الأحد, 28 سبتمبر 2025 02:39 PM

المبعوث الأمريكي يكشف عن رؤية واشنطن لحكومة سورية شاملة: ما هي التحديات والآفاق؟

المبعوث الأمريكي يكشف عن رؤية واشنطن لحكومة سورية شاملة: ما هي التحديات والآفاق؟

أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، عن توقعات الولايات المتحدة بتشكيل "حكومة سورية مركزية شاملة" قبل نهاية عام 2025، مؤكداً أن "الفدرالية ليست حلاً مناسباً للأزمة السورية".

وفي تصريحات نقلتها شبكة "رووداو"، شدد براك على أن الحكومة المرتقبة ستضمن حقوق جميع المكونات والأقليات، مع دعم أميركي للأكراد وباقي المكونات "دون فرض إملاءات خارجية". ووصف أحداث السويداء بـ"المؤسفة"، مؤكداً سعي واشنطن لمنع تكرارها، وأشاد بالعلاقة مع تركيا بعد لقاء "أفضل من رائع" بين الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان.

تأتي هذه التصريحات في ظل تحديات سياسية وأمنية معقدة، وتساؤلات حول إمكانية تحقيق توافق بين الأطراف السورية والقوى الإقليمية، خاصة مع رفض الفدرالية، ومع مطالبات بعض الأطراف، لا سيما الأكراد، بتوزيع أوسع للسلطة.

وأوضح براك أن دور بلاده يقتصر على المساعدة والتوجيه دون فرض نموذج أميركي أو أوروبي، وقال لشبكة "رووداو" إن "الولايات المتحدة ملتزمة بدعم حوار شامل بين الأطراف السورية لضمان استقرار المنطقة، بالتعاون مع حلفائنا الإقليميين، خاصة تركيا"، مشيراً إلى تفهّم أنقرة للدور الأميركي في دعم السلام.

من جهة أخرى، كشف مصدر عسكري مطلع في الفصائل العربية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن ضغوط كبيرة من واشنطن على قيادة "قسد" لبدء تنفيذ الاتفاق مع دمشق، وتتضمن التلويح الأميركي بالسماح لأنقرة بعمل عسكري، والتخلي عنهم وتحييد القواعد الأميركية في المنطقة، وعدم الانسحاب منها مهما كانت الجهة المسيطرة.

وأضاف المصدر، للجزيرة نت، أن القيادة قررت البدء بتنفيذ الاتفاق من خلال تسليم ما تبقى من محافظة دير الزور للحكومة السورية، وتقوم الفصائل العربية بالعمل تحت سلطتها في المنطقة. ولفت إلى أن تنفيذ باقي الاتفاق وسيطرة الدولة على كل المحافظات قد يحتاج عاماً من بداية سنة 2026 مع ضمان تنفيذ شروط قيادة قسد، حيث من المتوقع أن يتم تسليم الرقة بعد نحو 3 أشهر من تسليم دير الزور.

وقبل تصريحات براك، صرح مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، لموقع "رووداو" العربي في يوليو/تموز الماضي بأن الحكومة لا ترفض كل أشكال اللامركزية، مشدداً على أن تعامل الدولة اليوم مع الحكم ينطلق كثيراً من مبدأ اللامركزية، خاصة الإدارية.

تثير تصريحات براك تساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة على تحقيق توافق بين جميع الأطراف، مما يعكس محاولة أميركية لتحقيق توازن بين طمأنة الأقليات وتهدئة مخاوف الأغلبية، في ظل تعقيدات المشهد السياسي السوري.

يقول عضو منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة"، بكر غبيس، للجزيرة نت، إن التعهد الأميركي بدعم الأقليات دون إملاءات خارجية يسعى لتبديد مخاوف سابقة ترسّخت بسبب دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية، موضحاً أن نفي براك للفدرالية خفّف هواجس بعض مكونات قسد، مع تأكيد القيادة السورية على احترام خصوصية المكونات الثقافية والدينية.

وأكد غبيس أن واشنطن تركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بالتنسيق مع دمشق، نافياً دعمها لأي مشروع انفصالي، ومشيراً إلى توافق دول الجوار مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات مع الموقف الأميركي الرافض للتقسيم. ووفق غبيس، فإن الجدول الزمني الأميركي لتشكيل حكومة شاملة واقعي، موضحاً أن المرحلة الانتقالية تشهد مراجعة دورية للأوضاع السياسية والاجتماعية.

ويرى الباحث التركي في العلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، أن لقاء الرئيسين ترامب وأردوغان سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين أنقرة وواشنطن في الملف السوري، مضيفاً أن تركيا تدعم حكومة مركزية وجيشاً وطنياً في سوريا لضمان الأمن والاستقرار، وأن "التقارب التركي-الأميركي أربك حسابات قسد".

تلفت تصريحات براك إلى سعي واشنطن لتحقيق استقرار مستدام في سوريا عبر دعم حكومة مركزية بالتنسيق مع حلفاء إقليميين مثل تركيا، ومع ذلك، تواجه هذه الرؤية تحديات تتعلق بإدماج "قسد" في إطار الدولة، وضمان وحدة البلاد تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع.

يقول الكاتب والباحث السوري، باسل معراوي، للجزيرة نت، إن الولايات المتحدة تبني سياساتها في سوريا على المصالح المتغيرة، معتبراً أن دمشق شريك إستراتيجي قادر على "محاربة الإرهاب" واحتواء التوتر مع إسرائيل، والانسجام مع تركيا ودول الخليج، مشيراً إلى أن واشنطن تدعم منظومة أمنية إقليمية دون الحاجة لوجود عسكري.

وختم بأن الشرع حدد خطين أحمرين هما: منع الانفصال، ورفض وجود سلاح خارج سلطة الدولة، محذراً من استخدام القوة إذا فشلت الحلول السلمية.

وحسب الخبراء، فإن توقعات تشكيل حكومة شاملة قبل نهاية 2025 تتطلب موازنة دقيقة بين دعم الأقليات وطمأنة الأغلبية، مع الحفاظ على وحدة الدولة، ويبرز دور دمشق لتحقيق هذا التوازن في ظل التحديات الأمنية والسياسية المستمرة.

وفي 10 مارس/آذار الماضي، وقّع الشرع وعبدي اتفاقا يشمل دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" شمالي وشرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز. وأكد الاتفاق على وحدة أراضي البلاد ورفض التقسيم، لكنه لم يُطبَّق بشكل عملي حتى اليوم.

مشاركة المقال: