الثلاثاء, 22 أبريل 2025 04:11 AM

خبير اقتصادي يكشف: صراع الرسوم الجمركية مقدمة لنظام مالي رقمي عالمي

خبير اقتصادي يكشف: صراع الرسوم الجمركية مقدمة لنظام مالي رقمي عالمي

حاولتْ صحيفة الثورة رسم لوحة واضحة عن خلفيات صراع الرسوم الجمركية العالمي الذي تقوده أمريكا.. لذلك توجهت بالسؤال للمستشار والخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش، إذ يرى د. عياش في هذا الصراع حلقةً جديدة في سبيل التهيئة لولادة نظام مالي عالمي جديد، ولذلك يدعو إلى عدم الاهتمام بالصراعات الوهمية والحروب الاقتصادية الافتراضية.. ويُبيِّن أن الغاية هي فرض نظام مالي عالمي جديد رقمي بالكامل، ويُذكِّر بنشأة النظام المالي وفق بريتون وودز 1945 حيث التقارب في الخطوات واضح.

كما ويلفت إلى أن “الحلقة القادمة المتوقعة هي تخفيض قيمة الدولار.. وارتفاع كبير بأسعار الذهب كوسيط أولي.. وسيتبعه لاحقاً لجوء جماعي للعملات الرقمية كملاذ آمن ومكافئ قيمة”.

أهداف الرسوم الجمركية

تسأله “الثورة” عن أهداف الرسوم الجمركية العالمية فيقول: من حيث المبدأ.. تعتبر التعرفة الجمركية إحدى الأدوات الاقتصادية المهمة التي تعتمدها الحكومات لتحقيق عدة أهداف مهمة.. منها:

  1. حماية الصناعات المحلية، إذ تُستخدم الرسوم الجمركية لحماية الصناعات المحلية من المنافسة الأجنبية القوية، عن طريق رفع تكاليف المنتجات المستوردة وجعلها أكثر تكلفة بالمقارنة مع المنتجات المحلية.
  2. تنظيم التجارة الدولية، فالرسوم الجمركية تُعتبر جزءاً من السياسات التجارية الدولية التي تنظم حركة البضائع عبر الحدود، وتحدد شروط التجارة الدولية والواردات والصادرات.
  3. زيادة الإيرادات الحكومية، إذ تُعدُّ الرسوم الجمركية مصدراً مهماً للإيرادات الحكومية، حيث يتم تحصيلها عند دخول البضائع إلى البلاد، ما يساهم في تمويل الخدمات العامة والمشاريع الحكومية.
  4. تحفيز التنافسية والابتكار، حيث يمكن للرسوم الجمركية أن تحفز المنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية، ما يضطر إلى تحسين جودة المنتجات وخفض التكاليف، وتعزيز الابتكار.
  5. تعزيز الأمن الاقتصادي، فمن خلال فرض الرسوم الجمركية، يمكن للدول تقييد تدفق السلع ذات الأهمية الاقتصادية أو الأمنية، وحماية القطاعات الحيوية في الاقتصاد من التهديدات الخارجية.

أصناف الرسوم الجمركية

وعن أشكال وأصناف الرسوم الجمركية، يقول د. عياش: هناك أشكال عديدة للتعرفة الجمركية، وتصنيفاتها تعتمد على عوامل عدة، مثل نوع السلعة ومصدرها والغرض من فرض الرسوم، ووفقاً للتشريعات الجمركية والسياسات التجارية في كل دولة، ومن بين الأنواع الشائعة للرسوم الجمركية:

  1. الرسوم الجمركية الأساسية (Tariff Rate): هذه الرسوم تُفرض كنسبة مئوية من قيمة السلعة المستوردة.
  2. الرسوم الجمركية الإضافية (Additional Duties): وهي الرسوم التي تُفرض على السلع المستوردة بشكل إضافي.
  3. الرسوم الجمركية المؤقتة (Temporary Tariffs): تُفرض هذه الرسوم لفترة زمنية محددة.
  4. الرسوم الجمركية الاستعمالية (Consumption Duties): وتُعتبر هذه الرسوم أشبه بالضرائب، حيث تُفرض على السلع المستوردة بناءً على كمية الاستهلاك أو الاستخدام.
  5. الرسوم الجمركية الوقائية (Protective Duties): وهي الرسوم التي تُفرض لحماية الصناعات المحلية من التنافس الأجنبي الضار.
  6. الرسوم الجمركية الخاصة (Specific Duties): تُحدد هذه الرسوم بشكل محدد بناءً على وحدات محددة مثل الوزن أو الحجم، بدلاً من الاعتماد على نسبة مئوية من قيمة السلعة.

ويلفت د. عياش إلى أن الرسوم الجمركية تعتبر أداة فاعلة في التجارة الخارجية وتستعمل كأداة إعاقة وتقييد للتبادل التجاري، سواء لاعتبارات سياسية موجهة ضد دول محددة.. أو كأسلوب لحماية الإنتاج المحلي لبلد ما.

أهداف الرسوم الأمريكية الجديدة

وبخصوص أهداف الرسوم الجمركية التي اتخذتها، مؤخراً، الولايات المتحدة الأمريكية، وأثرها على التجارة الدولية، يرى د. عياش أنها “محاولة لاستعادة القوة الإنتاجية للاقتصاد الأمريكي، ولاسيما ضد المنافسين الأساسيين، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، فالرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة على المستوردات من الدول المستهدفة تؤدي إلى زيادة تكاليف تلك السلع وارتفاع أسعارها مقارنة بالمنتجات الأمريكية، ولكن من جهة ثانية لا أجد في هذه الإجراءات سوى حلقة جديدة في سبيل التهيئة لولادة نظام مالي عالمي جديد”.

ودعا د. عياش إلى عدم الاهتمام بالصراعات الوهمية والحروب الاقتصادية الافتراضية، مُذكِّراً بأن الغاية هي فرض نظام مالي عالمي جديد رقمي بالكامل. ولفت إلى نشأة النظام المالي وفق بريتون وودز 1945 مبيناً أن هناك تقارباً في الخطوات، وبالتالي هي ليست جديدة، بل هي حلقة حديثة تكملة لفيلم كورونا وأوكرانيا في طريق التحول الكلي إلى أساليب الدفع الالكتروني والعملات الرقمية الوطنية المشفرة.

الحلقة القادمة

وعن الحلقة القادمة المتوقعة في مسلسل الصراع الاقتصادي العالمي، قال د. عياش: “هي تخفيض قيمة الدولار.. وارتفاع كبير بأسعار الذهب كوسيط أولي.. وسيتبعه لاحقاً لجوء جماعي للعملات الرقمية كملاذ آمن ومكافئ قيمة”. وتابع: “إنه منطق القوة والغطرسة الأميركية في ظاهره، ولكنه مخاض كبير لولادة نظام مالي عالمي جديد بتوافق الكبار، ولكن بإخراج مقنع، لكنه مؤلم للصغار”.

أحداث متوقعة

كل ما سبق يقتضي- برأي د. عياش- سلسلةً من الأحداث المتوقعة خلال السنوات القليلة القادمة.. ومنها:

  1. يجب أن يصل الاقتصاد العالمي إلى حالة الكساد العالمي (حالياً يترنح في نطاق الركود).. وأن ترافقه حالة تضخم متزايد.. أي حالة الكساد التضخمي الجامح.. وأدواته لوجستيات الإمداد والتموين وكذلك التمويل.
  2. انهيارات متتابعة ومتدرجة في الأسواق المالية العالمية.
  3. تراجع كبير في قيمة الدولار ويتبعه سلة عملات حقوق السحب لدى صندوق النقد الدولي.

فلذلك تأثير كبير على التجارة والاقتصاد العالمي.. حيث تفيد إحصاءات المنظمات المالية الدولية بما يلي:

  • حجم التجارة العالمية 33 تريليون دولار، 60 في المئة منها بالدولار.
  • 80 في المئة من الاحتياطيات العالمية بالدولار.
  • 75 في المئة من إجمالي التداول العالمي بالدولار.
  • 8 في المئة من أذونات الخزينة الأمريكية تملكها الصين.
  • 3.2 تريليونات دولار احتياطي الصين من الدولار وهو أكبر احتياطي عالمي.
  • حجم التداول العالمي اليومي 7.2 تريليونات دولار.. ويقابله 3.2 تريليونات دولار كعملات رقمية.
  • أكبر اقتصاد في العالم هو الاقتصاد الأمريكي بناتج محلي إجمالي قرابة 29 تريليون دولار.. ولكن بميزان تجاري خاسر دوماً.. وبديون خارجية تقارب 36 تريليون دولار أي قرابة 124% من إجمالي الناتج المحلي.
  • الصين ثاني أكبر اقتصاد عالمياً بناتج قرابة 18 تريليوناً.. ولكن بميزان تجاري رابح، وتعتبر أكبر اقتصاد تصديري.. إلا أن ديونها الخارجية قرابة 28 تريليون دولار أي بحدود 155 في المئة من ناتجها الإجمالي.

وحسب معايير صندوق النقد الدولي واتفاقية ماسترخت لمنطقة اليورو فإنه يجب ألا تتجاوز نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي 48 في المئة. – 60 في المئة على التوالي. بالتالي نظرياً يجب أن تكون الولايات المتحدة (وكذلك الصين)، مصنفة بأدنى تصنيف ائتماني بل خارج التصنيف، ويجب أن تكون في عداد الدول المفلسة.

  1. زيادة كبيرة في أسعار الذهب لتقارب 4000 دولار للأونصة خلال العام الجاري.
  2. زيادة كبيرة في الطلب، ويرافقها زيادة كبيرة في أسعار العملات الرقمية.
  3. في غضون 2 إلى 5 سنوات سيتم إحلال عملات وطنية رقمية مشفرة مغطاة بالدولار أو الذهب محل العملات الورقية في التعاملات الدولية.
  4. يتوقع أن يتعرّض العالم لصدمة شبيهة بصدمة نيكسون 1971 لتظهر العملات الرقمية المشفرة غير المغطاة أي افتراضية.. ولكن بقبول دولي واسع في التداولات الدولية.
  5. ستحل أنظمة الدفع الالكتروني بشكل كامل محل كل الأنظمة البديلة.
  6. ستهيمن القوى المالية الكبرى على حركة المال العالمي بالمطلق، وستفرض شروطها في تحديد القيمة، وسيكون العالم بأسره تحت رحمتها.

وحتى الإجراءات المقابلة التي اتخذتها الصين مؤخراً لا تخرج عن هذا السياق.. فهي مرحلة من مراحل المخطط لاستبدال النظام المالي العالمي الحالي، حيث يقتضي مرحلياً وجود نظامين للتقاص والتحويل الدولي، سويفت ( SWIFT) لأمريكا وحلفائها وتوابعها.. ونظام سيبس ( CIPS) لمنظومة الصين وروسيا وتوابعهما.. ويتم حصر العالم فيهما بحيث لا يبقى أي تداول أو تحويل خارجهما وبذلك يتم إحكام الهيمنة على حركة النقد العالمية.

لمن ديون أمريكا والصين؟

وأخيراً تحدث د. عياش عن المفارقات الكبيرة في الاقتصاد والنظام المالي العالمي الحالي، لافتاً إلى أن حجم الدين العالمي الكلي يشكل 256 في المئة من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي. وتساءل: لمن؟!.. وعلى من؟!.. وكيف ستسدد هذه الديون؟!. في الإجابة عن هذه التساؤلات يمكن فهم الكثير من الأحداث والمتغيرات العالمية الراهنة على مستوى الاقتصاد والنظام المالي العالمي.. واللبيب بالإشارة يكتفي.

مشاركة المقال: