استضاف المركز الثقافي في المزة مساء أمس محاضرة بعنوان "من ذاكرة دمشق"، قدمها الباحث في التراث الدمشقي عماد الأرمشي. استعرض الأرمشي خلال المحاضرة أبرز المحطات التاريخية والمعاصرة لدمشق، مع إشارة إلى التغيرات العمرانية التي شهدتها المدينة في العقود الأخيرة. أدار الحوار الدكتور أنس تللو.
تناول الأرمشي صفحات مشرقة من تاريخ دمشق العتيقة، وتوقف عند أزقتها القديمة، وأوابدها التاريخية، وعاداتها الاجتماعية، وأصالة أهلها، والإرث الحضاري الغني الذي تختزنه المدينة.
كما تحدث عن سنوات طفولته في حي المزة العريق، وأشار إلى العوامل التي ساهمت في تراجع المساحات الخضراء لصالح الكتل الإسمنتية، معبراً عن أسفه للتغيرات العمرانية التي طالت أحياء ساروجة والميدان والصالحية وغيرها، بالإضافة إلى الإهمال الخدمي والحكومي في عهد الأسد البائد وتهميش التراث والأوابد التاريخية والمعالم الأثرية.
وتطرق الأرمشي إلى الآثار السلبية لمخطط "إيكوشار" الذي اعتمده نظام الأسد سابقاً لإجراء تغييرات عمرانية في دمشق، مما أدى إلى تقسيم المدينة والعبث بعمرانها وطمس معالمها، كما ظهر في مناطق العدوي والكباس وأراضي كيوان التي كانت تغطيها مساحات خضراء واسعة. وأكد على ضرورة تلافي هذه الأخطاء وعدم السماح بأي اعتداء على المساحات الخضراء المتبقية في دمشق وريفها.
وانتقد أيضاً المشاريع التنموية التي تبنتها أجهزة الأسد سابقاً، والتي لم تجلب للمدينة سوى الخراب والتشويه ونزعت روح الأصالة منها. وأوضح أنه يعمل بالتعاون مع فريق تطوعي لإعداد موسوعة توثق تاريخ دمشق، وقد تم الانتهاء من جزء كبير منها، وتتضمن صوراً وخرائط توضيحية وبيانات تفصيلية، وذلك بعيداً عن أي دعم حكومي، معرباً عن أمله في أن تتبنى المؤسسات الحكومية هذا المشروع لما له من فوائد.
وتضمن اللقاء تقديم مقطوعات دمشقية تراثية للراحل أبو خليل القباني بواسطة أعضاء فرقة "صوت النور"، في عرض يمثل جزءاً من ذاكرة الفن الدمشقي.
وفي ختام المحاضرة، شارك عدد من الباحثين والمهتمين بالتراث بمداخلات عبروا فيها عن اعتزازهم بتاريخ دمشق وأهمية حماية موروثها الحضاري والحفاظ على طابعها الأصيل.
مصعب أيوب