السبت, 17 مايو 2025 12:22 AM

خطة شاملة لإعادة هيكلة الأمن في سوريا: الداخلية تكشف عن تغييرات جذرية في الجهاز الأمني

خطة شاملة لإعادة هيكلة الأمن في سوريا: الداخلية تكشف عن تغييرات جذرية في الجهاز الأمني

كشف مصدر خاص في وزارة الداخلية السورية لمنصة سوريا 24 أن الوزارة بدأت العمل على اعتماد هيكل تنظيمي جديد يهدف إلى إعادة ضبط الجهاز الأمني والشرطي وتحديثه بما يتماشى مع التحديات الميدانية والإدارية.

ويشمل التوجه الجديد تقسيم البلاد إلى خمسة قطاعات جغرافية رئيسية، يتولى الإشراف على كل منطقة معاون خاص لوزير الداخلية، يكون مسؤولًا عنها بشكل مباشر أمام الوزير، في خطوة تعكس تحولًا في بنية المؤسسات الأمنية بعد سقوط النظام.

التقسيم المقترح، بحسب المصدر، لا يغيّر من مركزية السلطة التي تبقى في دمشق، بل يأتي لأغراض تنظيمية تهدف إلى تسهيل إدارة العمليات الأمنية على الأرض. المناطق الخمس تشمل المنطقة الشرقية التي تضم الحسكة والرقة ودير الزور، والمنطقة الشمالية وتشمل حلب وإدلب، والمنطقة الساحلية التي تضم اللاذقية وطرطوس، والمنطقة الوسطى وتشمل حمص وحماة، والمنطقة الجنوبية التي تضم دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة.

تأتي الهيكلية الجديدة في أعقاب تنسيق مشترك بين الوزارة ووزارات الداخلية في كل من السعودية وقطر وتركيا، بهدف الاطلاع على التجارب الأمنية في هذه الدول وبحث سبل عقد شراكات معها. وفي إطار تحضيرات أوسع لتنفيذ هذه الخطة، بدأ وزير الداخلية سلسلة تعيينات استباقية شملت تعيين عبد القادر طحّان معاونًا للوزير للشؤون الأمنية، والمقدم شادي اليوسف معاونًا لشؤون الشرطة، إضافة إلى تولي زياد العايش منصب معاون الوزير للشؤون المدنية.

وعلى الرغم من أن الخطة لم تُعتمد رسميًا بعد، فإن مصادر مطلعة أكدت أنها في المراحل النهائية من المراجعة وقد يتم إقرارها قريبًا. ضمن عملية إعادة التنظيم، تعمل الوزارة على توحيد العديد من الإدارات الأمنية، حيث جرى دمج قيادة الشرطة مع مديريات الأمن العام في هيكل موحد تحت إشراف مسؤول واحد.

ومن المتوقع، بحسب المصدر، أن تكون إدارة الأمن العام والشرطة كيانًا مشتركًا بين وزارتي الداخلية والدفاع، على أن تبقى تحت الرقابة الكاملة لوزارة الداخلية. وهناك بحث في إمكانية ضم الشرطة العسكرية والأمن العسكري إلى هذه الإدارة الجديدة، في إطار عملية توحيد المنظومة الأمنية.

تزامنًا مع هذه التغييرات، أُنشئت إدارات جديدة، من بينها إدارة ملاحقة الخارجين عن القانون، التي ظهرت نتيجة الانفلات الأمني في الساحل، وتعاونت فيها الداخلية مع وزارة الدفاع لملاحقة فلول النظام السابق والمجموعات غير المنضبطة. كما استُحدثت إدارة قوات التدخل السريع، وهي قوة جديدة بلباس مميز ومركبات سوداء، مهمتها تنفيذ العمليات الخاصة والاستجابة الفورية للأحداث.

كما استمر العمل في تطوير الإدارات الكلاسيكية مثل المباحث الجنائية، والمرور، والسجون، ومكافحة المخدرات، والهجرة والجوازات، إلى جانب إدارات القوى البشرية، والتوجيه المعنوي، والتدريب والتأهيل، والمالية.

في الوقت نفسه، افتُتح معسكر تدريب خاص لإدارة حرس الحدود التي تنشط حاليًا على الحدود اللبنانية، وما زال باب الانتساب مفتوحًا أمام المتطوعين الجدد.

بالمقابل، لا تزال بعض الأجهزة الأمنية تعمل بشكل مستقل عن وزارة الداخلية، أبرزها جهاز الاستخبارات العامة الذي يتبع مباشرة لرئيس الجمهورية، ويترأسه حاليًا حسين السلامة، وجهاز مخابرات الأمن القومي، وهو الآخر مرتبط بالرئاسة ويعمل على ملفات الأمن الاستراتيجي.

وفي هذا السياق، كان وزير الداخلية أنس خطاب قد صرح في 16 نيسان 2025 بأن الوزارة تعمل على تطوير هيكليتها التنظيمية بما يتناسب مع الاحتياج والمهام، وأن العمل لا يزال جاريًا للوصول إلى بنية تنظيمية تغطي الحاجة وتُسهم في رسم علاقات واضحة بين الجهات التابعة للوزارة.

الوزارة بدأت أيضًا، بحسب المصدر، التواصل مع عدد من الضباط والعناصر المنشقين في السابق لإعادتهم إلى الخدمة في اختصاصاتهم ضمن الشرطة والأمن والمرور وغيرها، في محاولة للاستفادة من خبراتهم وسد النقص البشري. كما تم الإبقاء على بعض العناصر والضباط الذين لم ينشقوا خلال سنوات النظام، شريطة ألا يكونوا متورطين في انتهاكات أو جرائم بحق المدنيين، حيث شكّل وزير الداخلية أمس الخميس لجنة للنظر في إعادة ضباط وعناصر الشرطة المنشقين إلى أعمالهم.

كل هذه الترتيبات تشير إلى محاولة واضحة لإعادة تشكيل بنية الدولة الأمنية في سوريا، وسط بيئة لا تزال تتسم بعدم الاستقرار. وفي حين تبقى الخطة قيد الدراسة، فإن المؤشرات القادمة من داخل الوزارة توحي بأن اعتمادها بات وشيكًا، ما قد يفتح الباب لمرحلة جديدة من التنظيم الأمني وتنسيق الجهود بين المؤسسات المدنية والعسكرية.

مشاركة المقال: