الخميس, 8 مايو 2025 04:58 PM

الرئيس السوري الشرع في باريس: هل تفتح الزيارة الباب أمام انفراجة غربية تجاه دمشق؟

الرئيس السوري الشرع في باريس: هل تفتح الزيارة الباب أمام انفراجة غربية تجاه دمشق؟

في خطوة تحمل دلالات سياسية كبيرة، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية باريس، في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتُعدّ هذه الزيارة بمثابة بداية حقيقية لانفتاح غربي تدريجي على دمشق، من بوابة باريس، في ظل استمرار التريّث الأميركي بالتعاطي المباشر مع الحكومة السورية الجديدة، سواء فيما يتعلق برفع العقوبات بشكل كامل أو فتح قنوات سياسية رفيعة المستوى.

وبحسب وزارة الإعلام السورية، فإن اللقاء بين ماكرون والشرع يركّز على عدة ملفات ذات أولوية، أبرزها ملف العقوبات الغربية على سوريا، وسبل دعم الاستقرار الإقليمي، والتعاون في ملف مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الوضع في لبنان. وتسعى فرنسا، من خلال هذا اللقاء، إلى لعب دور محوري في رسم ملامح المرحلة المقبلة في سوريا والمنطقة، عبر إطلاق مبادرة دبلوماسية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطراف الدولية، وتعيد باريس إلى الواجهة كلاعب سياسي أساسي في الشرق الأوسط.

قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسام النجار في تصريح خاص إن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى فرنسا تمثل خطوة متقدمة على الأرجح جاءت بتوافقات وتفويض دولي، وتهدف إلى فتح حوار مباشر بين الحكومة السورية الحالية والدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا التي تسعى إلى استعادة دورها المركزي في الشرق الأوسط، رغم موقفها المعروف من "قسد" وتأثير اللوبي الكردي على القرار الفرنسي.

وأوضح النجار أن فرنسا، التي سبق أن سعت قوى يمينية فيها لإعادة تأهيل النظام البائد قبل أن تصطدم بفيتو أمريكي، تحاول اليوم لعب دور الوسيط الأساسي مع دمشق بترتيب أولويات الدول المعنية، مثل ملف المقاتلين الأجانب ووضع الأقليات والانتخابات والعلاقة مع موسكو في ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وأكد النجار أن الانفتاح الغربي على الحكومة السورية الحالية مرهون بتنفيذ المطالب الغربية، خصوصاً ما يتعلق بأمن إسرائيل، مشيراً إلى أن رفع العقوبات واسم الرئيس الشرع من القائمة السوداء لن يحدث قبل تنفيذ دقيق للشروط الموضوعة.

وأضاف أن الدعوة الفرنسية قد تتبعها دعوات أوروبية مماثلة، خاصة من ألمانيا، في ظل سعي الاتحاد الأوروبي لفتح أسواق جديدة، والمساهمة في إعادة إعمار سوريا، واستثمار طاقات الجاليات السورية المقيمة في أوروبا في عملية التعافي.

أكد الرئيس أحمد الشرع، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، أن سوريا تدخل مرحلة جديدة من التعاون الدولي، مشيداً بدور فرنسا في دعم اللاجئين السوريين خلال سنوات الحرب، ومؤكداً أن "سلامة السوريين أولويتنا القصوى ولا أحد أحرص منا عليها".

وأشار الشرع إلى أن سوريا صمدت رغم عقد من الجوع والحصار والموت، وأن الشعب السوري رفض الخضوع للاستبداد، وتمسك بإنسانيته وحقه في بناء دولة عادلة. وأضاف: "نواجه الطائفية ونطوي صفحة الحكم الاستبدادي".

وأوضح أنه بحث مع ماكرون سبل إعادة الإعمار، وتحقيق العدالة والمساءلة، والتعاون في ملف مكافحة المخدرات والأسلحة الكيميائية، مؤكداً فتح بلاده الأبواب أمام لجنة التحقيق الدولية.

وتناول اللقاء الأمن الإقليمي، والهجمات الإسرائيلية المتكررة، والوضع الحدودي مع لبنان، مشيراً إلى أن بلاده "جاهزة لإطلاق مفاوضات لترسيم الحدود مع لبنان".

وفي ختام كلمته، شدد الشرع على أن "مستقبل سوريا لن يُصاغ في غرف مغلقة، بل بإرادة السوريين"، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم جهود الاستقرار، ورفع العقوبات التي تعرقل مسار التعافي.

مشاركة المقال: