الإثنين, 14 يوليو 2025 06:53 PM

القامشلي: حدائق تتحول إلى استثمارات خاصة وسط تذمر الأهالي من الإهمال وتراجع المساحات الخضراء

القامشلي: حدائق تتحول إلى استثمارات خاصة وسط تذمر الأهالي من الإهمال وتراجع المساحات الخضراء

نالين علي – القامشلي

يعرب سكان مدينة القامشلي، الواقعة شمال شرقي سوريا، عن استيائهم العميق إزاء التدهور المستمر في حالة الحدائق العامة، وتحويل العديد من المساحات الخضراء إلى مشاريع استثمارية خاصة. هذا التحول يقلل بشكل كبير من فرص الأهالي للاستمتاع بهذه المتنفسات الضرورية، خاصة مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف وتفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة.

الاستثمارات الخاصة تضيّق الخناق على السكان

يقول نعمان عثمان، أحد سكان حي قناة السويس في القامشلي، إن المدينة تزخر بمساحات واسعة يمكن استغلالها لإنشاء حدائق عامة، مما يسهم في تحسين البيئة المعيشية للسكان. ويضيف في حديث لنورث برس: "منذ سنوات، قامت البلدية بإنشاء حديقة عامة في الحي، تضمنت ألعابًا للأطفال ومقاعد للجلوس وأشجارًا، وكانت بالفعل متنفساً حقيقياً لسكان المنطقة".

ويتابع: "لكننا نشهد اليوم تحويل العديد من المساحات الخضراء إلى جهات خاصة، مما يخلق شعوراً بالضيق والإقصاء لدى السكان". ويشدد عثمان على أهمية التوسع في إنشاء الحدائق العامة داخل المدينة، مؤكداً أن هذه المساحات الخضراء تلعب دوراً محورياً في تحسين جودة الحياة، خاصة للأسر ذات الدخل المحدود التي لا تستطيع تحمل تكاليف زيارة الحدائق الخاصة، والتي غالباً ما تهدف إلى الربح وتفتقر إلى الطابع الاجتماعي المجاني الذي يجب أن يميز الحدائق العامة.

ويوضح: "معظم سكان القامشلي من ذوي الدخل المحدود، ويرغبون أيضاً في توفير الترفيه لأطفالهم والخروج إلى الحدائق، لكن الحدائق الخاصة مكلفة للغاية لأنها تهدف بشكل أساسي إلى تحقيق الربح".

الحدائق تفتقر إلى الاهتمام ومقومات الراحة

يقول حمو برو، وهو نازح من مدينة رأس العين ويقيم حالياً في القامشلي، لنورث برس، إنه يزور إحدى الحدائق العامة في المدينة بشكل شبه يومي منذ أربع سنوات، على الرغم من افتقارها إلى الحد الأدنى من مقومات الراحة، مثل الأشجار والمقاعد وألعاب الأطفال.

ويضيف: "الحديقة ملك عام، وتقع على عاتق السكان مسؤولية الحفاظ عليها، لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق البلدية التي يجب أن تقوم بدورها في صيانتها وتطويرها بالشكل المطلوب". كما يشير إلى وجود تجاوزات واضحة، مثل قطع الأشجار وبيعها من قبل ما يسميهم تجار في الحديقة، متسائلاً عن غياب الرقابة وعدم وجود جهود لزراعة أشجار بديلة، ومطالباً البلدية بتأمين المياه للأشجار وحفر آبار لريها والاهتمام بها.

وينتقد برو أيضاً حالة الألعاب الموجودة داخل الحديقة، واصفاً إياها بأنها غير آمنة، ومعظمها مكسور أو معطل، مما يهدد سلامة الأطفال. ويقول: "ابني الصغير يطلب دائماً الذهاب للعب، لكني لا أستطيع تركه بمفرده بسبب خطورة المعدات المتهالكة"، مشيراً إلى أن هذه الألعاب في حالتها الراهنة "قد تسبب إصابات للأطفال".

غياب النظافة وضعف الخدمات

في السياق ذاته، يشير صالح حسيني، من سكان القامشلي، إلى الفوارق الكبيرة بين الحدائق العامة والخاصة من حيث مستوى النظافة والصيانة وجودة الخدمات. ويقول حسيني لنورث برس: "عند دخولك إلى حديقة خاصة تشعر بالراحة، كل شيء منظم ونظيف ومريح"، مضيفاً أن الألعاب هناك آمنة ومتنوعة، بينما تعاني الحدائق العامة من الإهمال، وتبدو مهملة في كل تفاصيلها، من المقاعد المكسورة إلى الألعاب التالفة وحتى الأشجار.

ويدعو حسيني البلدية إلى تحمل مسؤولياتها والعمل على تحسين واقع الحدائق العامة، باعتبارها الملاذ الوحيد لغالبية سكان المدينة، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تمنع كثيرين من التوجه نحو البدائل الخاصة المكلفة. ويقول: "أطفالنا بحاجة إلى أماكن آمنة للعب والاستمتاع بوقتهم، والحدائق العامة يجب أن تكون حاضنة لذلك، مشيراً إلى أن الحديقة تعكس وجه المدينة، لذا لا بد من العناية بها لتبقى نظيفة وخضراء دائماً".

على الرغم من أهمية الحدائق العامة كمساحات حيوية تتيح لسكان القامشلي فسحة من الراحة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، لم تعلق بلدية القامشلي لنورث برس فيما يخص واقع الحدائق العامة، فيما يهدد تراجع الاهتمام الرسمي وتزايد تحويل هذه المساحات إلى استثمارات خاصة بفقدان هذه المتنفسات الضرورية.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: