في استجابة فريدة تعكس روح التكاتف المجتمعي، أطلق أبناء مدينة النبك في ريف دمشق حملة شعبية تحت عنوان "سقيا النبك"، بهدف معالجة أزمة المياه التي تفاقمت في المدينة خلال السنوات الأخيرة. وجاءت هذه المبادرة نتيجة دراسات ميدانية كشفت عن واقع متدهور لشبكة الآبار المحلية، التي تبيّن أن معظمها متهالك وغير قادر على تلبية احتياجات السكان، خصوصًا مع تزايد الطلب في فصل الصيف إثر عودة المغتربين.
وأوضح أعضاء اللجنة المنظمة للحملة، في تصريح خاص، أن الفكرة انطلقت بعد سلسلة من الاجتماعات التي ضمّت نخبة من أبناء المدينة، وتم تشكيل لجنة "سقيا النبك" لوضع خطة إسعافية ومستدامة لتأمين مياه الشرب. ووفقًا للجنة، تم الاتفاق على إطلاق حملة تهدف إلى جمع مبلغ 300 ألف دولار، مخصص لحفر بئرين جديدين بتكلفة تقارب 120 ألف دولار لكل بئر، على أن يُخصّص ما تبقّى من المبلغ لصيانة وتأهيل الآبار القديمة التي يمكن استثمارها جزئيًا.
ما ميّز حملة "سقيا النبك" لم يكن فقط هدفها، بل الطريقة التي تم بها جمع التبرعات، حيث وحّدت الحملة جهود جميع المبادرات المحلية في المدينة، من منظمات أهلية، وشخصيات مستقلة، وفاعلين اجتماعيين، إضافة إلى دعم واسع من أبناء النبك المقيمين في دول الخليج وأوروبا. وبحسب اللجنة، شهدت الحملة تفاعلاً غير مسبوق، إذ تمكّن المنظمون من جمع المبلغ المطلوب خلال خمسة أيام فقط، بل وتخطّاه ليتجاوز حاجز 500 ألف دولار، ما مكّن اللجنة من توسيع أهداف المشروع لتشمل تحديث شبكات الضخّ ومدّ خطوط جديدة لضمان إيصال المياه إلى كافة أحياء المدينة، لا سيما تلك التي كانت تعاني من انقطاعات متكررة.
وأكد القائمون على المبادرة أن منصة "جود"، التي تم جمع التبرعات من خلالها، تتبع الصندوق الموحّد وتعمل تحت مظلّته، وتهدف إلى تمكين لجنة تصريف الأعمال في النبك من إطلاق حملات تمويل جماعية تلبي احتياجات المدينة، مع الالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة في إدارة التبرعات وتوجيهها. كما تتيح المنصة للجمهور متابعة مسار الحملات، والاطّلاع على إنجازاتها، والمساهمة فيها بثقة تامة، ليكونوا شركاء فاعلين في تحقيق التغيير الإيجابي والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لأفراد المجتمع.
واختتمت اللجنة تصريحها بالتأكيد على أن الخطوة التالية ستكون تنفيذ المشروع بأعلى المعايير الفنية، وبإشراف مباشر من مهندسين من أبناء المدينة، مع الحرص على الشفافية الكاملة في إنفاق الأموال، ومشاركة الجمهور في كافة مراحل التنفيذ.