في منتصف آذار من عام 2014، تحولت محاولة يائسة لثلاثة رجال من حمص لإنقاذ عائلاتهم والفرار بهم إلى الأردن، إلى فصل جديد من فصول المعاناة في المعتقلات السورية. الضحايا، وهم أنس حسون (في الثلاثينيات)، وماهر حسون (في الخمسينيات)، وباسل بيرقدار، قضوا نحبهم في ظروف مروعة.
يروي طارق شيخو، الذي كان معتقلاً معهم في "الزنزانة رقم 3" بدمشق، تفاصيل هذه المأساة. بدأت القصة بخيانة مهرب اتفقوا معه على تهريبهم عبر الحدود من السويداء، لكنه قادهم بدلاً من ذلك إلى مقر "الدفاع الوطني" حيث تم تسليمهم لقوات النظام.
بعد نقلهم إلى دمشق، تعرف شيخو في الزنزانة على ماهر حسون، الذي وصفه بأنه "الرجل الظريف الطيب"، والذي يجسد صفات "الرجل الحمصي الذي نقرأ عنه في كتب الأدب"، من خفة الظل وحلاوة اللسان. لم يمض وقت طويل حتى استدعي ماهر للتحقيق والتعذيب على يد المحقق "أبي يوسف". عاد ماهر يحمل آثار التعذيب الشديد، ولم يتمكن من الصمود أكثر من ساعتين أو ثلاث قبل أن يفارق الحياة.
أما الشاب أنس حسون، فقد تعرض لضرب مبرح على ذراعيه، مما أدى إلى نزيف داخلي وتحول يديه إلى ما يشبه "رجل الفيل" من التورم واسوداد الجلد نتيجة تعفن الدم. كان أنس يتألم بشدة، لكن قلبه كان معلقاً بابنته، مردداً: "بدي بس شوف بنتي". استمر أنس في مقاومة الألم والتعفن حتى استشهد في الخامس من نيسان 2014، قبل يوم واحد من إطلاق سراح شيخو.
على الرغم من ضخامة جسد باسل بيرقدار وقوته التي ساعدته على تحمل التعذيب الأولي، إلا أن مرضاً جلدياً غريباً بدأ على شكل "حبة صغيرة" في بطنه، وتفاقم الأمر بسبب الحك وقلة الرعاية حتى "أكلت نصف بطنه". الألم الشديد وقلة النوم أديا به إلى فقدان عقله، حتى سقط ميتاً بعد أيام قليلة.
يختتم طارق شيخو شهادته المؤلمة بالتأكيد على تواصله مع عائلات الشهداء الثلاثة في عام 2015، حيث كانوا يتعرضون لمحاولات ابتزاز من سماسرة المعتقلين. وقد روى لهم قصتهم كاملة، راجياً إياهم أن يتجنبوا تجار الموت ويدعوا للشهداء بالرحمة.
زمان الوصل