الخميس, 1 مايو 2025 05:32 PM

دير الزور: "الجسر المعلق".. شاهد على تاريخ المدينة وجرح لا يندمل

دير الزور: "الجسر المعلق".. شاهد على تاريخ المدينة وجرح لا يندمل

حسام شاهين – دير الزور

لا يكاد أحد سكان مدينة دير الزور شرقي سوريا يتحدث عن ذكرياته في مدينته، إلا ويبدأ بسرد عشرات القصص عن الجسر المعلق، الذي يعتبر أبرز معالم المدينة المطلة على نهر الفرات. عُرفت محافظة دير الزور بلقب مدينة الجسور لكثرة الجسور المقامة فيها على نهر الفرات، لكنها تعرضت للتدمير خلال فترة سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عليها.

قصص الجسر المعلق في دير الزور تُروى ولا تُنسى. انهار الجسر، لكنه ترك جرحًا غائرًا في قلوب سكان الدير يشاركهم به كل من مر بهذه المدينة الجميلة وسار بخطواته أو حتى داخل مركبته فوق جسرها الذي ربما كان ذات يوم أشهر جسور سوريا وأجملها.

عمر الجسر المعلق

تربع الجسر المعلق عقودًا لامست التسعة على نهر الفرات، أكبر أنهار سوريا، وربط بين ضفتيه. بدأ بناؤه عام 1927 عندما كانت البلاد تخضع لسلطة الانتداب الفرنسي، لكن ذلك الصرح الهندسي لم يكمل قرنًا من الزمن حتى طالته الآلة العسكرية لنظام الرئيس السابق بشار الأسد.

يقول عبد اللطيف العاني (50 عامًا) من سكان مدينة دير الزور لنورث برس، إنه كان يرى الجسر المعلق رمزًا من رموز المدينة، مضيفاً: "انهياره ترك أثرًا بالغًا، إذ أحس سكان دير الزور أنهم فقدوا شيئًا ثمينًا ما كان لينحصر فقط بوصفه وسيلة للعبور والتنقل بين ضفتي الفرات شرقه وغربه".

ويشير إلى أنه عاصر عدة أجيال من أشكال وأنواع المركبات التي مرت على الجسر المعلق بدءًا من الشاحنات القديمة والطنابر التي تجرها الحيوانات، انتقالًا للمركبات الحديثة التي تحمل البشر ومختلف أنواع البضائع على متنها.

فيما يقول ماجد العلي من سكان مدينة الموحسن بريف دير الزور الشرقي، إنه توجه فور عودته إلى المنطقة بعد سقوط النظام السوري في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى الجسر المعلق كأهم معلم يريد أن يراه بعد أن عاد إلى المدينة.

ويضيف أن خبر قصف الجسر وانهياره كان بمثابة الحادث الجلل والمصيبة العظيمة التي وقعت في قلب كل من سكن دير الزور أو مر بها، مشيراً أنه حزن كثيرًا عندما تلقى نبأ انهياره.

ويدعو الشاب (العلي) الحكومة السورية الجديدة وحتى رجال الأعمال الذين ينحدرون من دير الزور ويملكون المال أن يساهموا في إعادة بناء الجسر المعلق وإعادته إلى سالف عصره، ويصف ذلك بأنه واجب أخلاقي تجاه أهم معالم المدينة.

استهداف الجسر المعلق

طوال الفترة الأولى من الحرب في سوريا التي بدأت بعد الاحتجاجات الشعبية عام 2011 ضد نظام الأسد، تعرض الجسر لعدة ضربات عسكرية نتيجة المعارك بين قوات النظام السابق وفصائل معارضة، كان أقواها في أيار/ مايو عام 2013، عندما أصيبت الدعامة الثالثة للجسر بقذائف مدفعية، بحسب سكان محليين.

وتسببت القذائف المدفعية بانهيار الجسر بشكل كامل، بعد انقطاع الأسلاك المعدنية التي تحمل جسم الجسر وتصل بين الدعامات الخرسانية.

وأشرف على بناء الجسر المعلق المهندس الفرنسي مسيو فيفو، فيما تعهدت بناءه الشركة الفرنسية للبناء والتعهدات واستمر العمل فيه بدءًا من العام 1927 حتى العام 1931.

يبلغ طول الجسر 450 متراً وعرضه أربعة أمتار، ويصل ارتفاع كل دعامة خرسانية حتى 36 مترًا وأنير بالكهرباء عام 1947، ومنع سير السيارات عليه منذ العام 1980 بسبب الخوف من انهيار الجسر بسبب الحمولة الزائدة، ومذ ذلك الحين استخدم السكان جسر استحدث على مسافة قريبة من المعلق حمل اسم "جسر السياسية"، وهو المدخل الرئيسي للمدينة من الريف الشمالي لداخلها الذي دمر عام 2014 وبذلك قُطعت دير الزور عن ريفها الشمالي (منطقة الجزيرة) بالكامل.

وكانت تضم دير الزور /26/ جسراً منها/14/ جسراً على نهر الفرات، و/12/ جسراً على الوديان السيلية، وكان جسرا "إيمان حجو" و"كنامات" الواقعان على الفرع الصغير لنهر الفرات قد دمرا أيضاً مطلع عام 2013.

وكان لتدمير الجسور أثر على الحركة بشكل عام، حيث فصل ضفتي النهر وأعاق حركة مرور المدنيين كما أسهم في تضيق الحصار الاقتصادي على المدينة إبان سيطرة تنظيم "داعش" مانعاً دخول الخضار والمواد الغذائية من وإلى المدينة.

ويلجأ الديريون اليوم للسفن الصغيرة والتي أطلقوا عليها اسم "العبارات" للانتقال بين ضفتي النهر لعدم البدء بترميم وتشييد الجسور, باستثناء الجسر العائم الذي يربط بين ضفتي النهر من "المريعية" إلى "مراط" بست قرى وهي (الصالحية، الحسينية، حطلة، خشام، الطابية, ومراط) ويبلغ طوله /145/ متراً وعرضه /8/ أمتار وحمولته /60/ طن.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: