يشهد عدد من المحافظات السورية، اليوم الأحد، إضراباً واسعاً من قبل سائقي الشاحنات والسيارات الثقيلة، وذلك رفضاً للقرار الأخير الصادر عن وزارة النقل، والذي يقضي بإلغاء مكاتب الدور التقليدية واستبدالها بشركات خاصة تتولى تنظيم عمليات النقل والشحن.
أكد جهاد سلخو، رئيس جمعية السائقين في حلب، لمنصة سوريا 24، أن المطلب الرئيسي للسائقين يتمثل في إعادة العمل بنظام مكاتب الدور، معتبراً إياها "الآلية الوحيدة لضمان توزيع عادل للأحمال بين جميع السائقين".
وأوضح سلخو أن القرار الجديد "غير مناسب للظروف الحالية"، وأنه قد يكون قابلاً للتطبيق "في حال توفر بنية تقنية ومادية أفضل في السنوات المقبلة"، ولكنه في الوقت الراهن "يمثل عبئاً إضافياً على السائقين ويخدم أصحاب رؤوس الأموال على حساب الفئات الأضعف".
وأضاف سلخو أن اعتماد الشركات الخاصة سيؤدي إلى احتكار قطاع النقل وتهميش شريحة واسعة من العاملين فيه. وأشار إلى أن ممثلي السائقين قد اجتمعوا سابقاً مع وزارة النقل وأبدوا اعتراضهم على القرار، "إلا أن المطالب لم تلقَ استجابة من أي جهة رسمية، سواء الوزارة أو المحافظة".
وفيما يتعلق بنطاق الإضراب، أكد سلخو أن التحرك "عام ويشمل عدة محافظات سورية"، موضحاً أن هذه الخطوة "بداية لسلسلة من التصعيد في حال عدم تلبية المطالب"، ولم يستبعد اللجوء إلى خطوات أشد مثل قطع الطرقات، معتبراً أن "السائقين وصلوا إلى مرحلة لم يعد لديهم فيها قدرة على الصبر".
واختتم سلخو حديثه بالتأكيد على أن مكاتب الدور تمثل آلية تنظيمية تحافظ على استقرار قطاع النقل وتحمي السائقين، محذراً من أن إلغائها "سيضعف موقع النقل البري السوري ويجعله رهناً بمصالح الشركات الخاصة، بدلاً من أن يكون أداة لحماية حقوق العاملين وضمان العدالة بينهم".
واعتبر أحد السائقين المشاركين في الإضراب، خلال حديثه لمنصة سوريا 24، أن مطالبهم "بسيطة وعادلة"، موضحاً أن "مكاتب الدور كانت تحفظ حقوق الجميع". وانتقد قرار الوزارة الجديد، محذراً من أنه سيترك آلاف السائقين بلا مصدر رزق، قائلاً: "نحن نعمل ساعات طويلة لإعالة أسرنا، وإذا استمرت هذه السياسة فلن يكون أمامنا سوى ترك المهنة".
تعود فكرة إلغاء مكاتب الدور إلى نقاشات قديمة داخل وزارة النقل حول سبل تطوير قطاع النقل البري، حيث رأت الوزارة أن المكاتب التقليدية لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات السوق، وأن الاعتماد على شركات خاصة سيؤدي إلى تنظيم أفضل لحركة الشحن وتقليل العشوائية التي رافقت عمل المكاتب خلال السنوات الماضية. غير أن شريحة واسعة من السائقين رأت في القرار تهديداً مباشراً لأرزاقهم، إذ اعتبروا أن الشركات ستحتكر سوق النقل لصالح أصحاب رؤوس الأموال، فيما ستفقد الفئات الأضعف فرصها العادلة في العمل.
ومع غياب آليات واضحة لضمان العدالة وتجاهل مطالب السائقين في اجتماعات سابقة مع الوزارة، تصاعد التوتر وصولاً إلى الإضراب العام الذي تشهده عدة محافظات سورية حالياً.