الجمعة, 18 يوليو 2025 09:02 PM

توترات متصاعدة في جبل لبنان: تداعيات أحداث السويداء تلقي بظلالها على الساحة اللبنانية

توترات متصاعدة في جبل لبنان: تداعيات أحداث السويداء تلقي بظلالها على الساحة اللبنانية

تراجعت حدة الاهتمام بالأزمة السياسية اللبنانية أمام الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحديدًا في جنوبها. إذ انعكست التطورات في محافظة السويداء على الوضع اللبناني العام، الذي بدا متخوفًا من احتمالية حدوث تداعيات ميدانية ذات طابع انتقامي، قد تتحول إلى شرارة تفجر الأوضاع، وسط انقسام واضح في الساحة الدرزية.

منذ بداية الأزمة في سوريا، وحتى وقت قريب، كان يُنظر إلى التطورات في الساحتين اللبنانية والسورية على أنها تخص الطائفة الشيعية بشكل خاص، بينما اعتقد البعض بإمكانية الوقوف على الحياد ومراقبة تحركات «حزب الله» وبيئته. لكن سرعان ما تبددت تلك النظرة، وبدأت الصورة تتضح: فالأحداث في سوريا تهدد الجميع دون استثناء.

هذه المرة، مركز الأحداث ليس في الضاحية أو الجنوب أو البقاع، بل في الجبل وفي كل منطقة درزية أو قرية يتعايش فيها الدروز مع مواطنين من طوائف أخرى. إذ يشعر المراقب للوضع في تلك المناطق بحالة من الغليان تنذر بالانفجار، وتحمل أبعادًا متشابكة ومعقدة، تتداخل فيها عوامل سياسية وأمنية واجتماعية، تتجاوز مواقف الزعامات الدرزية.

فالأحداث في سوريا تجاوزت كل الحدود، ووصلت إلى مرحلة اللاعودة، وهو ما ظهر بوضوح في تصريحات الدروز من مختلف الأحزاب والتيارات، الذين لم يعودوا ينتظرون توجيهات مرجعياتهم. فلم يعد يهمهم ما يقوله الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، عن تجنب الوقوع في فخ مشروع قديم جديد، يسعى لفصل الدروز عن محيطهم العربي والإسلامي، وزرعهم في سياق تحالفات أقلية. كما لم يعد يقنعهم كلام رئيس الحزب الديمقراطي، طلال إرسلان، عن أن «الحماية لا تأتي من إسرائيل ولا من (الرئيس السوري الانتقالي، أحمد) الشرع».

يواجه جنبلاط صعوبة كبيرة في السيطرة على قاعدته الشعبية. صحيح أن حالة الغليان، التي تفاقمت بعد انتشار مقاطع فيديو تظهر انتهاكات بحق مشايخ الطائفة وأفرادها في السويداء، لم تتحول إلى انفجار بعد، إلا أنها أثارت مخاوف من انتقالها إلى لبنان، خاصة بعد ردود الفعل تجاه عدد من اللاجئين السوريين، وما تبع ذلك من قطع للطرقات.

وفي سياق شرح الوضع الراهن، ذكر مطّلعون أن «جنبلاط يواجه معضلة كبيرة في إقناع حتى قاعدته الشعبية بوجهات نظره»، بينما ترددت معلومات عن «وجود حالة اعتراضية في شارع الإشتراكي كانت ستتحول إلى وقفة احتجاجية أمام المختارة قبل احتواء الوضع». ويحاول جنبلاط تبرير موقفه بـ«خوفه من استفاقة الشياطين، مما قد يؤدي إلى توتر كبير مع السوريين الموجودين في لبنان، أو أن يتحول الأمر إلى توتر درزي – سني، في ظل استمرار حالة التشنج بين الدروز والشيعة».

وبحسب مصادر مطلعة، فإن «الاتصالات جارية داخل الطائفة بهدف احتواء التوتر، خاصة وأن الصوت المسموع داخلها اليوم يميل إلى فكرة الحماية الذاتية والتسلح في مواجهة الإرهاب»، وهو ما عبر عنه الشيخ القاضي نزيه إبراهيم ردًا على النائب مارك ضو الذي قال إن «السلاح ما بيبني دولة»، بقوله إن «الكرامة بالسلاح».

وفي السياق نفسه، أشارت مصادر «الإشتراكي» إلى أن «جنبلاط يبذل جهدًا استثنائيًا لضبط الشارع الدرزي، وهناك تعاون كبير مع الأجهزة الأمنية لتحييد المناطق الدرزية عن أي انعكاسات أو تداعيات. ويبدو أن تلك الجهود نجحت حتى الآن، إذ لم تسجل إلا حادثة وحيدة على أوتوستراد صوفر – عاليه، حيث تجمع عشرات الشبان وأقفلوا الطريق هاتفين: بالروح بالدم نفديكِ يا سويداء، قبل أن يتدخل الجيش لفتح الطريق».

وأجرى رئيس الحكومة، نواف سلام، من جهته، اتصالاً بجنبلاط، وأثنى على «الجهود التي قام بها وسائر الفعاليات في مختلف المناطق لتفادي أي إشكالات داخلية تهدد استقرار وطننا ومسار استعادته لسلطة الدولة التي تبقى المرجعية لجميع اللبنانيين».

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: