الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 12:04 AM

تغييب النساء عن البرلمان السوري: هل يعوض الثلث الرئاسي النقص في التمثيل؟

تغييب النساء عن البرلمان السوري: هل يعوض الثلث الرئاسي النقص في التمثيل؟

لم تفز سوى 6 نساء فقط من بين 119 مقعدًا أُعلن عن الفائزين بها في انتخابات مجلس الشعب السوري. وتوزعت الفائزات على دوائر "حماة" و"طرطوس" و"اللاذقية" و"عفرين"، بينما غاب التمثيل النسائي تمامًا عن مدينتي "حلب" و"دمشق" وبقية المحافظات بمدنها وريفها.

سناك سوري _ هبة الكل

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات أن نسبة النساء الناجحات لم تتجاوز 5%، علمًا أن الترشح والتصويت يقتصر على أعضاء الهيئات الناخبة التي تعينها اللجان الفرعية بحسب النظام الانتخابي المؤقت. وبالعودة إلى القوائم النهائية للهيئات الناخبة، رصد سناك سوري أن نسبة النساء الناخبات لا تتجاوز 18% مقابل 82% للرجال. هذا الضعف في تمثيل النساء في الهيئات الناخبة انعكس سلبًا على ترشيحهن والتصويت لصالحهن، بالإضافة إلى عدم وجود "كوتا نسائية" ملزمة، إذ اكتفى النظام الانتخابي بذكر "المراعاة" في الحديث عن النساء بينما وضع نسبًا واضحة وملزمة في حديثه عن الأعيان والكفاءات.

عندما صدرت قوائم المرشحين/ات لمجلس الشعب، أعلن رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب "محمد طه الأحمد" أن عدد المرشحين 1578 مرشحًا/ة وأن نسبة النساء المترشحات بلغت 14%. وبناءً على تصريح "الأحمد"، فإن عدد النساء المرشحات يبلغ 220 امرأة من أصل 1578 مرشحًا كليًا.

بالمقابل، تذكر وكالة أن عدد المرشحين بلغ 1570 مرشحًا، بنسبة تمثيل نسائي لا تتجاوز 10% في نصف الدوائر الانتخابية، ولم تصل إلى 20% سوى في ربع الدوائر. بينما رصد سناك سوري أسماء 209 نساء في قوائم المرشحين بناءً على "أنثوية الاسم"، أي ما نسبته 13% من المجموع الكلي 1573 مرشحًا. لكن الإحصائيات الثلاث بنسبها المختلفة لم تصل إلى الحد المذكور في النظام الانتخابي المؤقت والذي دعا إلى مراعاة تمثيل المرأة ما أمكن بنسبة 20%، علمًا أن قوائم المرشحين النهائية لم تضع خانة لتحديد الجنس واكتفت بمحل وتاريخ الولادة.

اللجنة العليا تتهم النساء بضعف الإقبال

لتحقيق نسبة 20% من النساء في المجلس القادم وفقًا لدعوة مراعاتها في النظام الانتخابي، فإن المجلس يحتاج لـ 42 امرأة، وبعدما تم انتخاب 6 نساء فقط، فيجب أن تصل 36 امرأة أخرى سواءً من خلال الانتخابات المؤجلة في 11 دائرة وحصتها 21 مقعدًا، أو من خلال الثلث الرئاسي الذي سيعيّن بشكل مباشر 70 عضوًا في المجلس. وتجدر الإشارة هنا إلى الحد الأدنى لنسبة التمثيل النسائي دوليًا يبلغ 30% وهو ما دعت عدة منظمات نسوية ومدنية للالتزام به في تمثيل النساء في المجلس قبل بداية الانتخابات لكنها لم تتلقَّ الاستجابة المطلوبة.

في الأثناء، قالت عضوة اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب "لارا عيزوقي" أمس في تصريح صحفي أنه لا توجد إرادة سياسية عند النساء للوصول إلى مجلس الشعب، مشيرة إلى أن اللجان الفرعية والقائمين على الانتخابات يسمعون النداءات المطالبة بضرورة حضور التمثيل النسائي ورفع نسبة النساء في المجلس، لكنها أضافت أنه حين انطلق الاقتراع لم يشاهدوا حضوراً للنساء!. وفي حديثها عن الثلث الرئاسي، قالت "عيزوقي" أنه للترميم الإيجابي، حيث يحتاج المجلس لبعض الاختصاصيين والتكنوقراط، كما أن بعض الطوائف والمذاهب قليلة العدد قد لا تصل إلى المجلس عبر الانتخاب، دون أن تأتي في حديثها على ذكر تعزيز التمثيل النسائي عبر الثلث الرئاسي.

أما رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب "محمد طه الأحمد" فأرجع سبب ضعف مشاركة النساء إلى ما أسماه "عادات المجتمع السوري"، وأكّد في حديثه لقناة "الجزيرة" أن اللجنة لم تتلقَّ أي اعتراض على سير الانتخابات، مضيفاً أنها سترفع توصية للرئيس بشأن تمثيل النساء والأقليات وفق حديثه. وإذا حاول الثلث الرئاسي إعادة التوازن برفع حضور النساء لنسبٍ أعلى، رغم صعوبة تحقيق وفقاً للأرقام المتاحة، فإن الأمر سيبدو ترسيخاً لفكرة أن النساء لا ينجحن بالانتخاب ويحتجن لـ"تعيينات" من أجل تمثيلهنّ، علماً أن طريقة الانتخاب الحالية لا يمكن اعتبارها مقياساً لموقف المجتمع السوري من وصول النساء للمواقع القيادية.

دعوات ذكورية لحجب الأصوات عن النساء

تقول مرشحة عن دائرة "دمشق" فضلت عدم الكشف عن اسمها لـ سناك سوري أن المركز الانتخابي في المكتبة الوطنية لم يشهد أمس حضور أكثر من اثنين أو 3 من المرشحين الذين نجحوا في الانتخابات. مضيفةً أنها سمعت بشكل واضح من أعضاء في الهيئة الناخبة بينهم نساء، دعوات لعدم انتخاب المرشحات النساء واتهام بأنهنّ قاصرات عن العمل السياسي ويحظى الرجال بأفضلية عنهنّ في مجال السياسة.

وتحدّثت المرشحة عن الدور الذي لعبته "المناطقية" والتكتلات التي حدثت خلال الاجتماعات في تغييب النساء، مشيرة إلى أن تشكيل الهيئات الناخبة كان يقوم على المناطقية، وقد حسمت التكتلات الأصوات وحدّدت المرشحين الفائزين. وأوضحت أن نسبة واسعة من أعضاء الهيئة الناخبة لم يحضروا الاجتماعات التحضيرية، لكنهم حضروا في الانتخابات وأدلوا بأصواتهم التي حسمت تشكيلة الفائزين، كما أن الهيئة الناخبة لم تجتمع بأكثر من مرشحَين فقط للتعرف على برامجهم الانتخابية وفق حديثها.

تجربة الانتخابات الحالية تعيد التذكير بأهمية "الكوتا النسائية" التي كانت ولا تزال مطلباً للمرأة السورية يحتاج نصّاً قانونياً ملزماً يضع نسبة واضحة للحد الأدنى للحضور النسائي لا سيما في مجلس الشعب للتعبير عن المرأة التي تشكّل حتى عددياً أكثر من نصف المجتمع السوري.

مشاركة المقال: