أكد رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة بسوريا، روبرت بيتي، أن تحقيق العدالة في سوريا لم يعد مجرد طموح نظري أو هدف سياسي بعيد المنال، بل أصبح فرصة ملموسة وقابلة للتحقيق.
جاءت تصريحات بيتي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدم تقريرًا مفصلًا عن التقدم الذي أحرزته الآلية في دعم التحقيقات والملاحقات القضائية المتعلقة بالجرائم الجسيمة المرتكبة في سوريا منذ آذار 2011.
ووصف بيتي سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024 بأنه "لحظة مفصلية" أنهت أكثر من 13 عامًا من الصراع و50 عامًا من الحكم الاستبدادي، مشيرًا إلى أن فريقه تمكن من إجراء أول زيارة رسمية إلى سوريا في كانون الأول الماضي، وبدأ "حوارًا بناءً" مع السلطات السورية.
وأشاد بيتي بالإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية لحماية البيانات وتنظيم الوصول إلى المواقع التي تحتوي على معلومات وأدلة قيّمة، معتبرًا أنها قد تساعد في إثبات المسؤولية الجنائية للأفراد المتورطين.
وكشف عن أن الآلية نفذت 154 نشاطًا لجمع البيانات في عام 2024 وحده، مما رفع حجم مستودعها المركزي إلى 280 تيرابايت من البيانات، وأن هذه الأدلة دعمت بشكل مباشر نجاح الملاحقات القضائية في ولايات قضائية متعددة وأدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق الجناة.
وأشار إلى أن الآلية تلقت حتى الآن 466 طلب مساعدة من 16 ولاية قضائية، تتعلق بـ 321 تحقيقًا منفصلًا في جرائم ارتكبتها مجموعة واسعة من الجناة في سوريا.
وأبرز بيتي دعم الآلية للتحقيقات الفرنسية التي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، بالإضافة إلى ثمانية مسؤولين كبار آخرين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وشدد على أن الآلية تركز على الضحايا والناجين، مؤكدًا أن لكل فرد منهم الحق في العدالة.
فجوة في التمويل
على الرغم من التقدم المحرز، حذر بيتي من اتساع فجوة التمويل البالغة 7.5 مليون دولار أمريكي لعام 2025، مشيرًا إلى أنها قد تتسع أكثر، مما سيؤدي إلى تباطؤ التحقيقات وتأخر المساعدات وتقليل فرص تحقيق العدالة.
ودعا الدول الأعضاء إلى تقديم دعم مالي متعدد السنوات، مؤكدًا على أهمية أن تكون عملية العدالة الانتقالية شاملة ويقودها السوريون، وأن يحددوا بأنفسهم معنى العدالة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
واعتبر أن جهود الوصول للعدالة في سوريا يجب أن تكون مدعومة من قبل المجتمع الدولي، مشددًا على أن المساءلة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت جزءًا من استجابة شاملة للتحديات التي تواجهها سوريا.