السبت, 20 سبتمبر 2025 08:08 PM

بعد 11 عاماً من الانتظار: أم تتعرف على رفات ابنها بين 170 ضحية في مقبرة العتيبة الجماعية

بعد 11 عاماً من الانتظار: أم تتعرف على رفات ابنها بين 170 ضحية في مقبرة العتيبة الجماعية

ريف دمشق-سانا: تلمس الأم المكلومة بقايا ثياب ابنها حسين، وكأنه ماثل أمام عينيها، طفلاً، شاباً، بطلاً، شهيداً، مع رفاقه الذين تقاسموا معه درب الثورة السورية. دموع غزيرة تغسل وجه السيدة أم حسين، وحزن عميق أثقل كاهلها، بعد 11 عاماً قضتها في انتظار معرفة مصير حسين، الذي انقطعت أخباره منذ 27 شباط 2014. اليوم، تأكد استشهاده مع 170 شخصاً آخر، عُثر على رفاتهم في مقبرة جماعية اكتُشفت في العتيبة بريف دمشق.

في حديث مع سانا في موقع المقبرة، تسترجع أم حسين حواراً دار بينها وبين ولدها عام 2011، عندما جاءها حاملاً علم الثورة لتخيطه. جلست خلف آلتها وأصلحته، فقال لها حسين: "أمي أنتِ لمستِ علم الحرية.. أمي أنتِ صرتِ معنا". فأجابته: "أنا سعيدة طالما هذه رغبتك".

تعرفت أم حسين على رفات ابنها بين الضحايا الذين قتلهم النظام البائد، إثر مجزرة مروعة ارتكبها بعد كمين نفذته قواته، وأسفر عن استشهاد العشرات واختفاء ما يقارب 270 مدنياً وعسكرياً منشقاً.

قلب أم يروي وجع السوريين

تفتح المقبرة الجراح من جديد. تتابع أم حسين: "خرج حسين من الغوطة متجهاً إلى الضمير، اتصل بي وأخبرني عن رغبته بلقائي في الضمير، فسألته متى اللقاء؟ فأجابني: حتى يأذن لنا الله. وحينها كنا نازحين من بلدة عين ترما إلى منطقة جرمانا، بعد أن نفذ النظام البائد مجزرته الكيماوية في الغوطة الشرقية".

من ذاكرة لا تنطفئ، تروي أم حسين بعض التفاصيل: "سلك حسين طريق العتيبة مع بعض الأشخاص، وهم في طريقهم من الغوطة إلى الضمير في (منطقة البحيرة) بالعتيبة، حيث نُصب كمين لهم، مع وجود كاميرات مراقبة. وما إن وطأت أقدامهم المكان حتى وقع الانفجار".

تضيف أم حسين، وهي تضع يدها على كنزة صوفية لابنها، كانت اللباس الأخير الذي ارتداه قبل استشهاده: "تعرفت على ابني من هذه الكنزة. ففي البداية، عندما وقع التفجير، أُرسلت لي صورته وهو يرتدي هذا اللباس نفسه، فظننت أنه في غيبوبة، وكل أملي أن يكون على قيد الحياة".

تتحدث أم حسين بصوت عال عن كل ما كانت تفكر به طوال فترة اختفاء ابنها: "ربما أُسعف إلى مشفى، أو ربما اعتقله أمن النظام المجرم ورماه في أحد المعتقلات، كما يفعل عادةً".

رفات الضحايا تفضح جرائم النظام البائد

طالبت أم حسين الجهات المعنية باسترداد حقوق الشعب الذي ظُلم، وتحصيل حق كل مظلوم وكل سجين قضى في سجون النظام البائد، وحق كل من ظُلم وهُجر قسرياً لسنوات طوال.

وكان المحامي العام في ريف دمشق، القاضي محمد عمر هاجر، قد أعلن أمس عن اكتشاف مقبرة جماعية في منطقة البحيرة بالعتيبة، تحتوي على رفات نحو 170 مدنياً من أهالي الغوطة الشرقية والمناطق المجاورة، ممن قضوا أثناء محاولتهم الفرار من الحصار والمجاعة قبل سنوات.

وستظل جريمة العتيبة شاهداً حياً على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام البائد بحق الشعب السوري، خلال سنوات الثورة السورية التي انتصرت في 8 كانون الأول الماضي وحررت البلاد من عقود الظلم والإجرام.

مشاركة المقال: