السبت, 10 مايو 2025 02:39 PM

إنقاذ النفط السوري: خطة شاملة لمكافحة الفساد الإداري وتحقيق الشفافية

إنقاذ النفط السوري: خطة شاملة لمكافحة الفساد الإداري وتحقيق الشفافية

مقدمة: الفساد كمنظومة متكاملة

لا يقتصر الفساد في القطاع النفطي على حالات فردية، بل يشكّل نظاماً قائماً على ثلاث ركائز:

  • احتكار المعلومات.
  • تحالفات النفوذ.
  • غياب المحاسبة.

تحقيق الإصلاح يتطلب هدم هذه الركائز عبر خطوات متزامنة تشمل الإدارة، المال، القانون، والتكنولوجيا.

الإصلاح الإداري: تفكيك شبكات النفوذ وتعزيز الكفاءة

إعادة هيكلة القيادات العليا: وهو ما تم جزئياً دون استكمال.

تشكيل لجنة تحقيق مستقلة (محلية): لمراجعة جميع التعيينات خلال العقد الأخير، وإلغاء تلك القائمة على المحسوبية أو الولاءات السياسية والعلاقات غير الأخلاقية.

منع إعادة تدوير المسؤولين المعزولين: عبر مناصب استشارية أو أدوار غير رسمية.

إيجاد آلية فاعلة: لكسر احتكار المعلومات ومشاركة البيانات بين جميع المستويات الإدارية، وإنهاء آلية التسلسل العمودي الصارم.

اعتماد تقييم دائم وسري: يشمل كل حلقات العمل، خصوصاً الأدنى منها، نظراً لارتباطها المباشر بواقع الأداء.

تفعيل الرقابة الداخلية فوراً: مع منح كل مديرية صلاحيات واضحة للتقييم والمساءلة.

بناء كوادر مستقلة

إطلاق برامج تدريبية: بالشراكة مع جامعات محلية ودولية لتأهيل جيل جديد من الإداريين والمهندسين والفنيين.

ربط الترقيات: بنتائج تقييمات أداء نصف سنوية، وتفعيل برامج تدريب أسبوعية لنقل الخبرات.

اعتماد التدريب الداخلي: في كل مديرية، مع ضمان تبادل المعرفة.

إنشاء "بنك كفاءات" إلكتروني: يضم سجلات الموظفين ومهاراتهم، لضمان الشفافية في التعيينات.

الإصلاح المالي: شفافية العقود ومكافحة الهدر

إصلاح نظام المناقصات:

إلزام الوزارة بنشر جميع العقود: على منصة إلكترونية موحّدة، مع ذكر التفاصيل كافة: الأطراف، القيم، والمبررات، وفق معايير منظمة الشفافية الدولية.

إلغاء العقود المباشرة: مع الشركات الوهمية، واستبدالها بمناقصات علنية تُراقب عبر بث مباشر.

تعزيز الرقابة المالية

تطبيق نظام Blockchain: لتتبع إيرادات كل برميل نفط من الاستخراج حتى التصدير، أسوة بالنرويج.

استحداث وحدة مراجعة داخلية مستقلة: تملك صلاحيات إحالة الفاسدين مباشرة إلى القضاء.

الإصلاح القانوني: محاسبة الفاسدين وسد الثغرات

إصدار قانون: يُجرّم التعيينات غير المستندة إلى كفاءة، ويلزم المسؤولين بالكشف عن ذممهم المالية وعقود أقاربهم من الدرجة الأولى.

فرض عقوبات بالسجن والغرامة: على كل من يتورط في صفقات تضر بالمصلحة العامة، مع مصادرة الأصول خلال التحقيقات.

إنشاء منصة إلكترونية للإبلاغ عن الفساد: تضمن السرية الكاملة وعدم ملاحقة المُبلّغين، كما في تجربة العراق.

التحول التكنولوجي: من الفوضى إلى الحوكمة الرقمية

رقمنة جميع الإجراءات: (العقود، طلبات الشراء، تقارير الإنتاج)، وربطها بقاعدة بيانات مركزية.

استخدام الذكاء الاصطناعي: لتحليل نماذج الإنفاق وكشف التكرار والشبهات، مثل بند "صيانة طارئة" المتكرر.

إنشاء مركز وطني لإدارة بيانات النفط والغاز: مع تحديد صلاحيات دقيقة للوصول إلى المعلومات، لمنع تسريبها.

الاستثمار في المستقبل: من الاقتصاد الريعي إلى التنويع

تحويل 20% من عائدات النفط: إلى بناء مصافٍ ومعامل بتروكيماويات حديثة، بهدف تقليل الاستيراد وتوفير وظائف.

تشجيع الشركات الصغيرة: على الاستثمار في الطاقة المتجددة، عبر إعفاءات ضريبية مجزية.

تخصيص 5% من ميزانية الوزارة: لدعم البحث والتطوير في تقنيات استخراج صديقة للبيئة وتحويل الغاز المُهدَر إلى طاقة.

المشاركة المجتمعية: من التهميش إلى الشراكة

إطلاق تطبيق: يتيح للمواطنين الإبلاغ عن شبهات الفساد (تسرب نفطي، معدات معطلة)، مقابل مكافآت مالية.

نشر تقارير دورية: بلغة مبسطة توضح إيرادات القطاع النفطي وأوجه الإنفاق.

عقد مؤتمرات دورية: لمناقشة سياسات الطاقة، مع إشراك الشباب والخبراء المحليين والدوليين، والاستفادة من تجارب مثل الإمارات.

الخاتمة: الإصلاح ليس خياراً، بل ضرورة وجودية

تحويل الوزارة من "دولة عميقة" إلى مؤسسة وطنية يتطلب:

  • إرادة سياسية لمواجهة شبكات النفوذ.
  • شفافية مطلقة في كل إجراء.
  • الاستثمار في الكوادر البشرية.
  • الاستعانة بالخبرات الدولية لضمان نزاهة الإصلاح.

من دون ذلك، ستظل الثروات النفطية عبئاً على البلاد بدل أن تكون مصدر نهضة.

زمان الوصل

مشاركة المقال: