يكشف كتاب "أعلام في السياسة والأدب والفن" لسيف الدين القنطار عن وقائع لشخصيات بارزة شاركت في الثورة السورية الكبرى. يستعرض الكتاب حياة الأمير شكيب أرسلان، والمجاهد رشيد طليع، والفنانة أسمهان، والشاعر سلامة عبيد، والأديب صياح الجهيم.
على الرغم من اختلاف اهتماماتهم وأزمنتهم وأماكنهم، إلا أن هؤلاء الأعلام جمعهم قاسم مشترك: تجربتهم في الثورة السورية الكبرى. منهم من عاصرها طفلاً، ومنهم من دافع عنها في المحافل الدولية وقاتل في صفوف الثوار.
يستعرض الكتاب المحطات الهامة في الثورة السورية الكبرى (1925-1927)، التي جذبت انتباه العالم بمقاومة شعب قليل العدد بأسلحة بدائية ضد قوى الاستعمار. كانت الثورة تتويجًا لانتفاضات متفرقة منذ وطأت أقدام الفرنسيين الأراضي السورية، حيث اعترفت الوثائق الفرنسية بمواجهة الجيش الفرنسي لعشرات الانتفاضات.
معركة المزرعة قرب السويداء كانت الأبرز، وألهبت روح النضال في البلاد. وتطرق الكتاب إلى البيان الأول للثورة الذي صدر بعد مؤتمر "ريمة"، والذي طالب بوحدة سوريا واستقلالها التام، وتشكيل حكومة شعبية وجيش وطني، واحترام حقوق الإنسان.
أدركت قيادة الثورة أهمية العمل السياسي ومخاطبة الرأي العام الفرنسي والعالمي، لفضح ممارسات الاحتلال. ووضع الثوار خطة لمهاجمة دمشق، وشكلوا ثلاث فرق اقتحمت المدينة في تشرين الأول 1925. لجأ الفرنسيون إلى الدعاية والحرب النفسية، لكن مجاهدي الثورة وفرسانها خاضوا معارك ظافرة، وإن لحقت بهم انتكاسات.
رموز قادت الثورة
شكيب أرسلان: مفكر وسياسي عربي بارز، يعرف بـ "أمير البيان". أسهم في نشر الوعي القومي ودعم القضايا العربية، بما في ذلك الثورة السورية. يتناول الكتاب أفكاره حول الهوية العربية وأهمية الاستقلال.
رشيد طليع: قائد عسكري وسياسي بارز في الثورة السورية الكبرى، لعب دورًا في تنظيم المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. يذكر الكتاب استراتيجياته العسكرية وأثرها على الثورة.
أسمهان: رمز للفن والمقاومة، مغنية وشاعرة معروفة بمواقفها الوطنية. استخدمت فنها للتعبير عن القضايا الوطنية ودعم الثورة. يسلط الكتاب الضوء على تأثيرها الثقافي ودورها كأيقونة.
سلامة عبيد: شخصية بارزة في الحركة الوطنية السورية، لعب دورًا مهمًا في تنظيم الصفوف ضد الاستعمار. يستعرض الكتاب إنجازاته السياسية ودوره في تعزيز الوعي الوطني.
صياح الجهيم: أحد القادة الميدانيين الذين أسهموا في الثورة السورية الكبرى، وكان له دور في المعارك وقيادة الثوار. يبرز الكتاب التحديات التي واجهها وكيف تغلب عليها.
التأثير المتبادل بين الشخصيات
يذكر الكتاب أن هذه الشخصيات لم تكن تعمل بمعزل عن بعضها، بل تعاونت وتفاعلت لتحقيق أهداف مشتركة. يتناول سيف الدين القنطار العلاقات بين هؤلاء الأعلام، وكيف أثرت أفكارهم وأعمالهم على بعضهم، ما أسهم في تعزيز الحركة الوطنية والثورة ضد الاستعمار.
يقدم الكاتب تحليلًا عميقًا للسياق التاريخي والسياسي الذي نشأت فيه الثورة السورية الكبرى، مشيرًا إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى اندلاعها. يناقش القنطار كيف أن الاستعمار الفرنسي كان له تأثير سلبي على الشعب السوري، ما دفع هؤلاء الأعلام إلى النضال من أجل الحرية والاستقلال.