دمشق-سانا: تواصلت فعاليات المؤتمر الاستثماري الأول في جامعة دمشق لليوم الثاني، بمشاركة واسعة من الأكاديميين والمستثمرين ورواد الأعمال وصناع القرار. عُقد المؤتمر في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات تحت عنوان "البيئة الاستثمارية الجاذبة في سوريا"، بتنظيم من مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في الجامعة.
يهدف المؤتمر إلى تعزيز الحوار بين مختلف الفاعلين في القطاع الاقتصادي، وتشجيع عودة الاستثمارات الوطنية واستقطاب رؤوس الأموال العربية والدولية. ويتم ذلك من خلال تسليط الضوء على واقع البيئة الاستثمارية في سوريا، وتشخيص التحديات التي تواجهها واقتراح الحلول المناسبة، بالإضافة إلى عرض الفرص والمزايا الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات.
ناقش المشاركون أهمية تطوير البيئة التشريعية والقانونية الداعمة للاستثمار، ووضع خارطة استثمارية شاملة تغطي جميع المحافظات السورية، إلى جانب تعزيز دور غرف التجارة والصناعة والزراعة ورجال الأعمال في دعم العملية الاستثمارية، وتقديم المشورة لإصلاح المؤسسات المالية والنقدية.
ركز المؤتمر أيضاً على الاستفادة من التكنولوجيا في رقمنة الأعمال، ومواكبة التحولات العالمية في بيئة الأعمال، فضلاً عن إبراز العلاقة المتبادلة بين الاستثمار والتنمية الاجتماعية المستدامة، والاستفادة من تجارب رجال الأعمال بما يتناسب مع الواقع السوري.
"دور قطاع التأمين في دعم الاقتصاد والاستثمار": تحدث الدكتور جاسم العكلة، الباحث في كلية الاقتصاد والتمويل بجامعة أنجليا روسكين في مدينة كامبريدج البريطانية، عن دور قطاع التأمين في دعم الاقتصاد والاستثمار وخلق فرص عمل وتعزيز العدالة الاجتماعية. وأشار إلى التحديات التي تواجه هذا القطاع مثل ضعف ثقة المواطنين وانكماش الاقتصاد وقلة الوعي التأميني، مقدماً توصيات شملت حملات توعوية، وتحديث التشريعات، واستخدام التحول الرقمي، وتدريب الكوادر، وربط التأمين بقطاعات حيوية كالصحة والزراعة والتعليم والنقل والإسكان.
لفت الباحث الدكتور محمد أكرم القش إلى دور الاستثمار كأداة للتأثير الاجتماعي الإيجابي، مبيناً أهميته في مجالات التعليم والصحة وتأهيل الشباب ودعم الفئات الهشة. وأكد ضرورة مراعاة الخصائص الاجتماعية في أي مشروع استثماري، سواء عبر استثمارات اجتماعية مباشرة أو عبر استثمارات اقتصادية تحمل بعداً اجتماعياً واضحاً.
بدورها، أكدت رئيسة هيئة التخطيط الإقليمي الدكتورة ريما حداد في محاضرتها أهمية البعد المكاني في الدراسات التخطيطية باعتباره حجر الأساس في توجيه استثمارات المرحلة الانتقالية في سوريا، ويسهم في فهم دقيق للتوزيع الجغرافي للموارد والاحتياجات والفرص، وضرورة وجود خارطة استثمارية مدروسة، لافتة إلى أن سوريا تعيش تحديات كبيرة لكن هناك فرصة ومرحلة جديدة من الانفتاح ما يساعد على تفعيل موقعها الإستراتيجي واستعادة دورها ضمن الإقليم كلاعب أساسي في المنطقة.
"الاستثمار في القطاع الزراعي يمثل أولوية": وفي تصريحات لـ سانا، أكد رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو أن الاستثمار في القطاع الزراعي يمثل أولوية لكونه الأكثر ديمومة لما تمتلكه سوريا من تنوع مناخي وبيئي ومحاصيل نباتية وحيوانية لافتاً إلى أن هناك فرصاً كبيرة للاستثمار، وخاصة في المحاصيل ذات الميزة النسبية مثل النباتات العطرية، بما يحقق إيرادات مرتفعة وينعكس إيجاباً على المزارعين والاقتصاد الوطني.
وأشار كشتو إلى أهمية استعراض كل الفرص والتحديات التي يمكن العمل عليها لإقامة المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات بسوريا، والاستفادة من التجارب الأخرى في تطويرها، والنهوض بواقعها نحو الأفضل، لافتاً إلى أنه تم طرح العوائق كافة التي تواجه القطاع الزراعي وسبل مواجهتها، في ظل امتلاكه مقومات عديدة تجذب المستثمرين، رغم كل ما واجهه هذا القطاع من أضرار أصابته خلال السنوات الماضية.
"سوريا تحتاج إلى استثمارات كبيرة": من جانبه، بيّن مدير عام غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي أن سوريا تحتاج إلى استثمارات كبيرة لإعادة إعمار اقتصادها، مشدداً على أهمية تهيئة بيئة استثمارية جاذبة تجمع بين رجال الأعمال والمستثمرين الخارجيين والجانب العلمي موضحاً أن هذه الاستثمارات ستسهم في رفع كفاءة الاقتصاد وتحسين مستوى الدخل والمعيشة، بما يضمن نهضة اقتصادية في المرحلة المقبلة.
رئيس دائرة الاستثمار في مديرية الاقتصاد والتخطيط الزراعي في وزارة الزراعة الدكتور مجد أبو حمزة أكد أن هذا المؤتمر يعد منصة جامعة لكل القطاعات العاملة في سوريا، ونقطة بداية مهمة لتطوير العمل الاستثماري الذي يعتبر ركيزة أساسية في الاقتصاد السوري، والوزارة تعمل على تقديم التسهيلات ودعم المستثمرين بالشكل المطلوب.
بدوره، اعتبر الدكتور أحمد صالح من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق أن التأمين هو أحد أهم أعمدة وروائز الاستثمار وتطوير البيئة الاستثمارية بشكل عام ويشكل رافداً حقيقياً ودافعاً أساسياً للتنمية، وينظر له أكاديمياً أنه بديل لجملة من المؤسسات الناظمة والضابطة للعملية الاستثمارية.
وكانت أعمال المؤتمر انطلقت يوم أمس حيث تناولت الجلسات الأولى دور القطاع المصرفي في دعم التمويل والاستثمار، وأهمية التحول الرقمي في تطوير الخدمات المالية، إضافة إلى مناقشة واقع حوكمة الشركات والتحديات التي تواجهها، ودورها في تعزيز كفاءة الإدارة والرقابة المؤسسية.