الأحد, 20 أبريل 2025 11:11 AM

ركود يخيّم على سوق العقارات في دمشق: الأسعار تهوي وسط عزوف عن الشراء

ركود يخيّم على سوق العقارات في دمشق: الأسعار تهوي وسط عزوف عن الشراء

تشهد سوق العقارات في دمشق وضواحيها جمودًا ملحوظًا في عمليات بيع وشراء الشقق السكنية، خاصة بعد سقوط نظام الأسد، وتوقف الدوائر الحكومية عن إجراء معاملات التسجيل والفراغ العقاري ونقل الملكية منذ 8 كانون الأول 2024.

أثرت قلة السيولة النقدية وتذبذب سعر صرف الدولار على أسعار العقارات منذ التحرير، حيث تحدد قيمة العقارات بالدولار. وبحسب رصد "عنب بلدي" عبر مكاتب عقارية في دمشق، انخفضت أسعار العقارات السكنية إلى النصف تقريبًا، وسط عزوف عن الشراء. فالبيت الذي كان سعره 500 مليون ليرة سورية (حوالي 50 ألف دولار أمريكي) انخفض إلى 300 مليون ليرة، وهناك بيوت لا تتجاوز أسعارها 150 مليون ليرة. أما الغرف مع المنافع، فقد انخفض سعرها من 100 مليون إلى 50 مليون ليرة، وفقًا لمحمد علي، صاحب مكتب عقاري في منطقة "المزة 86".

ذكر صاحب المكتب العقاري أن أسعار المنازل وصلت إلى أرقام قياسية في الأحياء العشوائية قبل سقوط النظام، مسجلة أسعارًا تصل إلى 500 مليون ليرة وأكثر، حسب الموقع والمساحة. ورغم الجمود في حركة البيع والشراء، تشهد إيجارات المنازل في سوريا، وخاصة في المدن الكبرى، ارتفاعًا مستمرًا مدفوعًا بعوامل اقتصادية ومعيشية. سابقًا، ومع ازدياد معاناة الأهالي في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام وزوال الأمل بتحسن الأوضاع، كثر العرض على البيوع العقارية لمساعدة الأبناء على الخروج من سوريا، مما أدى إلى انتعاش حركة البيع.

أسباب الجمود

أوضح الباحث الاقتصادي خالد التركاوي لـ"عنب بلدي" أن الجمود لا يقتصر على سوق العقارات، بل يشمل السوق بأكمله، ويعود سببه إلى تأرجح سعر الليرة السورية مقارنة بالعملات الأجنبية.

وأضاف أن تريث الناس قبل البيع والشراء يؤثر على جمود سعر العقارات بسبب عدم استقرار السوق، وتمهل الملاك في عمليات الإكساء تفاديًا للخسارة الناتجة عن تذبذب قيمة العملة، وتوقف الدوائر المسؤولة عن إجراءات الفراغ العقاري. وأشار التركاوي إلى أن تجار العقارات ظنوا بعد سقوط النظام أن المهجرين العائدين سيشترون العقارات، لكن لا حركة بهذا الاتجاه.

كشف ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا، عن عودة 270 ألف لاجئ سوري منذ سقوط نظام الأسد، وأن عددًا أكبر يخطط للعودة في العام المقبل. وأشار عبر منصة "إكس" إلى أن أكثر من ربع اللاجئين السوريين يخططون للعودة خلال الـ 12 شهرًا المقبلة لإعادة بناء حياتهم.

عزوف عن الشراء

أحمد علي، شاب التقى به فريق "عنب بلدي"، قال إن جمود سوق العقارات يثير الخوف لدى المشتري، مشيرًا إلى نيته شراء محل تجاري في منطقة المزة، لكنه يفضل التمهل حتى يستقر سعر الصرف، خوفًا من انخفاض سعر العقار في الأيام المقبلة.

ورغم تراجع سعر الدولار، واتباع نهج اقتصاد السوق الحر، وانخفاض الأسعار بشكل ملحوظ، فإن أسعار العقارات مرشحة لمزيد من الاضطراب والتأرجح لعدم وجود ضوابط، وغموض السوق، والقلق العام من الأوضاع الأمنية. وأكد الباحث الاقتصادي خالد التركاوي على أهمية عاملي العرض والطلب في تحديد أسعار العقارات. فعندما يكون الطلب أعلى من العرض، ترتفع الأسعار، والعكس صحيح. وأوضح أن القصف قبل سقوط النظام أجبر عائلات على بيع عقاراتها للسفر، مما أدى إلى انخفاض الأسعار.

شقق في دمشق بأسعار تضاهي مدنًا أوروبية

تصل أسعار الشقق السكنية في أحياء مثل "أبو رمانة" و"المالكي" إلى عشرات المليارات من الليرات السورية، مما يثير استغراب المحللين الاقتصاديين، فهي تضاهي أسعار الشقق في عواصم أوروبية أو مدن مثل دبي.

قال مصطفى محمد، صاحب مكتب عقاري في منطقة التضامن، إن أسعار الشقق في "أبو رمانة" و"المالكي" تتراوح بين مليار و30 مليار ليرة سورية (100 إلى 300 ألف دولار أمريكي)، حسب الموقع والمساحة. وذكر أن الأسعار قبل سقوط النظام كانت تبدأ من مليار ونصف وتنتهي بـ 45 مليار ليرة. وانخفض سعر الشقة في مشروع دمر وضاحية قدسيا ليتراوح بين مليار ومليار ونصف مليار ليرة سورية، وكان السعر يتراوح بين مليارين ومليارين ونصف مليار ليرة سورية.

ما المطلوب من الحكومة الجديدة

أكد الباحث الاقتصادي خالد التركاوي دور الحكومة في تحديد سياسات عقارية تناسب الواقع، وجعل سعر العقارات مقبولًا من خلال قوانين التنظيم العقاري، وأن تكون الأسعار واضحة للزبائن عند بيع أو شراء عقار أو حتى لاستعادة البيوت التي سُلبت من أهلها أيام النظام السابق. ولفت التركاوي إلى أهمية موضوع التأمين العقاري لضمان سلامة أوراق العقار القانونية والترخيص، لتجنب المعوقات عند تثمينه. ونوه إلى أن الحكومة يمكن أن تساعد المواطنين في موضوع القروض العقارية، من خلال منح قرض إصلاح المنزل، وتشجيع المؤسسات العقارية على الدخول من أجل البناء في مناطق ريفية.

في عهد النظام السابق، كان توثيق العقود يواجه إشكاليات، وربما المنع من السكن. ووفق منظمة "سوريون من أجل العدالة والحقيقة"، كانت الموافقة الأمنية شرطًا لتنظيم عقد الإيجار، مما يعطل بنود القانون وإمكانية تسجيل العقود. وبحسب المنظمة، فإن كل عقد إيجار ينظم لدى الجهة الإدارية كان يتم تحويله إلى الجهات الأمنية المختصة لإعطاء الموافقة عليه أو رفضه.

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

مشاركة المقال: