الثلاثاء, 29 أبريل 2025 01:55 PM

اكتشاف مُذهل: تلسكوب جيمس ويب يرصد مؤشرات قوية على وجود حياة على كوكب K2-18b البعيد!

اكتشاف مُذهل: تلسكوب جيمس ويب يرصد مؤشرات قوية على وجود حياة على كوكب K2-18b البعيد!

بقلم: بالاب غوش

ترجمة: حازم محمود فرج

اكتشف علماء الفلك أدلة أولية واعدة تشير إلى إمكانية وجود حياة على كوكب بعيد يدور حول نجم آخر.

فقد رصد فريق من جامعة كامبريدج، أثناء دراسة الغلاف الجوي للكوكب K2-18b، مؤشرات على وجود جزيئات قد تنتجها كائنات حية بسيطة فقط.

تُعد هذه المرة الثانية، والأكثر إثارة، التي يرصد فيها تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST التابع لناسا مواد كيميائية مرتبطة بالحياة في الغلاف الجوي لهذا الكوكب. ومع ذلك، يؤكد الفريق العلمي وعلماء فلك آخرون مستقلون على الحاجة إلى مزيد من البيانات لتأكيد هذه النتائج.

ذكر الباحث الرئيسي، البروفيسور نيكو مادوسودان، في مختبره بمعهد علوم الفلك بجامعة كامبريدج، أنه يأمل في الحصول على دليل قاطع قريبًا: "هذا أقوى دليل حتى الآن يشير إلى احتمال وجود حياة هناك. أستطيع القول بواقعية إنه يمكننا إثبات هذه الإشارة في غضون عام أو اثنين".

يبلغ حجم الكوكب K2-18b حوالي مرتين ونصف حجم الأرض، ويبعد عنا مسافة سبعمائة تريليون ميل.

يتمتع تلسكوب جيمس ويب الفضائي بقدرة هائلة على تحليل التركيب الكيميائي للغلاف الجوي للكوكب أثناء عبور ضوء النجم الأحمر الصغير الذي يدور حوله.

وجد فريق جامعة كامبريدج أن الغلاف الجوي للكوكب K2-18b يحتوي على بصمة كيميائية لجزيء واحد على الأقل من جزيئين يرتبطان بوجود الحياة: كبريتيد ثنائي الميثيل (DMS) وثاني كبريتيد ثنائي الميثيل (DMDS)، وهما من الغازات التي تنتجها البكتيريا والعوالق النباتية البحرية على الأرض.

أعرب البروفيسور مادوسودان عن دهشته من كمية الغاز التي رُصدت بوضوح أثناء فرصة رصد واحدة، قائلًا: "نقدّر أن تكون كمية هذا الغاز في الغلاف الجوي للكوكب K2-18b أكثر بآلاف المرات مما يوجد هنا على الأرض. لذا، إذا كان ارتباط هذا الغاز بالحياة حقيقيًا، فسيكون هذا الكوكب زاخرًا بالحياة".

وأضاف: "إذا أثبتنا وجود حياة على الكوكب K2-18b، فإن ذلك يؤكد بصورة أساسية أن وجود الحياة شائع جدًا في مجرتنا".

ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلات وشكوك كثيرة، كما يقر فريق البروفيسور مادوسودان بصراحة.

أولاً، لم تحدث عملية الكشف الأحدث هذه وفق المعايير المطلوبة للقول بحدوث اكتشاف. يجب على الباحثين أن يكونوا متأكدين بنسبة 99.99999% تقريبًا من صحة نتائجهم، وأنها ليست مجرد قراءة عشوائية.

تبدو هذه النتائج الأخيرة أنها تحقق درجة ثلاثة سيغما فقط، أي 99.7%. قد يبدو هذا كثيرًا، لكنه لا يكفي لإقناع العلماء. ومع ذلك، فهو أكثر بكثير من نتيجة سيغما واحدة التي بلغت 68%، وحصل عليها الفريق قبل 18 شهرًا، وقوبلت حينها بكثير من الشكوك.

حتى لو حصل فريق علماء كامبريدج على نتيجة خمسة سيغما، فلن يكون هذا دليلًا قاطعًا على وجود حياة على الكوكب، وفقًا للبروفسورة كاثرين هيمنز من جامعة إدنبرة وعالمة الفلك الملكية في اسكتلندا، والتي تعمل بمعزل عن فريق البحث: "حتى مع هذه الثقة، ما زال السؤال حول مصدر هذا الغاز قائمًا".

وأضافت: "هنا على الأرض، ينتج هذا الغاز من نشاط كائنات حية دقيقة في المحيطات، ولكن حتى مع رصدنا بيانات مثالية لا يمكننا القول على وجه اليقين أن هذا الغاز هو من أصل بيولوجي على كوكب فضائي غريب، وذلك لأن هناك الكثير من الأمور الغريبة تحدث بعيدًا في الكون، ونحن لا نعرف ما هو النشاط الجيولوجي الآخر الذي يمكن أن يحدث على ذلك الكوكب، والذي قد ينتج هذه الجزيئات".

يتفق فريق علماء كامبريدج مع هذا الرأي؛ وهم يعملون مع مجموعات علمية أخرى لمعرفة ما إذا كان يمكن إنتاج جزيئي DMS وDMDS بمواد غير حية في المختبر.

كما قدمت مجموعات بحثية أخرى تفسيرات بديلة، تخلو من تفسير الحياة، لبيانات الكوكب K2-18b. وهناك جدل علمي قوي، ليس فقط بشأن وجود جزيئي DMS وDMDS، بل أيضًا بشأن بنية وتركيب هذا الكوكب.

أما السبب الذي يدفع الكثير من الباحثين لاستنتاج وجود محيط سائل شاسع على الكوكب K2-18b فهو غياب غاز الأمونيا في غلافه الجوي. تفترض نظريتهم وجود كتلة مائية ضخمة تحته تمتص الأمونيا. كما يمكن تفسير ذلك أيضًا بوجود محيط من صخور مصهورة، وهو ما قد يمنع وجود الحياة، وفقًا للبروفسور أوليفر شورتل من جامعة كامبريدج.

يقدم الدكتور نيكولاس ووغان من مركز أبحاث آمِس التابع لوكالة ناسا تفسيراً آخر لبيانات الكوكب الملتقطة؛ وقد نشر بحثاً يشير إلى أن الكوكب K2-18b هو عملاق غازي صغير لا سطح له.

كما طعنت فرق علمية أخرى في هذين التفسيرين البديلين، بحجة تعارضهما مع بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST، وكل هذا يُسلط الضوء على حدة الجدل العلمي بشأن طبيعة الكوكب K2-18b.

يُقر البروفيسور مادوسودان بأنه ما زال أمامه عمل علميٌّ شاق للإجابة عن أحد أهم الأسئلة في العلوم. غير أنه يعتقد أنه يسير وفريقه على الطريق الصحيح.

ويختتم قائلاً: "بعد عقودٍ من الآن، قد ننظر إلى هذه النقطة من الزمن ونُدرك أنها كانت اللحظة التي أصبح فيها اكتشاف وجود الحياة في الكون في متناول يدنا. قد تكون هذه نقطة تحول في العلم، يصبح فجأة عندها السؤال الجوهري عما إذا كنا وحدنا في هذا الكون سؤالاً نستطيع الإجابة عنهً".

نُشر البحث في مجلة The Astrophysical Journal Letters.

صور المقال:

1. تصور فني للكوكب K2-18b؛ وهو كوكب بعيد قد يكون موطنًا لحياة عليه [جامعة كامبريدج].

2. التلسكوب جيمس ويب الفضائي هو تلسكوب قوي بما يكفي ليستطيع تحليل الغلاف الجوي للكواكب التي تبعد عنا مئات التريليونات من الأميال [وكالة ناسا].

بالاب غوش Pallab Ghosh

المراسل العلمي لـ BBC News

مشاركة المقال: