الثلاثاء, 13 مايو 2025 07:24 PM

بعد مبادرة حزب العمال الكردستاني: هل تنجح "قسد" في فصل مساراتها وتحقيق السلام في سوريا؟

بعد مبادرة حزب العمال الكردستاني: هل تنجح "قسد" في فصل مساراتها وتحقيق السلام في سوريا؟

يضع إعلان حزب «العمال الكردستاني» نتائج مؤتمره العام الأخير، والتي تشمل إلقاء السلاح والتوجّه نحو النشاط السياسي، «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تُصنّفها تركيا على أنها الجناح السوري لـ«العمال»، أمام اختبارٍ حقيقي، خاصةً أن الإدارة السورية تضغط بدورها لدفع «قسد» إلى تسليم سلاحها والانخراط في مؤسسات الدولة.

وعلى الرغم من تكرار أنقرة أن أيّ إعلان من الحزب عن إنهاء العسكرة يجب أن يشمل كلاً من تركيا والعراق وسوريا، إلا أن الكثير من السياسيين الكرد يرون فارقاً بين الملفَّين، على اعتبار أن «قسد» لطالما شدّدت على عدم ارتباطها العسكري بـ«العمال»، وأنها قوة عسكرية سورية توظّف قدراتها في محاربة الإرهاب، وتحديداً تنظيم «داعش»، وبدعمٍ من الولايات المتحدة. وفي ما يتعلّق بوجود مقاتلين أجانب من «العمال» في صفوفها، فهي تعتبر أن هؤلاء ساعدوها في ذروة هجمات «داعش» على مناطق شمال شرقي سوريا، وأن هذا الأمر قابل للنقاش والتسوية، سواء مع دمشق أو أنقرة.

وتذهب كثيرٌ من الآراء السياسية الكردية إلى أن قرار «العمال» يجب أن ينعكس إيجاباً على علاقة تركيا بشمال شرق سوريا، وأن ينسحب مناخ «السلام» السائد في تركيا على مناطق «قسد»، مع إمكانية منح أنقرة فرصاً استثماريّة في هذه المناطق. كذلك، يُنظَر إلى ملف العلاقة بين دمشق و«قسد» على أنه ملف داخلي سوري يحتاج إلى وقتٍ لتفكيك عقده، والتوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى تسوية شاملة ترضي جميع الأطراف، بما يُعزّز من الأمن والاستقرار في عموم البلاد، ويقوّي من موقع الحكومة السورية وشرعيتها أمام «المجتمع الدولي».

وبالتالي، تنظر «قسد» إلى القرار من زاوية إمكانيّة استثماره في خلق فرصة للسلام مع تركيا، ونفي صفة «الإرهاب» عن الأولى وفق التصنيف التركي، وكذلك استيعاب الضغوط التركية والسورية في ملفّ الاندماج مع دمشق، من خلال فتح نقاش سياسي بعيداً عن أي تصعيد عسكري.

ولأن «العمال» متهمٌ بمزاولة نشاطات في سوريا عبر قيادته الفعلية لـ«قسد» بواسطة كوادره المنتشرة هناك، فإن ملف حلّ الحزب يحظى باهتمام سوري ـ تركي مشترك، وهو ما انعكس في أجواء المؤتمر الصحافي لوزيري خارجية البلدين، أسعد الشيباني وحاقان فيدان، في اللقاء الثلاثي الذي جمعهما في أنقرة، إلى جانب وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي. وخلال المؤتمر، وصف الشيباني «قرار حلّ حزب العمال الكردستاني بأنه خطوة مهمّة»، لافتاً إلى أن «الحكومة السورية بصدد تنفيذ اتفاق وطني مع قسد ودمج جميع المناطق تحت سلطة الدولة المركزية»، مضيفاً أن «العملية معقّدة وحساسة لكنها ضرورية، وحقوق المواطنين الكرد محفوظة ومكفولة».

وأشار، في الوقت نفسه، إلى أن «المماطلة في تنفيذ الاتفاق ستُطيل أمد الفوضى، وتفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية، وتغذّي النزعة الانفصالية»، مضيفاً أن «(هدفنا) ليس الهيمنة بل التوحيد، ورسالتنا لجميع السوريين: المستقبل لسوريا الواحدة الموحّدة»، متابعاً أن البلاد «في طور تأسيس مرحلة سياسية وطنية جديدة، من خلال تشكيل برلمان وطني».

بدوره، قال القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، إن «قرار حزب العمال الكردستاني محلّ تقدير»، مؤكداً أنه كان للحزب «دور تاريخي في الشرق الأوسط خلال المرحلة المنصرمة». وأضاف: «(إننا) على ثقة بأن هذه الخطوة ستمهّد الطريق أمام مرحلة جديدة من السياسة والسلام في المنطقة»، معرباً عن أمله في أن «تبادر جميع الأطراف المعنية إلى اتخاذ خطوات مهمّة، وأن يقدّم الجميع الدعم المطلوب». ولاقى قرار «العمال» ترحيباً سياسياً كردياً، عبّر عنه عددٌ من السياسيين الكرد السوريين باعتباره خطوةً هامة لإنهاء مرحلة من الصراع المسلّح.

وفي هذا الإطار، رأى القيادي الكردي ونائب سكرتير الحزب «الديمقراطي التقدمي» الكردي، أحمد سليمان، أن «قرار المؤتمر الثاني قرار تاريخي، ويرتقي بنضال الشعب الكردي في كردستان تركيا إلى النضال السياسي السلمي والديمقراطي»، كما أنه فوّت «الفرصة على خصوم الكرد في تركيا لنعتهم بالإرهاب، وحقّق الشرعية الكاملة للقضية الكردية». وأشار سليمان إلى أن «هذه الخطوة ستفتح المجال واسعاً أمام المجتمع الدولي، وخاصة أصدقاء الكرد في العالم، نحو المزيد من الدعم والضغط لإيجاد حلّ للقضية الكردية في تركيا، والتأكيد أن الكرد جزء من الاستقرار والسلم في الشرق الأوسط، لا العكس، كما تدّعي القوى المغتصبة لمناطقهم وحقوقهم».

وتعليقاً على تلك التطورات، تقدّر مصادر كردية، في حديثها إلى «الأخبار»، أن مبادرة «الكردستاني» من شأنها أن «تمهّد لاتفاق سلام مماثل في سوريا، بين تركيا وقسد، وتدفع في اتجاه تطبيق اتفاق الشرع – عبدي، بما يُحقّق السلام والاستقرار في مناطق شمال شرقي سوريا»، مشيرةً إلى أن «مناخ السلام العام في المنطقة يجب أن يُنصف الكرد، ويمنحهم حقوقهم الثقافية والاجتماعية، ويقرّ بهم كمكوّن رئيسي من مكوّنات المجتمع السوري، له هويته وثقافته الخاصة». وتعتبر المصادر أن «إجراءات بناء الثقة بين جميع الأطراف لا تزال تحتاج إلى تعزيز»، متوقّعةً أن «يكون للاتفاق انعكاس إيجابي في سوريا، ومناطق شمال شرقها بالتحديد»، ومرجّحةً «القدرة على التوصّل إلى تفاهمات بالحوار والتفاوض».

مشاركة المقال: