السبت, 27 سبتمبر 2025 02:05 PM

خطة ترامب لإنهاء حرب غزة: هل ينجح الرئيس الأمريكي في تجميد الصراع هذه المرة؟

خطة ترامب لإنهاء حرب غزة: هل ينجح الرئيس الأمريكي في تجميد الصراع هذه المرة؟

بقلم: يحيى دبوق

تعود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الواجهة بخطة جديدة، تتألف من 21 بنداً، تهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. الخطة، التي تُنسب إلى ترامب نفسه، هي في الواقع نتاج تنسيق مشترك بين واشنطن وتل أبيب، مما يثير تساؤلات حول مدى اختلافها عن سابقاتها، وإمكانية نقضها لاحقاً باتفاق الطرفين، خاصة وأن استمرار الحرب أو تأجيل نهايتها يخدم مصالح خاصة.

لم يكن قرار شن الحرب قراراً إسرائيلياً منفرداً، بل كان مقروناً بموافقة أميركية، سواء كانت صريحة أو ضمنية. وعلى الرغم من الإرادة والقدرة العسكرية والدافع السياسي لدى تل أبيب، إلا أن تنفيذ أي حملة واسعة النطاق كان معلقاً على الضوء الأخضر من واشنطن.

هل تشير تصريحات ترامب الأخيرة، التي تضمنت عبارات مثل: "لا أسمح لإسرائيل" و "كفى" و "حان الوقت للتوقف"، إلى تحول في نهج واشنطن، التي اعتادت على تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل وتغطية أفعالها؟ الواقع أن المصالح الأميركية، وحتى الشخصية منها، تدفع إدارة ترامب إلى تبني موقف أكثر "معقولية"، لاحتواء تداعيات الحرب قبل أن تصل إلى مستوى الإضرار بمصالح الولايات المتحدة، ليس فقط في الإقليم، بل أيضاً على المستوى العالمي. وقد لمس ترامب ذلك خلال لقاءاته الأخيرة مع زعماء دول على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث كانت الحرب على غزة وضرورة إنهائها بنداً أساسياً.

في المقابل، تسعى إسرائيل، أو على الأقل حكومة بنيامين نتنياهو، إلى مواصلة الحرب لتحقيق أهداف تتجاوز تلك المعلنة، بما في ذلك تثبيت هيمنة اليمين الداخلية وتأجيل حسابات سياسية وقضائية، ورسم خريطة ديموغرافية مغايرة لقطاع غزة.

لكن النتيجة لا تتحدد بين الحليفين وفقاً لمعادلة "أراد الأميركي، فحصل له ما أراد"، بل وفق مشاورات وتنسيق. ففي حين أن إنهاء الحرب ليس مصلحة وجودية لأميركا، فإن استمرارها أيضاً ليس مصلحة وجودية لإسرائيل. ولهذا، قد يتم التوصل إلى نتيجة تسووية من خلال اللقاءات المكثفة بين ترامب ونتنياهو، أو بين كبار المسؤولين في واشنطن وتل أبيب. وإذا كانت هناك جدية أميركية هذه المرة، فستكون المفاوضات صعبة بين طرفين يختلفان الآن في أولوياتهما، ويتباينان في التوقيت.

واشنطن تنظر إلى الحرب كعبء متزايد يهدد صورتها الدولية، بينما ترى تل أبيب في أي تسوية مبكرة تهديداً لقيادتها ومؤسستها السياسية وسرديتها الأمنية ونيّاتها التوسّعية في غزة. ولذا، فإن الخطة الأميركية لم تلق ترحيباً من تل أبيب التي سجلت "تحفظات" عليها، تطاول أكثر من بند، يعتبرها مقربون من نتنياهو مضرة بـ"المصالح الأمنية الوجودية" لإسرائيل.

من بين التحفظات الإسرائيلية، أن واشنطن لا تشترط نزع سلاح "حماس" أولاً، كمقدمة لمواصلة تنفيذ بنود الخطة، بل تنظر إلى نزع السلاح كعملية طويلة الأمد تتم بالتوازي مع ترتيبات سياسية وأمنية أخرى. وهذا يعني من ناحية تل أبيب، إنهاء الحرب بلا تحقيق أهدافها المعلنة وغير المعلنة.

لكن ما صدر عن ترامب أخيراً، ربما يوحي بأن الدعم الأميركي لرؤية نتنياهو لم يعد بلا شروط؛ إذ قال ترامب أمام الصحافيين في نيويورك: "لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية. كفى، حان الوقت للتوقف"، وهي كلمات أحدثت "زلزالاً" لدى اليمين الإسرائيلي.

مع ذلك، يُنظر إلى خطة ترامب الجديدة على أنها ستخضع لتعديلات، تجعلها أكثر ملاءمة للتسويق داخلياً لدى تل أبيب، وقد تشمل تسوية لمسألة وقف إطلاق النار، أو انسحاباً تدريجياً من مناطق محددة، أو صفقة أسرى على مراحل ودفعات؛ لكنها على الأرجح لن تلامس القضايا الجوهرية، لأن المبادرة نفسها، على الرغم من كل بنودها وإشكالياتها من الناحية التنفيذية، ليست مبادرة لإنهاء الحرب، بل لتجميدها.

السؤال الأساسي هو: هل يملك ترامب الإرادة الكافية لفرض تغيير حقيقي في حال قرر نتنياهو أن يتملص مما يُطلب منه؟ وهل يملك الأخير في ضوء الحصار الداخلي والخارجي الذي يواجهه، القدرة على الرفض في حال فشله في المماطلة والتسويف؟ الإجابة تكمن في موازين القوة الحقيقية بين واشنطن وتل أبيب. فما دام كل طرف يراهن على أن الآخر لن يذهب إلى النهاية، فإن الحرب ستستمر. فهل ينوي ترامب فعلاً، أن "يذهب إلى النهاية"؟

مشاركة المقال: