الجمعة, 4 يوليو 2025 10:52 AM

تونس: غضب واستنكار لدعوات فرض عقوبات على الرئيس سعيد وسط اتهامات للمعارضة في الخارج

تونس: غضب واستنكار لدعوات فرض عقوبات على الرئيس سعيد وسط اتهامات للمعارضة في الخارج

بين اتهامات بـ "العمالة" وبين حق التعبير المشروع، تثير المعارضة التونسية في الخارج، والتي تضم شخصيات بارزة، جدلاً واسعاً في تونس التي تشهد سجالات سياسية متواصلة منذ عام 2021. فقد دعت منظمات غير حكومية متوسطية، في رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إلى فرض عقوبات على الرئيس التونسي قيس سعيّد ومسؤولين آخرين بتهمة انتهاك حقوق الإنسان.

وبحسب تقارير صحفية، أرسلت كل من لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وفدرالية التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين، والمركز اللبناني لحقوق الإنسان، والمنظمة الأورو-متوسطية للحقوق (يوروميد رايتس)، رسالة إلى الاتحاد الأوروبي تطالب بفرض إجراءات ضد سعيّد ووزراء حاليين وسابقين، ومسؤولين في الجيش والشرطة وإدارة السجون، بالإضافة إلى أعضاء في السلطة القضائية والبرلمان. وتضمنت المطالب تجميد الحسابات المصرفية، وفرض عقوبات اقتصادية، وحظر تزويد تونس بمعدات عسكرية وخدمات مالية، وتجميد التمويلات الأوروبية في إطار ملف الهجرة، مع التأكيد على أن "أوروبا لا يمكنها مواصلة الصمت تجاه ما آلت إليه أوضاع حقوق الإنسان في تونس".

ليست هذه المرة الأولى التي تطالب فيها جهات معارضة في الخارج بفرض عقوبات على تونس. فقد سبق أن وجّه أعضاء في الكونغرس الأميركي رسالة إلى وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، منددين بما وصفوه بـ "توطيد الحكم الاستبدادي وقمع المعارضة السياسية والحريات في تونس"، ومطالبين بربط المساعدات الأميركية باستعادة المسار الديموقراطي. كما أثار الرئيس السابق منصف المرزوقي جدلاً واسعاً حين دعا إلى نقل مؤتمر الفرنكوفونية من تونس العام الماضي، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً داخل البلاد. ويشتهر سعيّد بانتقاده المتكرر لمعارضة الخارج، واصفاً تحركاتها بـ "العمالة والخيانة وتشويه صورة البلاد".

يعود نشاط المعارضة التونسية في الخارج إلى ما بعد الاستقلال، حين دفع الخلاف بين الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ومعارضه صالح بن يوسف جزءاً من النخبة السياسية إلى مغادرة البلاد ومواصلة نشاطها من الخارج. ومنذ ذلك الحين، لعبت المعارضة بالخارج أدواراً متفاوتة التأثير في المشهد السياسي الداخلي، مع استمرار الجدل حول شرعيتها وفاعليتها.

أثارت الدعوات الأخيرة غضباً واسعاً في تونس، حيث اعتبرها الكثيرون تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي ومحاولة لتشويه صورة البلاد. وطالبت النائبة فاطمة المسدي بفتح تحقيق في "شبهة التخابر مع جهات أجنبية" ضد المنظمات التي دعت إلى فرض عقوبات على تونس، واصفة هذه المبادرة بـ "التدخل السافر في شؤون تونس الداخلية". وأكدت أن "البعض ممن وصفتهم بأصحاب الأجندات المشبوهة يحاولون الضغط على الدولة التونسية واستهداف القرار الوطني تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية"، معتبرة أن هذه الرسالة تكشف عن "عقلية استعمارية" لا تتوانى عن استخدام سلاح العقوبات ضد الدول ذات السيادة، لمجرد رفضها الانصياع للإملاءات الخارجية. وأضافت أن القائمين على هذه المبادرة "يسعون إلى تصفية حساباتهم السياسية مع كل من يتمسّك بسيادة القرار الوطني التونسي".

وفي المقابل، يرى مراقبون أن تحركات المعارضة في الخارج تندرج ضمن الحق المشروع في التعبير، وأن مخاطبة المنظمات الدولية والحكومات الغربية للضغط على السلطات التونسية يدخل في نطاق "النضال السلمي"، خصوصاً في ظل ما يعتبرونه عجزاً عن التعبير داخل تونس. ويقول المحلل السياسي المقيم في فرنسا حمدي المزغني إن "هذه التحركات تظل مشروعة وتندرج في إطار ممارسة الحق في التعبير"، مضيفاً: "ما يوصف بمعارضة الخارج يتعرض باستمرار لحملات تشويه وتخوين، في حين أنه من حقها التعبير عن مواقفها كجميع التونسيين".

كريمة دغراش - أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: