الجمعة, 6 يونيو 2025 09:07 PM

العراق: فصائل المقاومة تهدد واشنطن بتصعيد عسكري بسبب "المماطلة" في الانسحاب

العراق: فصائل المقاومة تهدد واشنطن بتصعيد عسكري بسبب "المماطلة" في الانسحاب

بعد فترة طويلة من الصمت، استعادت المقاومة العراقية، عبر “كتائب حزب الله”، لهجة التصعيد ضد المحتل الأميركي، في ما عكس خلافاً مع الحكومة حول التعامل مع الاحتلال.

صعّدت «كتائب حزب الله في العراق»، وهي واحد من أبرز فصائل المقاومة في البلاد، لهجتها تجاه الاحتلال الأميركي للعراق، مهدّدة باستخدام «القوة» لإجبار القوات الأميركية على الانسحاب من القواعد العسكرية، في ما يعكس توتّر العلاقة بين بعض القوى السياسية والحكومة من جهة، والفصائل من جهة أخرى. وفي بيان شديد اللهجة أصدره المسؤول الأمني فيها، أبو علي العسكري، مساء أول أمس، دعت الكتائب إلى «انسحاب فوري وكامل» للقوات الأميركية من قاعدتي «عين الأسد» في محافظة الأنبار، و»فكتوريا» قرب مطار بغداد الدولي، بالإضافة إلى «إخراج الطائرات الحربية الأميركية من الأجواء العراقية»، قائلة إن صبرها «بدأ ينفد»، وإنها ستلجأ إلى ما وصفته بـ»ضربات شديدة تُجبر القوات الأميركية على الخروج تحت النار»، في حال استمرار ما سمّته «المماطلة في تنفيذ الاتفاق بين بغداد وواشنطن».

ويأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه العراق مفاوضات أمنية حساسة بين الحكومة والجانب الأميركي، لبحث مستقبل الوجود العسكري الأميركي، وإمكانية التحوّل من مهام قتالية إلى استشارية وتدريبية، تماشياً مع مطالب مجلس النواب وقرار إخراج القوات الأجنبية الذي صوّت عليه الأخير عام 2020. ويرى مراقبون أن هذه التهديدات تمثّل اختباراً حقيقياً لحكومة محمد شياع السوداني، الذي يسعى لتحقيق توازن دقيق بين الشركاء الدوليين والفصائل السياسية والعسكرية المحلية، ولا سيما في ظل اقتراب الانتخابات التشريعية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل، خصوصاً مع احتمال عودة مشهد التصعيد بين واشنطن والمقاومة العراقية.

ولم يصدر أي ردّ رسمي من الجانب الأميركي على تهديدات الكتائب، في حين التزمت الحكومة الصمت حيال البيان، وسط دعوات من أطراف سياسية إلى تهدئة الأوضاع ومنع الانزلاق نحو مواجهة من شأنها أن تُربك الوضعين الأمني والاقتصادي في البلاد. ويخشى مراقبون من أن تؤدّي هذه التصريحات إلى إضعاف فرص الحوار القائم حالياً بين العراق والولايات المتحدة، في وقت يُنتظر فيه وضع جدول زمني واضح لإنهاء الوجود القتالي الأجنبي، وإعادة ترتيب العلاقة الأمنية بين الطرفين.

بيان «أبو علي العسكري» يعكس توتراً بين الحكومة والمقاومة بشأن الاحتلال

ويُعدّ هذا أول تهديد مباشر من الكتائب لواشنطن منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ وهو – بحسب ما يذهب إليه البعض – قد يُربك سير المفاوضات الرامية إلى تهدئة الأجواء، بل وربما يدفع بالجانب الأميركي إلى إعادة حساباته العسكرية والسياسية في العراق، خصوصاً إذا تحوّل التهديد إلى عمليات ميدانية حقيقية. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية والخبير الأمني، علي الشمّري، إن «تهديد كتائب حزب الله والتلويح بعودة عملياتها العسكرية، فيهما رسائل عديدة أمنية وسياسية»، مبيّناً في تصريح إلى «الأخبار» أن «التوقيت يعكس أمرين، أولهما خلاف الكتائب مع السوداني، والثاني ربما تعثّر المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة».

ويضيف أن «الفصائل التزمت الصمت طوال الفترة الماضية التي شهدت تحوّلات غير مسبوقة، على رأسها خسارة محور المقاومة بعد أحداث سوريا جزءاً كبيراً من سيطرته في المنطقة. وعليه، فإن عودة التلويح بضرب المصالح الأميركية وإحراج الحكومة، ليست بالأمر القليل». ويتوقّع الشمّري أن تضاعف الحكومة مساعيها للتهدئة داخلياً وخارجياً، وأن تضغط على الفصائل لضبط نفسها تلافياً لأي تصعيد محتمل، مشيراً إلى أن «العراق لم يعد ساحة داخلية فقط، بل عقدة جغرافية سياسية في صراع النفوذ الأميركي – الإيراني، حيث تُستخدم الأراضي العراقية في كثير من الأحيان للرسائل العابرة للحدود».

من جهته، يرى عضو مركز «الرفد» التابع لحركة «النجباء»، علي سباهي، أن «الحكومة العراقية تسعى في مسارها الدبلوماسي لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق حسب التوقيتات المتّفق عليها مسبقاً، لكنّ واشنطن لا تريد الخروج لعدة اعتبارات ومصالح». ويقول في تصريح إلى «الأخبار» إن «المقاومة هي رأي الشعب العراقي الرافض للاحتلال. ولهذا هي تعمل بمعزل عن الجهات الرسمية»، مؤكداً أن «دور المقاومة باق ولم ينته أبداً، طالما هناك محتل وعدو يتربّصان ببلادنا». ويلفت إلى أن «التهديد من قبل الفصائل هو لغرض انسحاب الجيش الأميركي، لأن الحوار والاتفاق الهادئ ربما نتائجهما بطيئة مع محتل يريد البقاء لأجل مصالحه».

مشاركة المقال: