الثلاثاء, 30 سبتمبر 2025 07:52 PM

السودان: وفرة الموارد تتحول إلى نقمة في ظل صراعات السلطة

السودان: وفرة الموارد تتحول إلى نقمة في ظل صراعات السلطة

كتب محمد خير الوادي: بعد زيارات عديدة للسودان، ترسخت لدي قناعة بأن هذا البلد يمثل نموذجاً حياً لما يعرف بـ "لعنة وفرة الموارد".

لقد أنعم الله على السودان الشقيق بموارد نادرة، حيث يمتلك مساحة شاسعة تقدر بمليون وثمانمائة ألف كيلومتر مربع من الأراضي الخصبة، تشكل المساحة القابلة للزراعة فيها نحو الثلث، وهي نسبة عالية عالمياً. كما يزخر السودان بموارد مائية وفيرة من أمطار وأنهار، مما يجعله في مقدمة دول العالم في هذا المجال. ويتميز الشعب السوداني بثقافة وعلم وقدرة على العمل والإنتاج، بالإضافة إلى احتضان أرضه لثروات هائلة من الذهب والمعادن النادرة والنفط واليورانيوم والصمغ العربي وغيرها.

ومع ذلك، تصدمنا يومياً أخبار المجاعة التي تفتك بثلثي السودانيين، وتحزننا مناظر ملايين المهجرين والنازحين، ويؤلمنا ما نشاهده من تدمير وقتل، وهو ما يطغى اليوم على كل شيء آخر في هذا البلد المنكوب.

إن مشكلة السودان لا تكمن في شعبه الطيب المعطاء العريق، ولا في ندرة الموارد الطبيعية، بل في القيادات التي تعاقبت على هذا البلد العربي الأصيل. فقد كان ديدن معظم هذه القيادات هو الاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن، وكان هاجس المتنفذين جمع الثروة. ونظرة سريعة على الصراع الدموي الدائر اليوم بين قوات الدعم السريع وما تبقى من الجيش السوداني تؤكد ذلك. إنه صراع بين طرفين قررا وضع مصالحهما الشخصية والسلطوية الضيقة فوق مصالح البلد والشعب، ولذلك يخوضان حرباً ضروساً تطحن الأخضر واليابس في هذا البلد الغني، حرباً من أجل السيطرة على منابع النفط ومناجم الذهب واليورانيوم، ومعامل إنتاج الصمغ العربي.

إنها حرب دمرت مقومات التنمية في السودان، وأفقرت شعبه وشرّدت طاقاته العلمية والفكرية، وفتحت الباب على مصراعيه أمام التدخل الأجنبي البغيض. حرب جعلت سلة العرب الغذائية تستجدي المساعدات الغذائية الأجنبية. فياله من ذل وهوان!

والمشكلة أن المتصارعين لا يشعرون بهذا الهوان، ولا يقيمون وزناً للنتائج الكارثية لخصوماتهم الأنانية هذه.

لقد ابتلي السودان، وهو أرض الخير والكرامة والعزة، بقيادات حولت وفرة الموارد هناك إلى نقمة على الشعب، قيادات حطمت آمال السودانيين وأحلامهم في بناء بلد يكون أنموذجاً للآخرين في استثمار موارده، وبناء حياة رغيدة وعيش كريم. ولا أدري، هل سيملك أولئك الذين أشعلوا هذه الحرب العبثية جرأة – بعد الذي فعلوه – على النظر مستقبلاً في عيون السودانيين؟ وكيف سيسوغون هذه الكارثة التي حلت بالسودان وأهله، نتيجة أنانيتهم وسلوكهم اللامسؤول والمستهجن؟ (أخبار سوريا الوطن1-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

مشاركة المقال: