الثلاثاء, 7 أكتوبر 2025 05:35 PM

حلب: اشتباكات الشيخ مقصود والأشرفية تثير الرعب والاتهامات المتبادلة

حلب: اشتباكات الشيخ مقصود والأشرفية تثير الرعب والاتهامات المتبادلة

ساد الهدوء الحذر مجدداً في حيّي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب، وذلك بعد ليلة من الخوف عاشها السكان المدنيون نتيجة للاشتباكات التي وقعت، وسط أنباء عن اتفاق محتمل بين قوات الحكومة السورية وقوات الأسايش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد".

سناك سوري-حلب وثّق ناشطون عبر مقاطع فيديو حالة الرعب التي انتابت المدنيين خلال الاشتباكات التي دارت بين القوات الحكومية وقوات قسد مساء أمس الإثنين، مما أدى إلى توتر أمني جديد يؤثر سلباً على المدنيين الذين يتوقون إلى السلام وإنهاء الحرب.

دعا محافظ حلب، عزام الغريب، في منشور على الفيسبوك، السكان إلى البقاء في منازلهم ليلة أمس، وتجنب مناطق الاشتباكات قدر الإمكان، مؤكداً أنهم يسعون مع الأطراف المعنية إلى التهدئة ووقف الاشتباكات.

في غضون ذلك، ذكرت الإخبارية السورية أن الاشتباكات توقفت بشكل كامل في حيّي الأشرفية والشيخ مقصود بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، دون الخوض في تفاصيل إضافية.

ضحايا وإصابات

أفاد ناشطون بوقوع ضحية واحدة على الأقل بين المدنيين نتيجة للاشتباكات، بالإضافة إلى إصابات أخرى تم نقلها إلى المستشفى. ونقلت وكالة سانا عن مصدر أمني قوله: «استشهد عنصر وأصيب أربعة من قوى الأمن الداخلي، جراء استهداف قوات "قسد" لحواجز الأمن في محيط حي الشيخ مقصود بمدينة حلب». وأضاف المصدر أن قوات "قسد" استهدفت بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة الأحياء السكنية في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية.

كما نقلت سانا عن مصدر عسكري قوله إن «قوات الجيش اكتشفت نفقاً لقوات قسد يربط مواقعهم بمكان خلف مواقع الجيش والأمن بمحيط حي الأشرفية، وتم تفجيره»، مشيراً إلى أن «قوات قسد أعدت النفق من أجل القيام بأعمال تخريبية واستخدمته للتسلل والقيام بعمليات ضد قوات الجيش والأمن». وتابع المصدر: «بعد اكتشاف قوات الجيش النفق وتفجيره قامت قسد بإرسال عناصرها بلباس مدني واشتبكت مع حواجز الأمن الداخلي بالعصي والحجارة لإشغالهم قبل أن تتسلل عناصر مسلحة من قبلها وتستهدف الحواجز»، مشيراً أنه على إثر الاعتداء بدأ الجيش وفق المصدر بنشر الحواجز لإغلاق الطرق المؤدية للأحياء بشكل كامل وأعاد الانتشار حول الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.

وأكدت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع التزامها باتفاق العاشر من آذار الماضي، مشيرة إلى أنه لا توجد خطط لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة.

قسد تنفي

في المقابل، نفت قسد استهداف قواتها لأي حواجز تابعة للقوات الحكومية في محيط حيّي الأشرفية والشيخ مقصود بمدينة حلب، وأضافت في بيان لها: «نؤكد بشكل قاطع أن هذه الادعاءات غير صحيحة إطلاقاً، فقواتنا لا وجود لها في المنطقة منذ انسحابها بموجب تفاهم 1 نيسان». وبحسب بيان قسد: «ما يحدث في حيي الأشرفية والشيخ مقصود هو نتيجة سلسلة من الهجمات المتكررة التي تقوم بها فصائل حكومة دمشق ضد السكان المدنيين، حيث فرضت حصاراً أمنياً وإنسانياً خانقاً، وقطعت الإغاثة والمواد الطبية، واختطفت العديد من الأهالي، وواصلت الاستفزاز اليومي للسكان على الحواجز وفي محيط الحيين، ومؤخراً قامت برفع السواتر الترابية في محيط الحيين وفرض الحصار».

ووصف البيان ما جرى بالتصعيد الخطير، وقال: «تحاول تلك الفصائل التوغل بالدبابات والمدرعات وتستهدف الأحياء السكنية بقذائف الهاون والطيران المسيّر، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين وأضرار جسيمة بالممتلكات، تلك الممارسات أدت إلى استفزاز الأهالي ودفعهم للدفاع عن أنفسهم، إلى جانب قوى الأمن الداخلي في الحيين، التي تقوم بواجبها في حماية المدنيين وحفظ الأمن والاستقرار». وحمّلت قسد الحكومة السورية المسؤولية الكاملة والمباشرة عما وصفته بـ”استمرار الحصار الخانق والانتهاكات الممنهجة بحق المدنيين”، كذلك «عن التصعيد الخطير الأخير الذي يفاقم معاناة السكان ويهدد الاستقرار في المنطقة، وتكشف استخفافها المتعمد بحياة الناس وكرامتهم»، داعية المنظمات الدولية والإنسانية إلى «التحرك العاجل والفعّال لإنهاء هذا الحصار الجائر، ووقف الهجمات والاستفزازات الممنهجة ضد المدنيين».

المدنيون يدفعون الثمن

قالت الصحفية ماربيل حداد، ابنة مدينة حلب، في منشور لها: «دبابات ومدفعيات وراجمات من مختلف مناطق حلب تقصف حيي الأشرفية والشيخ مقصود (من قبل قوات النظام السوري)، هاونات وقذائف تسقط على أحياء حلب السكنية (من قبل قوات قسد)، اشتباكات ومضادات وقنص وهستيريا، رصاص الاشتباكات ينهار على شوارع حلب جميعها». وأضافت أنها تواصلت مع أهالي داخل الحيين، وأخبروها بأن «الأخبار الواردة على إعلام النظام التي تقول إنو قسد تمنع الناس في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية عن الخروج وتاخدهم دروع بشرية، هي أخبار كاذبة»، ووصفت ما يجري بأنه «حرب بكل معنى الكلمة تحدث في قلب مدينة حلب وجميع الأحياء المتضررة ويلي صايرة خط اشتباكات هي أحياء مدنية سكنية، وين تروح العالم؟ اش تعمل بحالها؟».

رغم الهدوء الحذر الذي خيّم على حيي الشيخ مقصود والأشرفية صباح الثلاثاء، إلا أن آثار الرعب والدمار ما تزال حاضرة في ذاكرة السكان، وبينما يستمر تبادل الاتهامات، يبقى المدنيون وحدهم من يدفعون الثمن، في مدينة أنهكتها سنوات الحرب، ولا تزال تنتظر سلاماً مؤجلاً.

يذكر أن الاشتباكات المتقطعة تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية، وتبادلت دمشق وقوات قسد الاتهام بممارسة استفزازات، بعد أشهر على توقيع اتفاق العاشر من آذار الذي تم برعاية الولايات المتحدة لدمج قسد في الجيش السوري بحلول نهاية العام، والذي يواجه العديد من العراقيل.

مشاركة المقال: