الإثنين, 3 نوفمبر 2025 07:44 PM

عربين: جبل الأنقاض يروي فصول الدمار ويدفن ذكريات الغوطة الشرقية

عربين: جبل الأنقاض يروي فصول الدمار ويدفن ذكريات الغوطة الشرقية

في مدينة عربين بريف دمشق، ينتصب جبل من الأنقاض شاهداً على سنوات الحرب والدمار التي شهدتها المنطقة. هذا الجبل، الذي جمعته سلطات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، يتكون من بقايا المباني المدمرة، ليذكر السكان يومياً بتلك الفصول المأساوية.

بين عامي 2012 و2018، كانت عربين جزءاً من الغوطة الشرقية، التي ظلت خارج سيطرة النظام. خلال تلك الفترة، عانت المنطقة من حصار خانق وقصف جوي ومدفعي متواصل من قبل قوات النظام البائد وحلفائه. وبعد انتهاء الحصار ودخول قوات النظام إلى المدينة، قامت السلطات بنقل الأنقاض المتراكمة من الأبنية المهدمة إلى وسط الحي، محولة حديقة عامة إلى "جبل من الركام"، كما وصفه السكان، يرتفع إلى علوّ يوازي خمسة طوابق سكنية.

يقول شهود عيان إن سلطات النظام البائد استخدمت موقع حديقة مخصصة للأطفال لتكديس الأنقاض. اليوم، يقف في موقعها جبل رمادي شاهق يرمز إلى "الذاكرة المفقودة والحياة المدمرة". ويؤكد سكان الحي أن هذه الأنقاض لا تضم حجارة وتراباً فحسب، بل تحوي آثار حياة كاملة من مقتنيات شخصية وصور عائلية وقطع أثاث.

أحمد شيخ حسن، أحد سكان عربين، قال للأناضول: "الأنقاض التي نراها اليوم ليست مجرد حجارة، بل هي بقايا منازلنا وحدائقنا وأرضنا. أنقاض بيوتنا القديمة أصبحت الآن في هذا الجبل". وأضاف أن الأنقاض تضم بقايا متعلقات أسرته، مشيراً إلى أن نهر التفاحة الذي كان يمرّ قرب منزل عمه لم يعد موجوداً بعد أن طُمر تحت أكوام الركام. وتابع: "النظام البائد هو من دمّر كل هذا، ثم جمع أنقاض منازلنا وألقى بها هنا... جمعوا ذكرياتنا كلّها في هذا المكان".

محمد درويش، وهو من أبناء المدينة، وصف الجبل بأنه "مقبرة جماعية للذكريات". وأضاف: "النظام البائد دمّر منازل الناس، ثم جمع بيوت الذين قتلهم وهجّرهم في مكان واحد، ليحوّلها إلى تلة من الألم والمعاناة". وأوضح درويش، وهو أب لأربعة أطفال، أنه لم يغادر عربين طوال حياته، وأنه يرى في هذا الجبل شاهداً على "الوحشية التي طالت البشر والحجر على حدّ سواء".

يهيمن "الجبل الصناعي" على المشهد العام لعربين، ويشكل رمزاً لمعاناة المدينة وذاكرة لسنوات الحصار والدمار. ويقول أهالي المنطقة إن وجود جبل الأنقاض هذا في قلب المدينة يجعلهم يعيشون الماضي كل يوم من جديد، خاصة وأن سلطات النظام البائد عمدت إلى عدم إزالة الركام أو بذل أي جهود لإعادة إعمار المنطقة، تاركة التلة "نصباً تذكارياً للحرب" يذكّر السكان بوحشية هذا النظام. الأناضول

مشاركة المقال: