السبت, 23 أغسطس 2025 10:39 PM

تحديات إعادة الإعمار في حمص: ارتفاع التكاليف ونقص الدعم يعيقان عودة الحياة

تحديات إعادة الإعمار في حمص: ارتفاع التكاليف ونقص الدعم يعيقان عودة الحياة

بعد تسعة أشهر من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في حمص وريفها الشمالي من الجماعات المسلحة، تشهد المدينة وضواحيها نشاطاً ملحوظاً في مجال إعادة الإعمار. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة تهدد استدامتها، وعلى رأسها ارتفاع تكاليف البناء، ونقص العمالة، وغياب الدعم الكافي من المنظمات المحلية والدولية.

تزايد حركة العمران مع عودة السكان

أكد محمود سليمان، مسؤول الإعلام في منطقة ريف حمص الشمالي، في حديث لمنصة سوريا 24، أن الحركة العمرانية في ريف حمص الشمالي، وحتى في مدينة حمص، شهدت تطوراً ملحوظاً منذ بداية مرحلة التحرير. وأضاف أن عودة العائلات التي هجرت المنطقة خلال سنوات النزاع، خاصة من المناطق الشمالية ودول الجوار، ساهمت في زيادة حركة البناء في مناطق متعددة من حمص وريفها. وأشار سليمان إلى أن البداية كانت بطيئة، لكنها سرعان ما تسارعت مع عودة السكان، مما أدى إلى زيادة الطلب على العمال والمواد الإنشائية.

ارتفاع أجور العمال وندرة اليد العاملة

أوضح سليمان أن من أبرز التحديات التي تواجه حركة الإعمار هو نقص العمال المهرة مقارنة بالطلب المتزايد، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أجور العمال، وبالتالي زيادة تكلفة إعادة البناء أو الترميم. وأكد أن ارتفاع أجور البناء أصبح عاملاً أساسياً يثقل كاهل المواطن، خاصة مع ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الإسمنت والحديد.

غياب الدعم من المنظمات والجهات المحلية

أشار سليمان إلى غياب المنظمات والجمعيات المحلية عن المشهد الإنشائي، مؤكداً عدم وجود أي حركة فعالة أو مبادرات داعمة تقدم مساعدة حقيقية للأهالي في مجال إعادة الترميم أو الإعمار. وأضاف أن الجهود المحدودة التي تبذلها بعض الجهات الحكومية ومحافظة حمص تتركز على إعادة تأهيل المدارس والمستوصفات والمؤسسات العامة، لكنها لا تغطي احتياجات المواطنين في إعادة بناء منازلهم المدمرة. وأوضح أن الجهات الخدمية في المنطقة تكتفي بمنح تراخيص البناء المكلفة، دون تقديم أي دعم فعلي للمواطنين.

الإعمار على حساب الديون والممتلكات

أكد إبراهيم ياسين، أحد سكان ريف حمص الشمالي، في حديث لمنصة سوريا 24، أن حركة الإعمار في حمص ممتازة، وأن مظاهر الحياة بدأت تعود تدريجياً، لكن العملية تتم بالكامل على حساب الأهالي أنفسهم. وأضاف أن المواطنين غالباً ما يلجأون إلى الديون، أو بيع الممتلكات، أو الاعتماد على دعم الأقارب المغتربين لإعادة بناء منازلهم.

أجور متباينة للعمال وارتفاع تكاليف البناء

أوضح ياسين أن أجور العمال تختلف حسب المهنة وطبيعة العمل، حيث قد يصل متوسط أجر الخبير إلى أكثر من 50 دولاراً يومياً، بينما يبلغ متوسط الأجر اليومي للعامل العادي حوالي 10 دولارات. وأشار إلى أن أبرز التحديات التي تواجه حركة الإعمار هي نقص السيولة لدى الأهالي، وعدم تدخل الجمعيات والمنظمات لمساعدة العائلات المتضررة، بالإضافة إلى غلاء أسعار الشقق والمنازل. وأوضح أن متوسط تكاليف البناء وصل إلى حوالي 200 دولار لكل متر مربع، مما يجعل عملية البناء أو الترميم عبئاً مالياً ثقيلاً.

إعمار من تحت الرماد لكن بلا دعم

على الرغم من العودة التدريجية للحياة إلى حمص، يبقى الإعمار عملية شاقة، تُدار على وقع تضحيات الأهالي، وغياب التدخل الفاعل من الجهات الرسمية والمنظمات الدولية. فالعوامل الاقتصادية تُعقّد من مهمة إعادة البناء، فيما يُترك السكان وحدهم أمام تحديات إعادة تأسيس حياة جديدة، دون دعم حقيقي. ويُنظر إلى حمص اليوم كنموذج لما يمكن أن تحققه الإرادة الشعبية في ظل غياب الدعم، لكنه في الوقت نفسه تحذير من أن استمرارية الإعمار ستتوقف حتماً إذا لم تُقدَّم آليات دعم مستدامة.

مشاركة المقال: