السبت, 5 يوليو 2025 11:13 PM

حساب وهمي باسم "رهام عابدين" يشعل فتنة طائفية في سوريا: ما القصة؟

حساب وهمي باسم "رهام عابدين" يشعل فتنة طائفية في سوريا: ما القصة؟

أخبار سوريا والعالم/ أثار حساب مجهول على موقع "فيسبوك" يحمل اسم "د. رهام عابدين" جدلاً واسعاً مؤخراً، وذلك بعد ادعائه أن طبيبة في مدينة جبلة السورية قُتلت مع أطفالها على يد مجهولين، إثر تعرضها للإهانة من قبل مسؤول محلي. انتشرت هذه القصة المفبركة بسرعة كبيرة على الصفحات المحلية، مما أثار موجة غضب طائفي وسط صمت رسمي.

بعد التدقيق والمتابعة من قبل مختصين ونشطاء، تبيّن أن القصة مختلقة بالكامل، وأن الصور المنشورة مزيفة وتم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما تبين أن الحسابات التي نشرت القصة أُنشئت قبل أيام قليلة فقط، مما يشير إلى حملة منظمة تهدف إلى بث الفوضى والتوتر الطائفي.

بدأت القصة بمنشور من حساب "رهام عابدين"، زعم أن الطبيبة تعرضت للإهانة من مسؤول في جبلة، ثم قُتلت لاحقاً مع أولادها برصاص مجهولين. وفي غضون ساعات، ظهرت عدة حسابات تدعي أنها من عائلتها، تنشر عبارات حزينة تدعو للثأر، مما عزز مصداقية القصة وزاد من التفاعل معها.

لكن سرعان ما اتضح أن جميع هذه الحسابات وهمية، وأنشئت في وقت متزامن، وتستخدم نفس الأسلوب والصياغة. أما صورة "رهام" فكانت مأخوذة من حساب روسي وتم تعديلها لتبدو كوجه عربي.

في تطور مفاجئ، غيّر صاحب الحساب اسمه وصورته إلى اسم الإعلامي "معاذ المحارب"، المذيع في قناة "الإخبارية السورية"، وادعى في منشور مطوّل أنه هو من ألّف القصة بالتنسيق مع مسؤولين، بهدف إثبات هشاشة منصات التواصل الاجتماعي وقدرتها على تضخيم الأخبار الكاذبة دون تحقق.

وزعم أيضاً أنه ناقش الأمر مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، كمحاولة لإثبات أن روايات انتهاكات الأمن العام مبالغ فيها أو مفبركة.

ومع ذلك، لا يوجد أي دليل رسمي على صحة هذا الادعاء. كما شكك العديد من النشطاء في صحة نسبة الحساب للإعلامي معاذ محارب، معتبرين ما جرى جزءاً من حملة تضليل أكبر.

منصات محلية وناشطون على مواقع التواصل بدأوا منذ اللحظة الأولى بالتشكيك في القصة، وأشاروا إلى أن اسم "رهام عابدين" لا يظهر في أي سجل طبي رسمي، ولا توجد طبيبة بهذا الاسم في جبلة. كما أن الجهات الرسمية لم تصدر أي توضيح أو نفي سريع، وهو ما أثار استغراب المتابعين.

الناشط عامر المرعي كتب: "تم إنشاء الحساب في أيار فقط، ونشر رواية مزيفة عن مسؤولي جبلة، انتشرت كالنار في الهشيم، ولم يصدر أي رد رسمي ينفي أو يوضح، فهل من المعقول أن المسؤولين عاجزون عن كشف مصدر الحساب أو تتبعه تقنياً؟".

تأتي هذه القصة في وقت حساس تمر به سوريا، حيث برزت موجة من الحسابات الوهمية التي تروج لأخبار كاذبة تهدف لإثارة النعرات الطائفية، خصوصاً ضد الأقليات مثل العلويين والدروز والمسيحيين.

وبحسب تقرير سابق لـ BBC عربي، فإن أكثر من 60% من هذه الحسابات تعمل من خارج سوريا، ويتم استخدامها لتغذية الفتنة عبر نشر تسجيلات صوتية مفبركة وأخبار كاذبة تثير الرأي العام.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، انتشار تسجيل صوتي منسوب لشيخ درزي، تبين لاحقاً أنه غير موجود، لكنه تسبب بمواجهات مسلحة في مناطق متعددة من دمشق، وأدى إلى سقوط ضحايا.

مع تصاعد خطورة هذه الحملات، يرى مراقبون أن السلطات السورية الجديدة مطالبة بوضع آلية واضحة وسريعة لرصد الحسابات المشبوهة والتعامل معها، والتصدي للقصص المفبركة التي تهدد السلم الأهلي.

كما يشدد صحفيون وناشطون على أهمية وجود إعلام سوري مستقل وشفاف قادر على الرد بسرعة وتفنيد الأخبار الزائفة، لأن ترك الساحة فارغة أمام الشائعات، يعمّق الانقسام ويعيد إنتاج الفتن التي عانى منها السوريون لعقود.

الحل نت

مشاركة المقال: