خبير يكشف تحديات سوريا ما بعد الأسد: مسار الانتقال، دمج "قسد"، وخيار التطبيع مع إسرائيل بحلول 2026


هذا الخبر بعنوان "تحديان أمام سوريا في 2026… والتطبيع خيار" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
يصف سنان أولغن، مدير مركز EDAM للسياسة الخارجية والأمنية والاقتصادية والرقمية في اسطنبول والباحث الأول في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "زلزال سياسي" غيّر قواعد اللعبة في سوريا والمنطقة. ويحذر أولغن في الوقت نفسه من أن مسار الانتقال لا يزال محفوفاً بتحديات داخلية وتجاذبات إقليمية.
عند سؤاله عن التداعيات بعيدة المدى لهذا التحول، أوضح أولغن أن سوريا تمر بلحظة تاريخية بامتياز، إذ يمثل هذا التحول خروجاً من نظام سلطوي حكم البلاد لما يقارب ثلاثة عقود، وهو ما يبرر وصفه بالزلزال السياسي. اليوم، تتطلع حكومة جديدة إلى بناء سوريا أكثر ديموقراطية وشمولاً، لكن الطريق مليء بالعقبات. تتمثل العقبة الأولى في مسألة الشمولية؛ فسوريا، شأنها شأن لبنان، مجتمع متنوّع إثنياً وطائفياً، وقد تعرضت بعض الأقليات فيه لانتهاكات جسيمة سابقاً. لذا، لا يمكن لأي نظام سياسي أن يستقر ما لم يقم على إدارة جامعة لهذا التنوع. أما التحدي الثاني، فيتعلق ببناء الثقة، حيث إن خلفية القوى التي تتولى الحكم اليوم مرتبطة بالإسلام السياسي الراديكالي، حتى وإن كانت لا تطرح هذه الأجندات حالياً. ومع ذلك، يبقى مطلوباً منها ترسيخ الثقة داخل المجتمع السوري وإثبات أن التحول المعلن حقيقي ومستدام.
وعن تقييمه لأداء الحكومة الجديدة حتى الآن، أشار أولغن إلى أن الأداء فاق التوقعات إلى حدّ ما. فالتحول على مستوى القيادة يبدو جدياً، رغم تسجيل حوادث مقلقة، منها اعتداءات طالت أفراداً من الطائفة العلوية، مما أثار مخاوف مشروعة. ومع ذلك، نجحت الحكومة الجديدة في تحقيق حدّ أدنى من الاستقرار الداخلي، والأهم أنها حققت اختراقاً لافتاً على المستوى الدبلوماسي. فقد تلقى الرئيس السوري دعوة رسمية إلى البيت الأبيض، في سابقة لم تشهدها العلاقات السورية – الأميركية منذ عقود، والتقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إضافة إلى انخراطه في تواصل منتظم مع قادة إقليميين. من هذه الزاوية، يمكن القول إن الأداء الدبلوماسي كان مميزاً.
وبخصوص انعكاس هذا التحول على علاقات سوريا الإقليمية، وخصوصاً مع تركيا وإيران وإسرائيل، أوضح أولغن أن الأمر مرتبط بشكل كبير بشكل الدولة السورية المقبل ودستورها المستقبلي. توجد رؤيتان متعارضتان: تركيا تدفع باتجاه دولة مركزية قوية قادرة على ضبط حدودها وامتلاك مؤسسات أمنية فاعلة، بينما تفضل إسرائيل نموذج الدولة الضعيفة ذات السلطة المركزية المحدودة، مع منح صلاحيات أوسع للأقليات، سواء في الجنوب أو في الشمال حيث الأكراد. تحمل هاتان الرؤيتان تداعيات متناقضة ليس على سوريا فحسب، بل على الإقليم برمّته، والنتيجة النهائية ستتوقف على أي نموذج سينتصر.
وفيما يتعلق بتعثر تطبيق اتفاق 10 مارس بين دمشق وقوات سوريا الديموقراطية (قسد)، بيّن أولغن أن السياسة الأميركية شهدت تحولاً واضحاً بعد سقوط نظام الأسد. ففي السابق، كانت واشنطن تدعم "قسد" كأداة لمكافحة تنظيم "داعش" وقوة شبه مستقلة عن دمشق. اليوم، تغير هذا النهج، وأصبح الهدف هو دمج هذه القوات ضمن مؤسسات الدولة السورية. يحظى هذا التوجه بدعم الولايات المتحدة وتركيا ودمشق في آن واحد. ويحدد اتفاق مارس المبادئ العامة لهذا الدمج، إلا أن التنفيذ لا يزال معقداً، حيث تسعى "قسد" إلى الحفاظ على هامش واسع من الاستقلالية داخل الجيش السوري، بينما تصرّ دمشق وأنقرة على اندماج كامل من دون أي وضع خاص.
وعن توقعاته بشأن تحقيق هذا الدمج، أعرب أولغن عن اعتقاده بأنه سيحدث، فمعظم اللاعبين المؤثرين يدفعون في هذا الاتجاه. الولايات المتحدة تؤيده بوضوح، وكذلك تركيا والحكومة السورية. في المقابل، لم يعد أمام "قسد" سوى هامش ضيق للمناورة، وربما لا تحظى بدعم حقيقي سوى من إسرائيل. لذلك، يرى أن محاولتها الحفاظ على استقلالية واسعة ستكون معركة خاسرة، وأن التوصل إلى اتفاق بات مسألة وقت.
وبشأن إمكانية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل في عام 2026، ربط أولغن هذا الاحتمال بالسياسة الداخلية في إسرائيل أكثر مما هو مرتبط بسوريا. ففي حال بقي بنيامين نتنياهو في الحكم، لا توجد لديه أي مصلحة في التطبيع، لا مع سوريا ولا مع لبنان. أما إذا شهدت إسرائيل تغييراً سياسياً وأتى فريق أكثر انفتاحاً على الاستقرار الإقليمي، فقد يصبح التطبيع خياراً مطروحاً. تعاني إسرائيل اليوم عزلة متزايدة، سواء بسبب حرب غزة أو بسبب تباعد رؤيتها لسوريا عن الرؤية الأميركية والتركية. وقد تجد حكومة جديدة نفسها مضطرة لإعادة النظر في هذه المقاربة.
أخيراً، وفيما يخص موقف تركيا من الاتفاق البحري بين لبنان وقبرص، أوضح أولغن أن أنقرة تنظر إلى هذا الاتفاق بقلق بالغ، وتعتبره مساساً بحقوق القبارصة الأتراك في ظل غياب حل سياسي شامل للجزيرة. كما ترى أن الاتفاق لا يخدم المصلحة اللبنانية نفسها. ووفق تفسير تركيا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، كان يفترض أن يكون خط الترسيم البحري أبعد غرباً، ما يعني أن لبنان خسر نحو 20 في المئة من منطقته البحرية المفترضة. وفي حال جرى إقرار الاتفاق نهائياً في البرلمان اللبناني، فمن المتوقع أن يثير ذلك ردود فعل تركية ويترك تداعيات على العلاقات الثنائية. تؤكد تركيا أنها لا تشكك في حق لبنان السيادي باتخاذ قراراته، لكنها في الوقت نفسه تشدد على أن أي خطوة تتعارض مع مصالحها ستنعكس حتماً على طبيعة العلاقة بين البلدين.
المصدر: أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
سياسة
سوريا محلي
سياسة
سياسة