يستعد صيادو محافظة الحسكة لموسم صيد الطير الحر، وهو تقليد سنوي بدأ منذ العشرين من شهر آب الماضي، يمزج بين الشغف والخبرة التي تناقلتها الأجيال.
يؤكد الصياد حمادة سنجار في حديث لـ”سوريا 24” أن الصيد تحول من مجرد هواية إلى مهنة تعتمد على الخبرة والصبر والجهد المتواصل، على الرغم من التحديات الاقتصادية والتنظيمية التي تواجههم.
البداية منذ الصبا
يقول سنجار: “بدأت ممارسة الصيد في سن الرابعة عشرة، ومع مرور الوقت، تحولت الهواية إلى شغف ثم إلى مهنة متكاملة. تعلمت أصول الصيد على يد عمي الراحل أحمد السنجار، الصياد الأول في عائلتنا، الذي ورثنا حب البر والطير.”
ويضيف: “نحن كصيادين، لا ننتظر بداية الموسم للاستعداد، بل نبدأ التحضيرات منذ أواخر شهر آب، من خلال تجهيز المعدات، وتنظيم الوقت، وتكريس الجهود للصيد. فالصيد ليس مجرد نشاط ترفيهي، بل هو طقس متكامل يشمل تجهيز شباك الصيد، وإعداد الطُّعْم، والتحضير لكل التفاصيل الدقيقة التي تساهم في نجاح الموسم.”
موسم الطير الحر
يبدأ موسم صيد الطير الحر عادة في العشرين من آب ويستمر حتى منتصف كانون الثاني تقريبًا. خلال هذا الموسم، يظل الصيادون متيقظين، يراقبون السماء بصبر، ويركزون على اقتناص أي فرصة لصيد الطيور.
ويوضح سنجار: “يتميز الطير الحر بجناحه الحاد الذي يشبه الرقم (4)، وبجسمه الانسيابي الذي يذكّر بالحربة أو السكين. ومن أبرز أنواع الطيور التي نصطادها: الصقر الحر، والشاهين. ويمكن تمييز كل نوع من طريقة الطيران، وشكل الجسم، والعين، وحتى الصوت.”
أدوات وتقنيات الصيد
يشير سنجار إلى أهمية “النَّكْل” أو ما يُعرف بـ”الباشق”، وهو طائر صغير يتم تدريبه بطريقة خاصة. ويوضح: “نقوم بتغطية عينيه جزئيًا، ونضع تحت جناحه طائرًا ميتًا على الشبك لجذب الطيور الكبيرة، مثل الطير الحر أو الشاهين، حيث يظنان أنها فريسة سهلة، وفي تلك اللحظة تتم عملية الصيد.”
التحديات الاقتصادية والقانونية
يضيف سنجار: “الصيد ليس مجرد حظ أو مهارة، بل يتطلب موارد مادية وجهدًا كبيرًا. يحتاج الصياد إلى سيارة، ومعدات، ورفقة لمساعدته، بالإضافة إلى تكاليف الوقود، والطعام، ومستلزمات الرباط. وغالبًا ما نمضي ساعات طويلة من طلوع الشمس حتى غروبها دون صيد أي طير، لذلك فالصبر عنصر أساسي.”
ويشير إلى الجانب القانوني: “يجب على الصيادين الحصول على تراخيص رسمية من الإدارة المعنية، ما يتيح لهم الحركة ضمن مناطق الصيد بشكل قانوني، ويساعد في تنظيم المهنة، والحد من الصيد العشوائي.”
الصيد متعة وراحة نفسية
يختتم سنجار حديثه بالقول: “الصيد أكثر من مجرد مهنة أو مصدر رزق، إنه متعة وراحة نفسية. حين نتواجد في البر، بعيدًا عن ضجيج الحياة، نشعر بالحرية والسكينة، وكأننا عدنا إلى أصل الطبيعة. قد يتحقق أحيانًا ربح مادي من صيد الطير، لكن القيمة الحقيقية تكمن في الشغف والصبر الذي يعلّمه الصيد.”