الإثنين, 17 نوفمبر 2025 10:19 PM

سوق السيارات المستعملة في حلب يعاني التخبط بعد قرار وقف الاستيراد: التجار يتحدثون عن ارتفاع الأسعار وتراجع المبيعات

سوق السيارات المستعملة في حلب يعاني التخبط بعد قرار وقف الاستيراد: التجار يتحدثون عن ارتفاع الأسعار وتراجع المبيعات

نور الدين عمر – حلب

في أحد معارض السيارات بحي الشعار في مدينة حلب، يواجه عبد الرحمن شلاش (34 عاماً) تحديات كبيرة بسبب تباطؤ المبيعات. يقف أمام مجموعة من السيارات المعروضة التي لم تجد مشترين منذ أشهر، ويشير إلى إحداها قائلاً لنورث برس: "قبل صدور القرار، كنا نبيع سيارة أو اثنتين يومياً، أما الآن، فالسوق متوقف تماماً. الأسعار ارتفعت، والحركة التجارية ضعيفة جداً".

تعكس تجربة شلاش وضعاً مماثلاً يعيشه المئات من التجار في المدينة، وذلك عقب قرار وزارة الاقتصاد والصناعة السورية الصادر في 29 حزيران/ يونيو 2025، والذي يقضي بوقف استيراد السيارات المستعملة، المعروفة محلياً بالسيارات الأوروبية، باستثناء بعض الفئات كالشاحنات وحافلات نقل الركاب الكبيرة وفق شروط معينة، مع السماح باستيراد السيارات الجديدة التي لا يتجاوز عمرها سنتين فقط.

هزة في السوق

يؤكد شلاش أن القرار أدى إلى "إيقاف المنافسة في السوق"، موضحاً أنه "قبل صدوره، كانت تتوفر سيارات مستعملة بأسعار معقولة، بينما اليوم، الأسعار متقاربة بين جميع التجار، ولا يوجد تجديد في المعروض". ويضيف: "في البداية، تخوف الناس من ارتفاع الأسعار، مما أدى إلى إقبال كبير، ولكن بعد فترة، ارتفعت الأسعار فعلياً بنحو أربعة آلاف دولار للسيارة الواحدة، بسبب احتكار بعض التجار الذين رفضوا البيع بحجة عدم وجود بديل".

ويشير شلاش إلى أن هناك عدداً من السيارات ما زال ينتظر السماح بدخولها عبر معبر نصيب، موضحاً أن "هذه السيارات تم شحنها قبل صدور القرار، وإذا سُمح بدخولها، فسيؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى". ويطالب الحكومة بإعادة فتح باب استيراد السيارات وتخفيض الرسوم الجمركية، قائلاً: "إذا عاد الاستيراد كما كان، ستنخفض الأسعار إلى النصف تقريباً، وتصبح السيارات في متناول مختلف فئات المجتمع".

كما نفى التاجر ما يتردد عن دخول سيارات "مغرقة في مياه البحر" إلى السوق السورية، مؤكداً أن "عدد السيارات التي غرقت في دبي لا يتجاوز 2500 سيارة، بينما دخل إلى سوريا عدد أكبر بكثير، وجميعها نظامية وخالية من العيوب".

توجه نحو السيارات الجديدة

من جهة أخرى، يرى عبد الله محمد (55 عاماً)، وهو صاحب معرض سيارات أيضاً، أن السوق شهد ارتباكاً مؤقتاً بعد صدور القرار، قبل أن يبدأ بالاستقرار تدريجياً. ويقول محمد لنورث برس: "عند صدور القرار، انقسم الناس بين من خاف من الارتفاع فسارع للشراء، ومن توقع الانخفاض فانتظر. الأسعار ارتفعت بين 500 و1000 دولار في البداية، ثم استقرت بعد فتح باب التسجيل الإلكتروني للاستيراد الذي وصل إلى 250 ألف تسجيل، واستمر إدخال السيارات لشهرين أو ثلاثة أشهر".

ويضيف أن "السوق الآن يتجه نحو السيارات الجديدة (الزيرو)، خاصة مع توجه الحكومة لفتح وكالات بيع بالتقسيط، بينما ضعف الطلب على السيارات المستعملة". ويرى محمد أن المشكلة لا تقتصر على القرار فحسب، بل تشمل ضعف البنية التحتية، قائلاً: "إذا قارنا عدد السيارات في سوريا بدول أصغر مثل البحرين أو قطر، سنجد أن العدد أقل بكثير رغم أن سوريا أكبر مساحة وأكثر سكاناً. والسبب هو أن طرقنا متهالكة. ففي حلب مثلاً، هناك 13 دواراً ولا يوجد إلا عدد محدود من الأنفاق". ويختتم حديثه بمناشدة الحكومة "إعادة تأهيل الطرق وتوسيعها لتخفيف الازدحام ومواكبة الزيادة في عدد السيارات".

من جانبها، أوضحت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن قرار وقف استيراد السيارات المستعملة جاء ضمن خطة لترشيد الإنفاق وتنظيم عملية الاستيراد بما ينسجم مع أولويات المرحلة الحالية، في ظل الضغوط الاقتصادية ونقص القطع الأجنبي. وأكدت الوزارة أن الهدف من القرار هو "منع دخول السيارات ذات المواصفات الرديئة أو المتضررة خارج البلاد، والحد من ظاهرة التهريب وتزوير الوثائق، إضافة إلى تجديد أسطول النقل وتحسين السلامة العامة وتقليل التلوث البيئي".

حاولت نورث برس التواصل مع إدارة الجمارك في حلب لمعرفة أعداد السيارات التي دخلت البلاد منذ بداية التحرير، إلا أن الجمارك لم تقدم حتى الآن رقماً ثابتاً بهذا الشأن.

ويرى مراقبون أن القرار، رغم مبرراته الاقتصادية، تسبب بتباطؤ حركة السوق وارتفاع الأسعار، خاصة في المناطق الشمالية التي تعتمد بشكل كبير على تجارة السيارات المستعملة.

أما التجار، مثل عبد الرحمن شلاش، فلا يزالون يأملون في تغيير قريب، على حد قوله: "نحن لا نطلب إلا أن يعود السوق كما كان… حركة، منافسة، وأسعار بمتناول الجميع".

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: