الأحد, 20 أبريل 2025 11:14 AM

أزمة السكن في حمص: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة الأهالي ومطالبات بحلول جذرية

أزمة السكن في حمص: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة الأهالي ومطالبات بحلول جذرية

تشهد أسعار إيجارات السكن في مدينة حمص ارتفاعًا غير مسبوق، مما أثّر بشكل كبير في الأوضاع المعيشية للأهالي، وخاصة العائلات النازحة من مناطق الشمال السوري وإدلب. وتتوالى الشكاوى من غلاء الإيجارات، الذي بات يشكّل عبئًا ثقيلاً على المواطنين، مع غياب الحلول الجذرية والإجراءات الحكومية الفعّالة.

واقع مرير وارتفاع جنوني في الأسعار

محمد سلمان، أحد سكان مدينة حمص، تحدّث عن الوضع الراهن قائلًا: “قبل التحرير كان إيجار البيت يتراوح بين 40 إلى 50 دولارًا شهريًا، أما اليوم فلم يعد هناك منزل متاح للإيجار بأقل من 150 إلى 200 دولار شهريًا”. وأضاف في حديث لمنصة: “معظم الأحياء في حمص مدمّرة، مثل حي الخالدية، القرابيص، الشياح، وباب هود، وحتى البياضة، ما يعني أن الخيارات المتاحة قليلة جدًا، وبالتالي أصبحت الأسعار مرتفعة بشكل لا يمكن تحمّله”.

ولا يقتصر الأمر على الإيجارات فقط، بل يشمل أيضًا أسعار شراء المنازل التي ارتفعت بشكل مذهل؛ فما كان يُباع بـ10,000 دولار قبل سنوات، أصبح الآن يتراوح بين 30,000 إلى 40,000 دولار. ويزيد هذا الواقع من صعوبة عودة الأهالي الذين نزحوا إلى مناطقهم الأصلية، إذ يجدون أنفسهم أمام خيارين صعبين: إما دفع مبالغ كبيرة لاستئجار منزل، أو العيش في ظروف غير لائقة.

معاناة المستأجرين وأصحاب الدخل المحدود

ونقل سلمان عن أحد سكان المدينة قوله: “المستأجر يبذل جهودًا مضنية لتوفير إيجار البيت، وغالبًا ما يضطر إلى تقليص احتياجاته الأساسية لتأمين الإيجار، ويأمل في تحسّن الأوضاع، ولكن للأسف لا استجابة تلوح في الأفق”. ولفت سلمان إلى ظاهرة استغلال بعض أصحاب العقارات للأوضاع الصعبة: “المشكلة أن أصحاب البيوت يعتقدون أن الجميع يملك المال الوفير، ولا يُبالون إذا طلبوا مبالغ كبيرة تصل إلى مليون ليرة أو أكثر”، مبيّنًا أن هذه الفجوة بين الواقع الاقتصادي وقدرات الناس على دفع الإيجارات تجعل الحياة أكثر تعقيدًا بالنسبة للمستأجرين.

مقترحات وحلول مجتمعية

في ظل غياب الحلول الحكومية، بدأ المواطنون بالتفكير في مبادرات مجتمعية لتخفيف العبء، واقترح سلمان فكرة العودة إلى نظام العيش المشترك تحت سقف واحد: “في الماضي كنا نعيش كل عائلة في غرفة واحدة، أما اليوم فلو استقبل كل شخص عائلته في منزله وأتاح لهم غرفة لحين تحسّن الأوضاع، لكان ذلك حلًا مؤقتًا”، وأوضح أنه مستعد لاستقبال العائلات في منزله رغم الظروف الصعبة، داعيًا الآخرين إلى تقليد هذه الخطوة.

كما طُرحت مقترحات أخرى مثل بناء بيوت مسبقة الصنع (كرفانات) لتوفير حلول مؤقتة للعائلات النازحة، وفتح مدارس أو مراكز لإيواء الناس حتى يتمكنوا من إعادة ترميم منازلهم، كما تم التركيز على أهمية تدخل المنظمات الإنسانية والجهات المانحة لدعم جهود إعادة الإعمار.

مطالب بتدخل الحكومة

ويطالب المواطنون بتدخّل حكومي عاجل لتنظيم سوق الإيجارات وتخفيف المعاناة، ومن بين المقترحات المقدّمة:

  • فرض حد أعلى للإيجارات من قبل البلدية، وفقًا لحجم المساحة والمنطقة.
  • توثيق العقود بشكل إلزامي في البلديات لضمان حقوق المستأجرين.
  • تشكيل لجنة مختصة من قبل محافظ حمص لدراسة وضع الإيجارات وبيع المنازل، وتحديد سقف للأجور.
  • تشديد الرقابة على السماسرة، وفرض غرامات صارمة على المخالفين.

المطلوب: شركات ضخمة لبناء العمارات

من جهته، قال عبد الحكيم النعسان، أحد أعضاء اللجان الخدمية في محافظة حمص، في حديث لمنصة : “أحد أسباب الأزمة الإيجارية هو نقص البيوت المتاحة لاستيعاب الناس العاديين، أي المواطنين الذين يعيشون بيننا. والمشكلة ليست في بناء العمارات الصغيرة أو المتوسطة، بل نحتاج إلى شركات ضخمة وعملاقة تقوم ببناء أبراج سكنية عمودية (شاقولية)، وليس على حساب الأراضي الزراعية”. وأضاف: “عندما كنت أمرّ بجانب دمشق، كنت أرى الكثير من الأراضي الزراعية، ولا بد من تجنّب المساس بها وتحويلها إلى أبراج سكنية. ويجب أن نحافظ على هذه الأراضي الزراعية، لأنها تُعد مصدرًا مهمًا للإنتاج الغذائي والاقتصاد الوطني”.

ولفت إلى أنه في البلدان التي تعاني من مشاكل اقتصادية أو صراعات بشكل خاص، يعاني الشباب من البطالة ويحتاجون إلى أماكن سكن ميسّرة. وإذا شاء الله وتوفرت الفرص، يجب أن تأتي الشركات الكبرى وتقوم ببناء هذه المشاريع السكنية العملاقة لتلبية الاحتياجات الأساسية للناس، وفق رأيه.

ووسط كل ذلك، فإن أزمة الإيجارات في حمص ليست مجرد مشكلة اقتصادية، بل هي قضية إنسانية تحتاج إلى تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لحلّها. ومع استمرار غياب الحلول الفعّالة، تزداد معاناة الأهالي يومًا بعد يوم، مما يجعل من الضروري العمل بشكل عاجل على توفير بيئة سكنية ميسورة التكلفة تُعيد للأهالي حياتهم الكريمة.

مشاركة المقال: