الإثنين, 1 سبتمبر 2025 09:42 AM

أزمة الدواء في طرطوس: نقص الأدوية النوعية وتأخر مستحقات الصيادلة يهدد القطاع

أزمة الدواء في طرطوس: نقص الأدوية النوعية وتأخر مستحقات الصيادلة يهدد القطاع

فادية مجد: يواجه صيادلة محافظة طرطوس تحديات جمة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث تتفاقم الأزمات من نقص الأدوية إلى تأخر المستحقات والضرائب المرهقة.

يسلط هذا التحقيق الصحفي الضوء على معاناة صيادلة طرطوس والتحديات التي تواجه سوق الدواء.

نقص الأدوية النوعية: يعاني صيادلة طرطوس من نقص حاد في الأدوية النوعية، مثل أدوية القلب والسكري والصرع. ووفقًا للصيدلانية "رانيا. ع"، فإن قائمة الأدوية المفقودة تتغير باستمرار، حيث يختفي صنف بعد توفره، ثم يعود للظهور والاختفاء مرة أخرى. وتشير إلى أن بعض أدوية علاج السكري مقطوعة من جميع الشركات الوطنية بتركيزاتها المطلوبة، مما يجعل من الصعب على المرضى استبدالها بأدوية أخرى بعد التعود عليها، ويبدأون رحلة بحث لا طائل منها، مع عدم توفر بدائل أجنبية بنفس التركيبة أو التركيز. كما يوجد نقص في بعض الحقن العضلية، مثل الحقن الهرمونية الضرورية، التي لا يستطيع المريض شراء بدائلها الأجنبية بسبب ارتفاع أسعارها.

تأخر مستحقات شركات التأمين: اشتكى الصيدلاني "أحمد. ح" من عدم انتظام سداد مستحقات الصيادلة المتعاقدين مع شركات التأمين، والتي يجب أن تُدفع خلال 45 يومًا من تاريخ المطالبة بسدادها، وتحويل المستحقات إلى البنوك على شكل حوالات غير قابلة للقبض، أو تقنين السحب إلى 200,000 ليرة سورية أسبوعيًا، مما يضعف قدرة الصيدلي على تأمين مخزون الأدوية لمراجعي التأمين، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة الطبية.

التحميل القسري والسلل الدوائية: شارك الصيدلاني أحمد شكواه عددٌ من الصيادلة، مؤكدين امتناع معظم المستودعات والمعامل عن إرجاع الأدوية قريبة أو منتهية الصلاحية، رغم صدور قرارات تنظيمية بهذا الخصوص، لافتين إلى لجوء بعض المستودعات إلى تحميل الصيدلي أصنافًا دوائية لا يحتاجها، مرفقة بالأدوية المطلوبة، الأمر الذي من شأنه أن يرهقه ماديًا، ويعرضه لخسائر مستقبلية بسبب الأدوية التالفة أو غير المنصرفة، والحجة المتكررة من المستودعات: "إجبار المعامل لنا"، بينما الصيدلي يتحمل وحده تبعات هذا الاستغلال.

وأكد صيادلة طرطوس أنهم يعانون من تراجع كبير في رقم المبيعات اليومية نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المرضى، عدا عن الضرائب المفروضة التي لا تأخذ بعين الاعتبار واقع الإيجارات المرتفعة، وخاصة للصيادلة المستأجرين، إذ يتم التعامل ضريبيًا مع الصيدلي المستأجر، كما لو أنه يملك منشأة مستقلة، من دون مراعاة التكاليف التشغيلية أو ضعف المردود، ما يزيد من الأعباء المالية ويحاصر الصيدلاني في مهنته.

الصيدلانية "سمر. م" أكدت أنه تتم معاملة الصيدليات كهربائيًا على أساس تجاري، ما يُكبّدها فواتير مرتفعة لا تتناسب مع هامش الربح المحدود في الأدوية الوطنية، ولفتت إلى أن التبريد والتكييف أمر ضروري لحفظ الأدوية، وليس رفاهية، ومع هذا لا يراعى ذلك في احتساب التكاليف.

جهود لتوفير البدائل: نقيب صيادلة طرطوس الدكتور هلال صبره، أكد أن السوق الدوائي في المحافظة، وفي سوريا بشكل عام يشهد استقرارًا نسبيًا، إذ تتوفر معظم الزمر الدوائية، ولاسيما أدوية الأمراض المزمنة، مشيرًا إلى أن بعض الأصناف المحدودة غير متوفرة حاليًا، ويعود ذلك إلى نقص المواد الأولية، إلا أن الشركات المصنعة أوضحت أن عمليات الإنتاج جارية لتوفير هذه الأصناف قريبًا.

وفيما يتعلق بوجود خارطة واضحة للأصناف المفقودة، أوضح الدكتور صبره أن النقابة، بالتعاون مع وزارة الصحة ولجنة الشركات والمعامل الدوائية، تعمل على إجراء مسح شامل لتحديد النواقص بدقة، بهدف توفير المواد الأولية اللازمة وإصدار تراخيص جديدة لإنتاج الزمر الدوائية غير المتوفرة، مرجعًا ضعف الإنتاج المحلي إلى الحصار الاقتصادي، الذي فرض سابقًا على سوريا، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات والتحسن التدريجي في الوضع الاقتصادي سيسهم في تسهيل استيراد المواد الأولية، وهو ما يتم حاليًا بالتنسيق مع الجهات المعنية.

وفي إطار متابعة الشكاوى، أكد أن هناك آلية واضحة وأرقامًا ساخنة متاحة لجميع الصيادلة لمتابعة أي تأخير في التوريد.

عقدة الدواء الأجنبي: أما بالنسبة لأسعار الأدوية، فقد بيّن د. صبره أن سعر الدواء الوطني لا يزال ثابتًا منذ شهر كانون الأول 2023، ويُحسب على أساس سعر صرف 8500 ليرة سورية للدولار، وهو أقل من السعر الرائج حاليًا، منوهًا بوجود تواصل مباشر مع معامل الأدوية لضمان توزيع الأصناف بشكل عادل وبأسعارها الحقيقية، من دون تحميل إضافي، ولفت إلى أن عقدة الدواء الأجنبي هي المسيطرة على العقل منذ عقود عديدة، وخاصةً مع وجود معامل لم تكن خاضعة لرقابة صارمة، وهذا كان من ضمن سلسلة الفساد، مبيناً أنه يجب الاعتراف أن هناك شركات وطنية منافسة وتصدر الى دول عديدة، ولها مصداقية.

شركات التأمين: وفيما يخص التعامل مع شركات التأمين، وصف د. صبره المشكلة بأنها معقدة وتخضع للسياسة النقدية الحالية، إلا أن النقابة تتابع تحويل المستحقات للصيادلة إلى حساباتهم المصرفية، مع الالتزام بسياسات السحب النقدي المعتمدة.

وبين أن ظاهرة "التحميل والسلل" تشكل عبئاً على الصيدليات، والنقابة تتابع هذه الظاهرة بالتنسيق مع الصيادلة والمستودعات للحد منها، وهناك تنسيق مستمر مع النقابة المركزية التي تتابع هذه القضايا مع وزارة الصحة بشكل دوري، كما تم تقديم العديد من المقترحات إلى الوزارة، بانتظار الدور التشريعي الجديد لمجلس الشعب لإقرار قوانين من شأنها تحسين الواقع الدوائي.

وأشار صبره إلى وجود خمسة معامل دوائية تعمل بكفاءة عالية في المحافظة، وهناك توجه لتشجيع إنشاء المزيد من المعامل بالتزامن مع تحسن بيئة الاستثمار.

نظام خدمة الريف: وأوضح د. صبره أن خدمة الريف هي نظام معمول به منذ سنوات طويلة، إذ إنه يجب على الصيدلي إصدار ترخيص مؤقت في أرياف المحافظة لمدة سنتين كخدمة ريف، بعدها يتم تحويل ترخيصه المؤقت الى ترخيص دائم، ويمكنه افتتاح صيدلية في المدينة، إذ تخضع عملية فتح منشأة صيدلانية لعدة شروط فنية من حيث المساحة والارتفاع وتوفر الشروط المناسبة لحفظ الأدوية.

وفي ختام حديثه، شدد نقيب صيادلة طرطوس على أهمية التعليم المستمر، مشيرًا إلى أن نقابة صيادلة طرطوس بدأت بتنشيط المحاضرات العلمية وساعات التعليم بالتعاون مع كليات الصيدلة في جامعات طرطوس، الأندلس والوادي، ضمن جدول أعمال المجلس الجديد.

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

مشاركة المقال: