الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 11:38 PM

إسرائيل تطلق حملة ضخمة للتأثير على جيل الألفية في أمريكا عبر وسائل التواصل والذكاء الاصطناعي

إسرائيل تطلق حملة ضخمة للتأثير على جيل الألفية في أمريكا عبر وسائل التواصل والذكاء الاصطناعي

كشف موقع واي نت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بدأت واحدة من أوسع حملاتها في مجال "الدبلوماسية العامة" داخل الولايات المتحدة منذ بداية الحرب على غزة، مع تخصيص ميزانية كبيرة لهذه الغاية.

في تقرير كتبه دانيال إدلسون ورافائيل كاهان، أوضح الموقع التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن الوزارة رصدت حوالي نصف مليون شيكل (145 مليون دولار) لحملة تهدف إلى التأثير في الرأي العام الأميركي.

وأشار الموقع إلى أن الحملة تستهدف بشكل خاص الشباب، أو ما يعرف بـ "الجيل زد"، من خلال التعاون مع شركات أميركية، ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي.

يُعرف "الجيل زد" بأنه يشمل الأفراد الذين ولدوا بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وتحديدًا بين عامي 1997 و2012 وفقًا لمركز بيو للأبحاث.

وكشفت وثائق قُدمت لوزارة العدل الأميركية بموجب "قانون تسجيل العملاء الأجانب" أن إسرائيل تعاقدت مع شركة أميركية تدعى "كلوك تاور" بقيادة براد بارسكيل، المدير السابق لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، لتنفيذ الحملة.

ولفت الموقع إلى أن براد بارسكيل يشغل حاليًا منصب كبير الإستراتيجيين في مجموعة "سالم ميديا"، وهي شبكة إعلامية مسيحية محافظة تمتلك محطات إذاعية في أنحاء الولايات المتحدة، وقد أعلنت في أبريل/نيسان أن دونالد ترامب الابن ولارا ترامب أصبحا مساهمين بارزين فيها.

ستنفذ الحملة بالتعاون مع وكالة "هافاس ميديا" عبر "مكتب الإعلانات الحكومي" الإسرائيلي، مع التركيز الشديد على المحتوى الرقمي، وتخصيص أكثر من 80% منه للجيل زد عبر منصات مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب والبودكاست.

تأتي هذه الحملة في ظل تراجع الدعم الشعبي لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، خاصة بين الشباب، حيث أظهر استطلاع لمؤسسة "غالوب" في يوليو/تموز الماضي أن 9% فقط من الأميركيين بين 18 و34 عامًا يدعمون العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

كما أظهر استطلاع آخر أجرته وزارة الخارجية الإسرائيلية أن 47% من الأميركيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، مما أدى إلى تحديد هدف غير معتاد للحملة من حيث الوصول، يقدر بنحو 50 مليون ظهور شهري للمحتوى.

ومن أبرز جوانب الحملة المثيرة للجدل محاولة التأثير على استجابة أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل شات جي بي تي وجيميناي وغروك، من خلال إنشاء مواد على الإنترنت يمكن أن تؤثر على البيانات المستخدمة، وبالتالي على طريقة عرض القضايا المرتبطة بإسرائيل.

تخطط شركة "كلوك تاور" لإنتاج محتوى ومواقع إلكترونية مصممة خصيصًا لتوفير "نتائج مؤطرة" في محادثات الذكاء الاصطناعي، في أسلوب جديد يعرف باسم تحسين محركات الذكاء التوليدي GEO، وهو مشابه لممارسات تحسين محركات البحث SEO، ولكنه يركز على التأثير في استجابات نماذج الذكاء الاصطناعي عبر التأثير على مصادر تدريبها.

قال غادي إفرون، الرئيس التنفيذي لشركة الأمن السيبراني الإسرائيلية نوستيك: "مثلما ترسم خرائط SEO المواقع التي تشكل نتائج البحث، ترسم GEO المصادر التي تؤثر على استجابات الذكاء الاصطناعي".

يرى بعض الخبراء أن هذا المجال لا يزال في بداياته، لكنهم يتوقعون له تأثيرًا واسعًا في طريقة تفاعل الذكاء الاصطناعي مع المستخدمين مستقبلًا. يقول غادي إفرون: "إنه مجال جديد، ويطلق عليه البعض جيو لذكاء الجيل الجديد، لكن المصطلحات ما زالت في طور التطور".

بالإضافة إلى حملة كلوك تاور، أطلقت إسرائيل مشروعًا آخر باسم "مشروع إستير" لدعم المؤثرين في الولايات المتحدة الذين ينشرون محتوى مؤيدًا لإسرائيل، ويتم تمويل هؤلاء المؤثرين من قبل الحكومة الإسرائيلية نفسها، في سياق مشروع يتضمن تعاقدات تصل إلى 900 ألف دولار مع شركة "بريدجز بارتنرز" التي أسسها إسرائيليون.

تشمل المرحلة الأولى من المشروع تجنيد 5 إلى 6 مؤثرين، يطلب من كل منهم نشر 25 إلى 30 منشورًا شهريًا، على أن يتوسع المشروع لاحقًا ليشمل مؤثرين إسرائيليين وشركات أميركية، ويحصل المؤثرون على عشرات أو مئات آلاف الدولارات مقابل مشاركاتهم.

وقبل هذه الحملة، كانت إسرائيل قد تعاقدت مع شركة علاقات عامة أميركية مرتبطة بالحزب الديمقراطي، أدارت ما وصف بأنه "مزرعة بوتات" لنشر روايات مؤيدة لإسرائيل، لكنها فسخت العقد في ظروف غامضة، واكتفت الشركة بالقول إنه "تم إنهاء العمل".

توجت هذه الحملة الرقمية بلقاء جمع نتنياهو مع عدد من المؤثرين المؤيدين لإسرائيل في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، حيث شدد نتنياهو على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في معركة إسرائيل الإعلامية، واعتبرها "الجبهة الثامنة" في الحرب، إلى جانب الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية.

وصرح نتنياهو بأن "أهم سلاح اليوم هو وسائل التواصل الاجتماعي"، وأضاف أن إسرائيل بحاجة للتعاون مع شخصيات مثل الملياردير الأميركي إيلون ماسك، والاستثمار في تيك توك من أجل "ضمان النصر في الساحة الأهم".

أثار لقاء المؤثرين هذا مع نتنياهو جدلًا واسعًا، إذ اعتبره البعض محاولة حساسة لدعم الرواية الإسرائيلية، في حين رآه آخرون تجاهلًا لمعاناة عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة الذين كانوا يتظاهرون خارج القنصلية أثناء الاجتماع.

مشاركة المقال: