الإثنين, 6 أكتوبر 2025 12:53 PM

الحد الأدنى للأجور في الدول العربية غير النفطية: هل هو كافٍ لتأمين حياة كريمة؟

الحد الأدنى للأجور في الدول العربية غير النفطية: هل هو كافٍ لتأمين حياة كريمة؟

بقلم: علي عبود

يثير موضوع الحد الأدنى للأجور جدلاً واسعاً، خاصة في الدول العربية غير النفطية. ففي حين يكفي الأجر في الدول المتقدمة لتغطية تكاليف السكن والنقل والملبس والغذاء، بالإضافة إلى بعض الترفيه، يمثل الحد الأدنى للأجور في الدول ذات الموارد المحدودة تحدياً معيشياً واجتماعياً كبيراً.

حتى لو غطى الحد الأدنى للأجور الاحتياجات الأساسية، فإنه غالباً ما يكون غير كاف لتأمين سكن صحي لأسرة مكونة من أربعة أفراد، في حين يتمتع المسؤولون بمستويات معيشة مرتفعة. سواء كان الحد الأدنى للأجور 500 دولار أو 20 دولاراً شهرياً، فإن القدرة الشرائية لأصحاب هذه الأجور تبقى محدودة، ولا تسمح بتأمين متطلبات الحياة الأساسية.

ومن المفارقات أن دخل أصحاب المهن والحرف، حتى غير المتعلمين منهم، قد يتجاوز الدخل الشهري لأستاذ جامعي قضى نصف قرن في التدريس، باستثناء بعض أصحاب المهن الحرة كالأطباء والمحامين والمهندسين والصيادلة. كما انتشرت ظاهرة "أجرة الكشفية" التي يتقاضاها الكهربائيون والصحيون ومصلحو المعدات الكهربائية بغض النظر عن إتمام الإصلاح، وهو أمر غير معهود في الدول التي تحترم كوادرها العلمية.

كما يطالب العاملون والموظفون ذوو الرواتب المتدنية التي لا تتجاوز 30 دولاراً بمساواتهم بعمال الدول التي تصل فيها الأجور إلى 500 دولار، مع أن النتيجة واحدة: عجز العاملين في الدول العربية غير النفطية عن العيش الكريم دون مساعدة من الجمعيات الخيرية أو المغتربين. وقد صرح أستاذ جامعي لبناني بأنه يعمل في ثلاث وظائف بالإضافة إلى عمل زوجته لتأمين معيشة أسرته.

إذا كانت بعض الدول العربية تمنح حداً أدنى للأجور ببضع مئات من الدولارات، فذلك لأن عدد العاملين في القطاع العام فيها قليل. أما في الدول التي يعمل فيها الملايين في المؤسسات والإدارات العامة، فإن الحد الأدنى للأجور يتراوح بين 20 و 150 دولاراً.

يبقى السؤال المطروح: هل تعجز الدول العربية غير النفطية عن توفير أجر يكفي لتأمين احتياجات الأسرة من مأكل وملبس ونقل وسكن وترفيه؟ قد تبرر الحكومات ذلك بمحدودية الموارد المالية، ولكن ماذا عن القطاع الخاص؟ فبالرغم من عدم وجود عمالة زائدة في المؤسسات الخاصة وتحقيقها أرباحاً عالية، فإن الحد الأدنى والأقصى للأجور فيها ليس أفضل حالاً من المؤسسات الحكومية. هذا الواقع يدفع الحكومات إلى التباهي بالعمالة الرخيصة أمام المستثمرين الأجانب، وكأنها تقول: عمالنا يرضون بأجور زهيدة!

(موقع أخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: