الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 07:28 PM

تحليل لزيارة ترامب لإسرائيل وقمة شرم الشيخ: هل تتجاوز الهدنة إلى سلام دائم؟

تحليل لزيارة ترامب لإسرائيل وقمة شرم الشيخ: هل تتجاوز الهدنة إلى سلام دائم؟

كتب محمد خير الوادي: بعد فترة من الترقب، أكتب اليوم عن زيارة الرئيس ترامب إلى إسرائيل وقمة شرم الشيخ، وذلك بعد انحسار "العواصف" الإلكترونية التي أثارها هذا الحدث الهام، وبعد أن بدأت الرؤية تتضح وتبدد الضباب الإعلامي، لتظهر الأجزاء الحقيقية للصورة بعيدًا عن الصخب السياسي والتضخيم المقصود.

هناك حقائق لا يمكن إنكارها، أهمها أن ترامب كان جادًا في سعيه لوقف "الحرب" وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، حتى لو وصل الأمر إلى إجبار إسرائيل على الإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب محدود في غزة، والسماح بتدفق المساعدات. كما أن نوايا الرئيس الأمريكي كانت مخلصة في نشر بوادر السلام وكسر حواجز العداء في المنطقة. وفي هذا السياق، تستحق جهود ترامب التقدير والثناء.

لكن هناك مشكلتان رئيسيتان في هذا الشأن. الأولى تكمن في الفهم الإسرائيلي لخطوات ترامب ونواياه. فنتنياهو يحاول جاهدًا التلاعب بالجهود الأمريكية وإفراغها من مضمونها، عبر طمس الحقائق المولدة للصراع، وإخفاء أسباب استمرار التوتر وانفجار الحروب في المنطقة، وأهمها تجاهله للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومواصلة إسرائيل لنهج الاحتلال والتوسع في فلسطين والمنطقة. كما تحاول إسرائيل – مع بداية المرحلة الثانية من خطة ترامب – بث وهم السلام في سماء المنطقة، والحصول مقابل هذا الوهم على تنازلات مجانية، فلسطينية وعربية ودولية (كسر العزلة). وفي هذا الإطار، تحدث نتنياهو – في تراجع تكتيكي – عن رغبته في السلام، وأعلن أن يد حكومته "ممدودة" لمن يرغب في بناء هذا السلام، ولكنه تجاهل عمدًا الحديث عن متطلبات هذا السلام وأهمها، إقامة دولة فلسطينية. كما يتمسك نتنياهو بسياسة التهجير، ويعارض مبدأ الانسحاب والعودة إلى حدود حزيران عام 1967، ويسعى إلى ضم الضفة الغربية، كما فعل مع الجولان والقدس.

المشكلة الثانية، هي عدم وضوح مفهوم الرئيس ترامب لأسس السلام العادل في المنطقة. ومما يثير القلق، أن الرئيس الأمريكي قد فاخر باعترافه بالضم الإسرائيلي للجولان والقدس، وامتدح إسرائيل لحسن استخدامها للأسلحة الأمريكية في غزة، وأعلن التزامه الصارم بوقوف واشنطن إلى جانب إسرائيل.

لا أدري إن كانت تصريحات الرئيس ترامب هذه مجرد حبوب تهدئة، تعطى لمتطرفي إسرائيل بغية تخفيف ضغطهم على نتنياهو. لكن الأمر سيكون خطيرًا، فيما لو كانت هذه التصريحات تجسد الموقف الحقيقي للرئيس الأمريكي وتعبر عن قناعاته. لأنه لو صح ذلك، فإن السلام الراسخ في الشرق الأوسط لن يكون أبدًا بمتناول اليد، ولن يتعدى ما جرى في شرم الشيخ أن يكون مجرد هدنة، ستعقبها انفجارات جديدة.

وأختم مقالتي هذه بالتوجه إلى الرئيس ترامب بالقول: لقد أثمرت جهودكم اتفاقًا تاريخيًا بإيقاف المجزرة في غزة، وخلقت أجواء إيجابية للتحرك نحو السلام في الشرق الأوسط، والمطلوب الآن استمرار هذه الجهود، وأن لا تكتفي واشنطن بالإصغاء لإسرائيل فقط، بل أن تكون منفتحة على أطراف الصراع كلها في الشرق الأوسط.

ولكي لا يستفرد نتنياهو بترامب، فإن الدول التي شجعت الرئيس الأمريكي على إطلاق مبادرته السلمية، وأقصد السعودية ومصر وتركيا، مطالبة ببذل جهود استثنائية جديدة لدى ترامب، وعدم السماح لنتنياهو بفرض ما يريد مرة أخرى على الإدارة الأمريكية. (أخبار سوريا الوطن1-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

مشاركة المقال: