على إثر استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على بودكاست Nelk Boys، ثارت موجة غضب واسعة في أوساط الإنترنت. أدى ذلك إلى إلغاء مئات الآلاف من المتابعين اشتراكاتهم، مع تعليقات لاذعة تتهم مقدمي البرنامج بالجهل أو التواطؤ مع الدعاية الإسرائيلية.
تركزت الانتقادات على منح نتنياهو منصة سهلة ومرحبة، بالتزامن مع حملة التجويع في غزة. واجه مقدمو البودكاست بانتقادات بسبب أسئلتهم الساذجة عن مطاعم الوجبات السريعة وترويجهم لاتهامات إسرائيلية ضد غزة دون مساءلة أو تقديم رواية بديلة.
هذا السخط دفع فريق البودكاست إلى محاولة احتواء الفضيحة باستضافة الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، الذي برز كمدافع عن فلسطين في الإعلام الغربي.
لم يتردد يوسف في فضح سلوك مقدمي البرنامج، وواجههم قائلاً: «أنتم لستم أطفالاً، أنتم في الثلاثين من العمر. الناس في عمركم يؤسّسون عائلات ومسيرات مهنية. توقفوا عن الادعاء بأنكم مجرد شباب حمقى يفعلون أشياء غبية». وبهذا، قطع الطريق على تبريراتهم بالبراءة أو الجهل.
رفض يوسف منحهم أي تبرير وحمّلهم مسؤولية استخدام منصتهم، مؤكداً أن الوصول الجماهيري مسؤولية، وأن النقد والتبعات أمر حتمي لمن يملك منصة يتابعها الملايين.
اللافت في أداء يوسف أنه لم يتعامل معهم كخصوم، بل حاول تعليمهم وتذكيرهم بأن ما يفعلونه ليس ترفاً أو مزحة. استخدم لغة مباشرة ومجازية، ونزع عنهم قناع الطفولة الذي يلجأ إليه مؤثرو اليمين الأميركي والكندي عند مواجهة الانتقادات.
أثار انكشاف هذه اللعبة لدى جمهورهم (الشباب اليميني) شعوراً بالخيبة والإدراك بأن التهرب من المسؤولية عبر الاستغباء لم يعد ممكناً. النقاشات على ريديت وإكس لم ترحمهم، واعتبرهم الكثيرون مجرد أدوات أو مؤثرين مصطنعين يخدمون خطابات جاهزة مقابل المال والشهرة.
حتى محاولة الظهور في مظهر «الإخوة الطيبين» لم تنقذهم أمام جمهور واسع يرى في تصرفهم خيانة لقضية إنسانية.
في ظل الأحداث المأساوية، تتشكل جبهة شبابية غربية رقمية وواقعية تدرك خطورة الدعاية الصهيونية وأدواتها. تضم هذه الجبهة نسبة من اليهود التقدميين وحركات التضامن العابرة للهويات.
يفضح هؤلاء محاولات «الحاسبارا» (الدعاية الصهيونية)، ويردون عليها بمحتوى مدروس ووسائل إبداعية، ويضغطون على الإعلام التقليدي والمنصات الرقمية لمحاسبة أي صوت يروج للأكاذيب أو يبرر جرائم الحرب.
أصبح باسم يوسف مرجعية للحديث عن فلسطين في الإعلام الأميركي والبريطاني، وقدرته على مساءلة الأطر الفكرية الغربية جعلته مرجعاً في معركة الدفاع عن فلسطين وفضح تواطؤ الإعلام الغربي مع الاحتلال.
المعركة اليوم مع منصات التأثير، وخصوصاً البودكاست الذي يسيطر عليه مشاهير اليمين، وتستغله كل شخصية تملك متابعين لتتحول إلى «قائد رأي»، حتى لو تلطت خلف قناع الغباء أو البراءة.
تشكل خط دفاع أول ضد الفبركة والدعاية المنظمة، حتى داخل المجتمعات اليهودية نفسها، رغم إنفاق «إسرائيل» مبالغ طائلة على الدعاية. ولهذه الأسباب، من المهم دراسة حضور يوسف في هذا السياق، وكيفية دفع المعركة نحو مرحلة أكثر وعياً وتنظيماً.
لا يمكن تجاهل ما عاناه هؤلاء من أجل فلسطين في جامعاتهم، وهم مستمرون رغم علمهم أنهم لا يجنون أي مكسب من ذلك.