الإثنين, 14 يوليو 2025 10:40 PM

حلول مقترحة لأزمة "حق الفروغ": أكاديمي يقدم رؤى لتعديل قانون الإيجار القديم في سوريا

حلول مقترحة لأزمة "حق الفروغ": أكاديمي يقدم رؤى لتعديل قانون الإيجار القديم في سوريا

لا يزال قرار إلغاء التمديد الحكمي للعقارات، أو ما يعرف بـ "حق الفروغ"، والذي أصدرته وزارة العدل الشهر الماضي، محور نقاش واسع وردود فعل متباينة. القرار يستفيد منه أصحاب العقارات، بينما يتضرر منه المستأجرون، أو "مستأجرو الظل" كما يطلق عليهم، والذين غالباً ما يكونون من التجار.

يرى محللون أن القرار، على الرغم من إيجابيته في إعادة الحقوق لأصحابها، يحمل جوانب سلبية، إذ يؤثر على مصالح شريحة فاعلة في تنشيط الحركة التجارية في البلاد. لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد العقارات المؤجرة بنظام الفروغ، لكن المراقبين يقدرونها بالآلاف، وتقع معظمها في مناطق حيوية بوسط المدن الرئيسية في سوريا، وهو ما تجلى في ردود فعل التجار بدمشق الذين تظاهروا مطالبين بالإنصاف بعد صدور القرار.

الدكتور حسن حزوري، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، يرى أن مطالبة بعض المستأجرين بحماية "حق الفروغ" هي في الواقع حماية لمكاسب تجارية تحققت على حساب المالك، الذي لم يكن له الحق في تقرير مصير ملكه. ويضيف أن هذا يخالف مبدأ التوازن في العقود، مؤكداً أن العقار ملكية خاصة، وحرمان المالك من استثماره أو تسليمه بأجرة رمزية لسنوات طويلة أمر غير عادل.

أوضح حزوري لموقع "الوطن أون لاين" أن الوقت قد حان لإعادة النظر في موضوع الفروغ بشكل جذري. يجب على اللجنة القانونية ووزارة العدل العمل على إلغاء التمديد الحكمي تدريجياً بضوابط عادلة، مع مراعاة عدم التشريد المفاجئ للمستأجرين وإلغاء مفهوم الملكية التجارية (الفروغ) إلا في حالات محددة ووفق شروط عادلة، وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بعقود جديدة عادلة ومرنة ترضي الطرفين. وأشار إلى أن القانون الذي يفرغ المالك من حقوقه ويحول المستأجر إلى مالك فعلي يحتاج إلى تعديل عميق، بما يتوافق مع الشرع والعدالة والمنطق الحديث في إدارة الأملاك.

أكد حزوري أن إلغاء حق الفروغ، الذي كان يضمن استمرارية المستأجر للعقار التجاري لعقود طويلة وبمبالغ زهيدة نسبياً، له تداعيات اقتصادية واسعة. من بين آثاره السلبية ارتفاع تكاليف التشغيل على التجار، حيث قد يضطر المستأجرون القدامى إلى ترك محالهم أو دفع إيجارات مرتفعة، مما يؤدي إلى خروج البعض من السوق أو تقليص نشاطهم، إضافة إلى اضطراب السوق بسبب تغير المواقع التجارية وتبديل الأنشطة نتيجة عدم القدرة على تحمل التكاليف الجديدة، ما قد يؤدي إلى تراجع الثقة واستقرار السوق، وربما فقدان بعض الحرف التقليدية أو الأنشطة العائلية التي تعجز عن المنافسة مع مستثمرين جدد يدفعون أسعاراً أعلى.

أما الآثار الإيجابية على المدى الطويل، فتتمثل في تحفيز إعادة الاستثمار في العقارات التجارية، حيث يصبح لدى المالك حافز أكبر لتحسين الممتلكات أو إعادة تطويرها، كما سيحرر السوق من التشوهات التاريخية، مما يجعل العلاقة أكثر عدالة وفقاً لقواعد السوق الحرة.

أوضح حزوري أن الحلول الواقعية التي يمكن أن توازن بين حقوق الطرفين دون إرباك السوق يجب أن تكون تدريجية ومدروسة، ومن بينها تعويض المستأجر القديم بتعويض مادي جزئي أو تسهيلات للانتقال إلى محل جديد، أو منحه مهلة طويلة (3 إلى 5 سنوات) قبل الإخلاء لإعادة الترتيب، وإقرار نظام إيجار تدريجي برفع الإيجارات سنوياً بمعدلات محددة (10 بالمئة-15 بالمئة) حتى الوصول إلى السعر السوقي.

كما اقترح إنشاء صندوق دعم للتجار المتأثرين، وخاصة للحرفيين وأصحاب الأعمال الصغيرة، يتم تمويله من الدولة أو البلديات، فضلاً عن تشجيع التعاقدات الحديثة بشروط واضحة تحمي الطرفين، مع تحديد مدد الإيجار والزيادات السنوية، والإشراف البلدي أو القضائي على الحالات الخلافية عبر لجان تحكيم عقاري محلية.

ولفت إلى أن إلغاء حق الفروغ يعيد تشكيل السوق التجارية جذرياً، وقد يحمل فرصاً اقتصادية، لكنه يحتاج إلى حلول واقعية تحافظ على النسيج الاقتصادي المحلي وتمنع الانهيار المفاجئ لأنشطة قائمة. وأكد أن إعادة ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر يمكن أن تكون إيجابية إذا تمت بالتدرج، مع ضمان حقوق كل طرف.

مفهوم "حق الفروغ" هو مصطلح قانوني كان شائعاً في عدد من الدول العربية، منها سوريا ولبنان، ويشير إلى حق يكتسبه المستأجر في العقار التجاري يتيح له البقاء فيه لفترة غير محدودة تقريباً مقابل بدل إيجار ثابت ومتدنٍ، مع حماية قانونية من الإخلاء. وقد يتضمن أيضاً إمكانية بيع هذا الحق لطرف ثالث، حيث يبيع المستأجر "الفروغ" (وليس العقار نفسه) مقابل مبلغ مالي، بينما يبقى العقار مملوكاً للمالك الأصلي.

مشاركة المقال: