الأربعاء, 23 أبريل 2025 09:41 PM

اعتراف صادم بجريمة قتل في تلكلخ يجدد المطالب بتفعيل العدالة الانتقالية في سوريا

اعتراف صادم بجريمة قتل في تلكلخ يجدد المطالب بتفعيل العدالة الانتقالية في سوريا

أطلق ناشطون دعوات للتظاهر تحت شعار "جمعة الغضب"، مطالبين بتطبيق العدالة الانتقالية على جميع المجرمين. تتزامن هذه الدعوات مع انتشار فيديو لشخص يعرّف عن نفسه كعنصر أمن يعترف بقتل شخص آخر بعد فشله في تقديم شكوى ضده.

واستخدم الناشطون هاشتاغ "الثورة مستمرة"، داعين إلى مظاهرات يوم الجمعة القادم. يبدي العديد من السوريين استغرابهم من تأخر إطلاق مسار العدالة الانتقالية، الذي يعتبرونه صمام الأمان للسلم الأهلي والوصول إلى مستقبل أفضل لسوريا.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، ظهر "حسين نعيمي"، معرّفاً عن نفسه بأنه عنصر في جهاز الأمن العام، واعترف علناً بتنفيذ جريمة قتل بدافع الانتقام. هذا الاعتراف أعاد إلى الواجهة قضية العدالة الانتقالية المؤجلة، والتي كان من المفترض أن تكون أساس مرحلة ما بعد النزاع.

الاعتراف العلني، الذي بُث في تسجيل مصور، سلط الضوء على الغياب شبه الكامل لأي مسار فعال للعدالة الانتقالية في سوريا. قال "نعيمي" إنه قتل رجلاً يدعى "أسامة" بحجة أنه كان قناصاً على أحد الحواجز وقتل عمه وصديقه خلال سنوات الحرب. وأضاف أنه حاول مراراً تقديم شكاوى ضد "الشبيح" دون جدوى، ليقرر في النهاية تنفيذ ما اعتبره "عدالة شخصية"، متوعداً بمزيد من التصفيات بحق كل من أذاق أهالي تلكلخ الألم.

بينما تسعى بعض القوى إلى إعادة إنتاج الدولة كواجهة استقرار، تذكر مشاهد كهذه بأن العدالة ليست أمراً ثانوياً، بل ضرورة وجودية لمجتمع مزقته الحرب والانقسامات. من هذا المنطلق، دعا العديد من معارضي "الأسد" والسوريين إلى تنفيذ العدالة الانتقالية، منتظرين أن تشفى جراحهم بمحاسبة المجرمين.

المهندس "حسام الخوجه" أعرب عبر صفحته على فيسبوك عن ثقته بالقيادة السورية، داعياً إياها لإطلاق مسار العدالة الانتقالية بوصفه أحد أولياء الدم السوري، وقال: «أدعوكم إلى البدء بإجراءات العدالة الانتقالية كما أقررتم في الإعلان الدستوري، أياً كانت تبعات هذا القرار، ومنح هذا الملف أولوية قصوى صوناً للسلم الأهلي، وإحقاقاً للحق، ودرءاً للفتنة، وردعاً لكل من يسعى إلى زرع الشقاق بين الشعب وحكومته».

الفنانة السورية "رشا رزق" شاركت مقطع الفيديو للعنصر الأمني، ووجهت انتقاداً لاذعاً لما وصفته بتجاهل السلطات الانتقالية لمطلب العدالة، محذرة من أن الاستمرار في طمس هذا الملف يفتح الباب أمام الفوضى والانتقام، وشددت على أن "إرضاء الداخل وأصحاب الدم والحق يجب أن يكون الأولوية".

يرى عضو جمعية خليل معتوق لحقوق الإنسان، "ميشال الشماس"، أن فيديو الاعتراف بجريمة القتل في تلكلخ مؤشر خطير على حالة الانفلات الناتجة عن غياب مسار واضح للعدالة الانتقالية، وأضاف أن «عمليات الانتقام خارج إطار القانون لا تكتفي بتقويض السلم الأهلي، بل تساهم في طمس الحقيقة، وتُهدد بضياع الأدلة التي من شأنها إدانة مرتكبي الجرائم في عهد النظام السابق».

وحذّر الشماس من أن استمرار التجاهل الرسمي لهذا الملف يعزز بيئة العنف المضاد، ويعبّر عن «خفة وسطحية في التعامل مع المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة، الأمر الذي يُعد شكلاً من أشكال الازدراء بحق الضحايا وذويهم، ويغذّي مشاعر الانتقام».

ودعا الشماس إلى الإسراع في تشكيل هيئة عدالة انتقالية مستقلة، باعتبارها حجر أساس في مسار الاستقرار ومعالجة الجراح المفتوحة.

وحمّل السلطة الحالية جزءاً كبيراً من المسؤولية عن انتشار مثل هذه الأفعال، نتيجة "صمتها وتقصيرها"، وفق تعبيره.

وأوضح أن أحد أبرز العوائق أمام إطلاق هذا المسار يتمثل في «خشية بعض المسؤولين الحاليين من أن تطالهم المحاسبة»، إلى جانب غياب بنية قانونية داعمة، نتيجة توقف عمل المجلس التشريعي في سوريا، مما يعقّد جهود إصدار أو تعديل القوانين اللازمة للعدالة الانتقالية.

وسبق أن دعت العديد من المنظمات والنقابات إلى الإسراع بإطلاق مسار العدالة الانتقالية، الذي ينظر إليه بأنه الضامن الوحيد لاستقرار البلاد والسلم الأهلي.

مشاركة المقال: