملات الناتج عن صغر قيمة الفئات المتداولة حالياً، بالإضافة إلى تعزيز مكانة العملة الوطنية.
من المقرر أن تبدأ عملية التبادل في مطلع السنة الميلادية القادمة، وستستمر لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد. ستُخصص المرحلة الأولى لاستبدال الفئات النقدية الكبيرة، وخلال هذه الفترة، ستتعايش العملتان القديمة والجديدة معاً، وستتمتعان بنفس القوة القانونية للإبراء. ستُجرى عملية الاستبدال داخل سوريا حصريًا عبر آلاف الفروع المعتمدة للمصارف، ودون فرض أي رسوم على المواطنين.
لم تحدد الحكومة السورية أي إجراءات بخصوص الليرة التركية المتداولة في الشمال الغربي، حيث يُعتبر حجم الأموال التركية في المنطقة كبيراً. يثير هذا الوضع تساؤلات حول ما إذا كانت الليرة التركية ستبقى متداولة في المنطقة، ولو بشكل محدود، أم أنها ستُلغى تماماً.
في هذا السياق، صرح المحلل الاقتصادي السوري أدهم قضيماتي لـ"حلب اليوم"، بأنه من الطبيعي أن تتراجع الليرة التركية عند توفر بديل حقيقي. وأشار إلى أن آلية الاستبدال تتعلق بالجانب التركي وسحب هذه العملة من الشمال السوري، لأن المسألة ترتبط أيضاً بالكتلة النقدية من الليرة التركية الموجودة في الشمال ودخولها إلى الجانب التركي والاقتصاد التركي. لذلك، يرى قضيماتي أن التنسيق بين الجانبين، أي بين التجار والدولة السورية والتركية، هو الأساس.
وحول الترتيبات، رأى قضيماتي أن طرح العملة الجديدة في السوق بالشمال السوري لا يتطلب إجراءات خاصة تختلف عن باقي المناطق السورية، فالعملية ستكون تدريجية وبالتعاون بين الجانبين. ورجح قضيماتي أن تبقى التعاملات بالليرة التركية لفترة زمنية إلى أن يتم اعتماد الليرة السورية بشكل كامل، خاصة وأن هناك تجاراً ما زالوا يجلبون البضائع من تركيا إلى سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية. وهذا يعني أن الأمر يحتاج إلى وقت حتى تصل الليرة السورية الجديدة إلى أيدي الناس وتُتداول على نطاق واسع، ويعتمد ذلك على ضخ العملة السورية والفترة الزمنية لخروج العملة التركية من سوريا.
كما لفت قضيماتي إلى وجود احتياطي من الليرة التركية في البنوك وشركات الصرافة شمال سوريا، كونها تابعة لدولة إقليمية قريبة حدودياً. فمن الطبيعي أن يكون هناك تعامل بالليرة التركية في الأراضي السورية، ولكن ليس بالشكل الموجود حالياً.
يأتي هذا الإجراء في ظل ظروف اقتصادية صعبة، حيث فقدت الليرة السورية قيمتها بشكل كبير على مدى السنوات الماضية، وتراجعت قيمتها مقابل العملات الأجنبية الرئيسية بنسبة هائلة، مما يجبر المواطنين على التعامل بأرقام كبيرة جداً لأبسط المشتريات. ولا يزال سعر الصرف الفعلي في السوق غير الرسمية عند مستويات مرتفعة للغاية.
لضمان سلاسة الانتقال، أصدر المصرف المركزي تعليمات تنص على تحويل جميع الحسابات المصرفية والإلكترونية تلقائياً إلى العملة الجديدة مع بداية السنة. كما سيُطلب من جميع المنشآت التجارية عرض الأسعار بالعملتين معاً خلال الفترة الانتقالية لضمان الشفافية، ويجب أن تُحرر جميع العقود الجديدة بالليرة الجديدة مع توضيح ذلك.
يؤكد المسؤولون أن هذه الخطوة هي عملية فنية بحتة وليست حلاً شاملاً للمشاكل الاقتصادية الهيكلية مثل التضخم المرتفع. وقد وُصفت بأنها "جراحة دقيقة" تتطلب إدارة حذرة لمنع أي اضطراب أو مضاربة في السوق قد تؤثر سلباً على الثقة وسعر الصرف. لذلك، فإن النجاح الحقيقي لهذا الإجراء سيعتمد في المدى المتوسط والبعيد على سياسات اقتصادية أوسع واستقرار شامل.
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد