اتفاق بين دمشق وقسد لتشكيل إدارة مشتركة مدنية لسد تشرين

شهدت الساحة السورية تطوراً جديداً ضمن جهود إعادة دمج مكونات الإدارة الذاتية في هيكل الدولة السورية، مع الإعلان عن اتفاق بين الإدارة الذاتية ودمشق لتشكيل إدارة مشتركة لسد تشرين الاستراتيجي الواقع على نهر الفرات شمال شرق حلب. يُعد هذا الاتفاق خطوة حاسمة تهدف إلى حماية البنية التحتية الحيوية من المخاطر المحتملة، وتجنب تصعيد النزاع في المنطقة.
كشف مصدر كردي عن تفاصيل الاتفاق الذي تم توقيعه في 11 مارس الماضي بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع. ينص الاتفاق على إدارة السد بصورة مشتركة بين الطرفين، مع انسحاب القوات العسكرية التابعة للإدارة الذاتية من محيط السد، وتسليمه أمنياً إلى جهاز الأمن العام التابع للسلطة المركزية. ميدانياً، بدأت إجراءات تنفيذ الاتفاق بانسحاب مئات العناصر من مناطق في حلب وعفرين.
سد تشرين، الذي يعتبر ثاني أكبر السدود الكهرومائية في سوريا بعد سد الفرات، يُنتج حوالي 630 ميغاواط من الكهرباء، ويوفر مياه الري لعشرات آلاف الهكتارات الزراعية، مما يجعله شرياناً استراتيجياً في البلاد. ومع ذلك، ظل السد طوال سنوات الحرب محل تنافس بين الأطراف المختلفة، من الحكومة السورية وتنظيم "داعش"، حتى قوات قسد التي تسيطر عليه منذ عام 2015، ما جعله ساحة للصراع العسكري والسياسي.
على إثر الاتفاق، قدّم مصدر في المؤسسة العامة لإدارة السدود تحذيراً من المخاطر المترتبة على إعاقة تنفيذ التفاهم السياسي، خصوصاً أن السد تعرض مؤخراً لأضرار فنية نتيجة العمليات القتالية. وأوضح المصدر أن الكوادر المحلية تمكنت بجهود مضنية، وبدعم من منظمات دولية، من إعادة تشغيل جزئي للسد، وتأمين خط طاقة مؤقت بديل من سد الفرات، مشيراً إلى أن استعادة سد تشرين كامل قدرته الإنتاجية مرهونة بتوفير قطع غيار غير متاحة حالياً في سوريا.
السد الذي يقع على بُعد 115 كيلومتراً شرق مدينة حلب و30 كيلومتراً من منبج، يظل محوراً استراتيجياً نظراً لدوره في توليد الكهرباء وتوفير المياه وتحقيق الأمن الغذائي في الشمال السوري. خلال النزاع، تعرض السد لاعتداءات متكررة، سواء عبر القصف أو الإهمال الفني، مما أثار مخاوف من وقوع كوارث بيئية وإنسانية هائلة قد تؤثر على مناطق واسعة، بما في ذلك انهيار محتمل لسد الفرات وسد البعث.
في السياق ذاته، يعتبر الاتفاق خطوة ضمن إعادة التوازن السياسي والعسكري في شمال سوريا، وسط مؤشرات على توافق بين دمشق وبعض القوى المحلية لتفادي تصعيد جديد يهدد المنشآت الحيوية. وعلى الرغم من أهمية الاتفاق، يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على استقراره، بعيداً عن أي تجاذبات سياسية أو عسكرية قد تزيد تعقيد المشهد.