مع نهاية شهر أيلول وبداية تشرين الأول، طوت مدينة طرطوس صفحة موسم الاصطياف الذي كان بمثابة ملتقى للحضارة والتاريخ. لقد كانت أيام الموسم بمثابة احتفال حي في أرجاء المدينة والريف، حيث امتزجت الفنون والثقافة والتراث والرياضة، لتؤكد طرطوس مجددًا قدرتها على استيعاب الفرح رغم كل الصعاب.
شهدت طرطوس خلال الموسم برنامجًا حافلًا بالأنشطة والفعاليات. فقد قدمت المعارض الحرفية والتراثية للزوار لمحة عن تاريخ المنطقة الغني بالصناعات اليدوية والموروث الشعبي. كما استضافت الساحات العامة أمسيات موسيقية وغنائية ومسرحية، أضفت البهجة على الحاضرين، وأتاحت الفرصة للأصوات المحلية للتعبير عن تنوع الثقافة السورية. ولم يغب الجانب الرياضي عن المشهد، حيث تم تنظيم ماراثونات سياحية وفعاليات شبابية جمعت العائلات وأكدت أن السياحة ليست مجرد استجمام، بل هي نمط حياة صحي.
لم تقتصر هذه الفعاليات على كونها برامج ترفيهية، بل عكست صورة طرطوس كوجهة سياحية متكاملة تتجاوز البحر. فقد انتقل الزوار من الشواطئ الرملية الذهبية إلى المواقع الأثرية في عمريت، ومن أزقة المدينة القديمة إلى الأديرة والكنائس والجبال الخضراء، ليحظوا بتجربة سياحية متنوعة وفريدة.
الجدير بالذكر في موسم الصيف السياحي هذا العام هو الدور الفعال الذي لعبه المجتمع المحلي، من متطوعين وحرفيين وفنانين وأصحاب منشآت سياحية. لقد ساهم الجميع في خلق هذا المشهد الاحتفالي، مما أعطى انطباعًا بأن طرطوس مدينة تفتح أبوابها بحب وتشارك زوارها تفاصيل حياتها اليومية.
لم يكن ختام الموسم مجرد وداع، بل كان بمثابة وعد بأن تظل طرطوس مدينة سياحية على مدار العام، وأن تستثمر جمالها الطبيعي وعمقها التاريخي لتقديم تجربة لا تُنسى. فالرسالة التي يحملها هذا الموسم هي أن السياحة ليست موسمًا مؤقتًا، بل مشروع مستدام يمكن أن يكون رافعة اقتصادية وثقافية للمحافظة والبلاد.
قد تنتهي فعاليات "موسم الصيف السياحي"، لكن ذكراها ستبقى حاضرة: ضحكات الأطفال في الساحات، صور العائلات على الكورنيش البحري، خطوات العدائين في الماراثون، وأصوات الموسيقى التي امتزجت مع صوت الأمواج. كل ذلك يروي قصة مدينة تعرف كيف تبقى حية، وتستمد قوتها من بحرها وتاريخها وأهلها. طرطوس اليوم لا تنهي موسمًا سياحيًا فحسب، بل تعلن بداية مسار طويل نحو مستقبل سياحي واعد، يجعلها واحدة من أبرز المحطات على الخريطة السورية.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)