تعاني قرى ريف حماة الغربي من أوضاع خدمية كارثية، في ظل غياب شبه كامل لمؤسسات الدولة وانعدام معظم الخدمات الأساسية، ما جعل حياة المواطنين في هذه المنطقة صعبة للغاية، بل وشبه مستحيلة في بعض الأحيان.
غياب كافة مقومات الحياة
أعرب فيصل الشيخ، أحد أبناء قرية “مزرعة الخلاوي” الواقعة شمال بلدة كفر نبودة، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، عن معاناة الأهالي من الواقع المأساوي الذي يعيشونه، مشيرًا إلى أن الحياة في تلك المنطقة فقدت معظم مقوماتها الأساسية.
وقال:
“نعاني من غياب كافة مقومات الحياة، فالبناء 90% مدمر، ولا يوجد عندنا لا خبز ولا ماء أو حتى خدمات صرف صحي، إضافة إلى عدم وجود المدارس الصالحة للعملية التعليمية في مناطقنا، أو جامع مؤسس بشكل صحيح”.
وأضاف:
“يمشي طلاب المدارس مسافة ثلاث كيلومترات ذهابًا وإيابًا ليتمكنوا من الدراسة. لا توجد لدينا أي من الخدمات الأساسية”. يكشف كلام الشيخ عن حجم المعاناة التي يعيشها سكان القرى الصغيرة والمزارع المتفرقة في ريف حماة الغربي، حيث يفتقر السكان إلى أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء وتعليم وصحة، ويضطرون إلى اعتماد حلول بدائية للبقاء على قيد الحياة.
وضع يوصف بـ”المأساوي”
من جهته، أكد خزامى الحموي، الناشط الإعلامي من سهل الغاب، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن الوضع في الريف الغربي لحماة يوصف بالمأساوي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ولفت إلى أنه خلال أشهر طويلة من العمل الميداني وتوثيق الحالات، تبين له مدى خطورة الوضع الخدمي في القرى والبلدات هناك.
وقال الحموي:
“من خلال ما رصدته بعدستي، وما وثقته خلال شهور طويلة من العمل على الواقع الخدمي في ريف حماة الغربي، يمكنني القول إن الوضع مأساوي بكل معنى الكلمة. تعاني القرى من انهيار شبه كامل للبنية التحتية، من شبكات المياه والكهرباء إلى الطرقات التي أصبحت غير صالحة للسير”.
وأشار إلى أن الأهالي يعيشون ظروفًا قاسية في ظل غياب مشاريع الصيانة وإعادة الإعمار، ويعتمدون على حلول بدائية لتأمين احتياجاتهم اليومية مثل استخدام الآبار العشوائية أو التنكة لتأمين مياه الشرب، والتي غالبًا ما تكون غير صالحة للاستعمال البشري.
وأكد الحموي أن تفاقم الوضع يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى الماء وتزايد خطر انتشار الأمراض نتيجة سوء الصرف الصحي وسوء الظروف المعيشية العامة.
وبيّن أن القطاع التعليمي والعاملين فيه يعانون أيضًا، إذ يضطر الطلاب إلى السفر لمسافات طويلة لاستكمال دراستهم، في ظل عدم توفر مدارس داخل قراهم أو بسبب تدمير البنية التحتية لها.
وخلص الناشط الإعلامي في حديثه إلى الجهات المسؤولة بالقول: “ريف حماة الغربي اليوم بحاجة ماسة إلى تدخلات عاجلة وأعمال إنسانية حقيقية. لقد طفح الكيل لدى الأهالي، ولا يمكنهم التحمل أكثر من ذلك”.
تعاون بين الجهات الخدمية والمحلية
على الجانب الآخر، أعرب فايز لطوف، مدير منطقة السقيلبية، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، عن وجود “تحسن محدود” في الوضع الخدمي خلال الفترة الأخيرة، نتيجة التعاون بين عدد من الجهات المحلية والجهود الذاتية للمجتمع المحلي.
وقال لطوف: “شهد الواقع الخدمي تحسنًا محدودًا على مختلف المستويات، وعملنا بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية على إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، مع إعطاء أولوية لقطاعات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم”.
وأوضح أن إعادة تأهيل شبكات الكهرباء واجهت صعوبات كبيرة، منها حالة بعض القرى التي تم فيها سرقة شبكات الكهرباء بالكامل، مما استدعى إعادة تركيبها من جديد، وهو ما أخذ وقتًا وجهودًا مضنية.
أما فيما يتعلق بمياه الشرب، فأشار إلى أن الفرق قامت بإصلاح عدد من محطات الضخ والآبار ذات الضرر الجزئي، وذلك عبر مبادرات محلية ودعم فني محدود، لكنها لم تشمل جميع المناطق.
وعن قطاع التعليم، أفاد لطوف بأن عددًا كبيرًا من المدارس قد تم تقييم حالاتها، سواء المتضررة كليًا أو جزئيًا، وجرى العمل على إعداد دراسات لإمكانية إعادة تأهيلها، بالإضافة إلى تأمين الكوادر التدريسية اللازمة لضمان استمرارية العملية التعليمية.
وفي المجال الصحي، قال مدير المنطقة إن المراكز الصحية المتضررة تم تقييمها، وتم توفير خدمات إسعافية أولية، في حين ما زالت تحتاج إلى عمليات إعادة تأهيل شاملة لتلبية احتياجات السكان.
وأشار إلى أن الجهود شملت أيضًا إزالة السواتر الترابية المنتشرة في العديد من المناطق، بالإضافة إلى دراسة مشاريع لترحيل الركام من الطرق الرئيسية والفرعية، بهدف ربط القرى ببعضها البعض وتسهيل حركة المواطنين.
وأكد لطوف أن الجهود ما زالت مستمرة، رغم المصاعب المالية واللوجستية، مشددًا على أن أهالي سهل الغاب يتمتعون بإرادة قوية وقدرة عالية على التحمل، وهو ما يدفع الجهات المحلية إلى الاستمرار في تقديم ما يمكن تقديمه رغم الشح الكبير في الإمكانيات.
ورغم بعض المؤشرات الطفيفة على التحسن، فإن الواقع الخدمي في ريف حماة الغربي لا يزال يصنف ضمن الأسوأ على مستوى المحافظات السورية، إذا لم يكن الأسوأ على الإطلاق.